قصة قصيرة)
[c1] عبدالاله سلام الأصبحي الإهداء إلى الأخ / عبد السلام عبده سعيد [/c]تداخلت الأفكار لديه وهي لا تريد أن تنفك عن ملازمته .أفكاره تقوده إلى مكان يريح بها نفسه في هذه الساعة و الناس في هذه الظهيرة ينظرون إلى أحوالهم التي يرثى لها .. تناول وجبة الغداء وقرر أخيراً زيارة المدينة القديمة بدأت الشمس تحجب ضوءها والناس لا هم لهم سوى مضغ القات وإلقاء بقايا المخلفات إلى الشارع .. سيارات تمر من جانبه مسرعة.. والموتر سيكل يجرف ما يجد أمامه لا يهمه من القادم .. الناس بلهاء في هذه الساعة بعد مضغ القات المختلفة أصنافه .. بدأت الشمس بالاحتجاب من شدة الغبار الملتصق بها من شدة الحرارة وعدم هطول الأمطار .. الجبل المثقل بالغبار تراه هامداً من كثرة ما لصق به من أتربه ، البائعون المتجولون يقطعون الطريق بعربياتهم اليدوية إلى باب المدينة ، يحملون فاكهة الصيف العالقة بالغبار وقلة الماء ..انقطاع التيار الكهربائي زاد الطين بلة .. وجبل ( صبر ) يشكو حاله من العطش المفرش بائع السفرجل يصيح بكل صوته.. وآخر بلح اليمن .. وأخر تين شوكي أقترب من البائعين .. رمان يا عمو .. ( هذا الصيف قل مطره ستنتهي الفواكه قبل وقتها ) سكت وراح يواصل طريقه .. تين شوكي .. بلح .. قرر الدخول من الباب الكبير للمدينة إلى جوف المدينة المثقلة بالهموم وما تصدع منها .. موز .. اخترق الشارع يتأمل أوجه الناس البائسة.. أنه يعرفهم من زمن بعيد .. الرياح تجرف ما تبقى من أكياس النايلون المتطايرة في السماء وعجاجه قادمة تخفي وراءها رائحة المطر القادم . الشارع يطول أمامه .. الباصات مكتظة عند الباب الكبير هكذا يسمونه . يعرفه كل الناس .. الهيس والعكبار .. عرضي مدينة صالة الجبل.. كل لون له اتجاه .. من كثرة البائعين المتجولين صدر الشارع لا يتسع لأحد .. أخذ يمشي بصعوبة جمة .. اخترق الجموع عند الباب الكبير .. إلى أين أنت ذاهب يا حاج .. لم يرد بكلمة واحدة .. أخذ يتجه نحو المعالم الحضارية القديمة اركب رقم واحد بلون غاب عنه الصوت .. يريد زيارة المعالم القديمة في المدينة « لا تسمع الداعي من المجيب »سسس رصيف الشارع مليء بالبائعين بدأت رائحة المدينة تظهرله .الأشرفية ، المعتبية ، عبدالهادي ..جامع الملك المظفر وغيرها .. من معالم الدولة الرسولية . لابد من زيارة قلعة القاهرة قلعة الرسوليين و الايبين يوم آخر . لقد عمل حسابه لزيارة القلعة نظر إلى المدينة القديمة قال في نفسه أين الدولة الرسولية ؟ .. أين المدينة ؟ تأمل الزمن الماضي وراح يقطف ثمار الحاضر الدخول هنا بالأقدام تابع خطاه وتجول قليلا قال: لأبدأ من زيارة المعالم الحضارية القديمة .. قدماه تأخذ انه بدءاً من باب المدنية يتحسس الناس القادمين بائع الجبن وبائع التمر .. لا يفترقان .. هذا باب المخلولة لقد تهدم هو أيضاً .. أصبح ممراً للناس .. هو يعرف معالم المدينة تماماً .. هنا بائعة الخبز والملوج والكدم بدأت الشمس تأخذ مسارها إلى الغروب .. والجبل لا زال يحمل في طياته الجاثم على صدره المتخم بالهموم ذرات الغبار في هذا الصيف القائظ حجبت منظر المدينة .. لا يستطيع الناس النظر إلى المدينة القديمة كانت يتيمة .. متصدعة فلقد رحل أكثر سكانها ، أما إلى العالم الآخر وأما إلى خارجها .قال في نفسه : مسكينة أنت ( ياذو عدينة )اسم لمدينة تعز_ وضع لنفسه خطة لزيارة بعض المعالم القديمة .. المدرسة المعتبية والأشر فية .. وادي المحبة .. المظفر.. وغيرها من المعالم القديمة التي تجعله يحس بالماضي .بدأ الخطى .. كانت الشمس قد أخذت بالغروب تركته يهيم ليكمل جولته .بدأ السياح يتأملون المدينة .. يأخذون صوراً تذكارية لمعالمها .. مد رجليه ليرى معالم الدولة الرسولية .. هذه هي الأِشرفية .. عالم آخر .. وفن زاخر من الجمال .. إنه مدرسة ومسجد . دخل المسجد .. أدى ركعتين شكراً لله .. صحبه مقيم المسجد .. تعال انظر إلى هذا... فتح له باباً إلى أسفل المسجد تدفق السياح يأخذون الصور للقبور القديمة التي ظلت هاجعة يتأمل الزمن الماضي تحكي حروف التاريخ القديم « لتقول هل من مصير لهذه المدينة » . قال له هذا هو قبر الأشراف ألرسولي .هذا الصرح شامخاً وهذه زوجته قال: ومن هي ؟قال : المعتبية . لا زال جو المدينة مشحوناً بالأتربة والغبار أسرار كثيرة قالها له .. تأمل القبور وخرج مسرعاً. ( كانت القاهرة بقلعتها تحكي حصاراً من زمن بعيد ) نزل وهو يحمل نفسه على قدميه كإنسان مكبل بالحديد معلناً أن المدينة لا زالت يتيمة ( تحتاج إلى من يصونها رن جرس التلفون في جيبه وهو يتراجع إلى الخلف .. كان التلفون صامتاً كما هي القبور .. قال له هل تحفظ السر .. قال من أنت ؟ نعم أحفظ السر .. ما هو السر؟ سكت في نفسه وأخذ يقلب الماضي قال له السر .. رفع رأسه شامخاً ونظر إلى المدينة وهي راقدة في حضن الجبل كطفل في حضن أمه .. تراجع قليلاً إلى الخلف .. نظر كل شيء وشاهد الأشرفية بقبابها التي تفخر بها الدولة الرسولية .. قال هل تحفظ السر .. قال نعم .. قال : سري للغاية قال : وما هو .. قال : هل بجانبك أحد .. قال: سياح يتأملون تلك العظمة ويلتقطون صوراً تذكارية .. تراجع عن إعطائه السر .. قال : وما هو أمامك الآن .. قال: قلعة القاهرة .. وشمالك .. قال: مسجد الأشرفية .. وعن يمينك قال: المدرسة المعتبية توقف قليلاً ( المعتبية ؟؟؟) أنت لاتعرف إلا القليل قال : وماهو السر؟ صمت قليلاً .. ومن خلفك قال : جامع الملك المظفر .. سكت وهمس في أذنيه .. وقال : هل تعرف باب المداجر وهل تعرف ؟ .. وهل ؟ .. هل تعرف جبل السراجية ؟ ووادي المحبة وهل تعرف الساقية التي يمر منها الماء إلى ( ذي عدينة ؟ ) والماء العذب قال : ومن ذي عدينة ؟ ذي عدينة هي تعز ( سكت ) همس في أذنيه مرة ثانية بكلام جعله يعيد حساباته من جديد .. راح يهرول نحو المدينة بعد أن تغيرت معالمها الأثرية قال له : سري للغاية .. هل فهمت ..؟[c1]12 /8 /2008م[/c]