صنعاء / سبأ: أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن التزايد المستمر في عدد السكان في الجمهورية اليمنية يمثل أهم عوائق تنفيذ برامج التنمية، نظراً لعدم تحقق زيادة موازية على الأقل في الموارد الاقتصادية ومصادر الدخل . ويرى هؤلاء أن تزايد النمو السكاني المستمر ينعكس بشكل سلبي في تفاقم مشكلة الفقر وتزايد الصعوبات التي يواجهها قطاعي الصحة والتعليم بمختلف مستوياته، فضلا عن الانعكاسات الاجتماعية السلبية المتعلقة بالبناء الأسري والعلاقة بين الفرد والأسرة من ناحية، والفرص المتاحة في الصحة والتعليم والعمل للذكور والإناث بالرغم من وجود عوامل أخرى مؤثرة على مجمل هذه العلاقات. وتعد القضية السكانية واحدة من أبرز المشاكل التي تواجه عملية التنمية في اليمن، فمعدل النمو السكاني السنوي وفقا لنتائج للمؤشرات الإحصائية السكانية لا يزال بنسبة 3.02 %, الأمر الذي يعكس عدم نجاح السياسات السكانية التي اتبعتها الحكومة منذ منتصف التسعينيات التي هدفت إلى تنظيم الأسرة، وتقليص معدل النمو السكاني من 3.7 عام 1994م، إلى 2.8 عام 2000م. وفي هذا الجانب تشير نتائج عملية الإحصاء للسكان والمساكن لعام 2004م، إلى أن عدد السكان قد زاد في اليمن خلال العقد الماضي بنحو 5 ملايين و134 ألف نسمة، آي بمتوسط سنوي يزيد عن نصف مليون نسمة، وهذه الزيادة تعتبر من أعلى المعدلات في العالم. ورغم إن نتائج الإحصاء السكاني لعام 2004 تشير إلى تقارب بين عدد الذكور البالغ 10 ملايين و16 ألف تقريبا ، وعدد الإناث البالغ 9 ملايين و705 آلاف تقريبا يخلق حالة من التوازن بين الجنسين في المجتمع، وهو توازن لا يوجد في كثير من المجتمعات إلا أن النمو السكاني المرتفع والهيكل الفتي للمجتمع يعدان من أبرز التحديات التي تواجه عملية التنمية بإبعادها المختلفة، وبخاصة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية. ورغم أحقية الإنسان في الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية باعتبارها أركان أساسية لبناء المجتمع وفقاً لما يؤكد عليه الدستور اليمني في المادة رقم (32 ) إلا أن المؤشرات الإحصائية التي رصدها المسح الميداني لصحة الأسرة عام 2003، تشير إلى أن معدل وفيات الرضع والأطفال ما دون الخامسة لم تحقق إلا تحسناً طفيفا خلال الفترة من (1990 ـ 2003). حيث لم يتجاوز معدل الانخفاض في مستويات وفيات الأطفال من 121.1 حالة وفاة من كل ألف طفل سنة 1992، إلى 101.9 حالة وفاة عام 2003م، فيما الطموح وفقا لمتطلبات تنمية الألفية هو خفض وفيات الأطفال بنسبة الثلثين، مما سجل في سنة الأساس 1990م، ليصل إلى 40.6 ألف طفل بحلول العام 2015م. أما وفيات الرضع فهي الأخرى لم يتجاوز نسبة الاخفاض عن 74.8 حالة من بين كل ألف رضيع عام 2003، مقارنة مع 84.5 حالة عام 1992م، من بين كل ألف رضيع ، وهذا المؤشر يجعل خفض وفيات الأطفال اليمنيين بنسبة الثلثين بحلول عام 2015، بمثابة تحديا كبير للقائمين على الوضع الصحي في ظل المؤشرات التي تؤكد بأن التحسن في هذا الجانب بطيء جداً. ويرجع بعض الخبراء الصحيين ذلك البطئ إلى عدد من العوامل أهمها سوء التغذية، الأمراض الطفيلية، عدم توفر اللقاحات التي كانت من المشكلات الكبيرة التي واجهتها السلطات الصحية خلال السنوات الماضية، فضلا عن الظروف المتصلة بفترة الحمل والولادة التي يتأثر بها بقاء الطفل على قيد الحياة لفترة أطول كالزواج المبكر ومستوي الخصوبة المرتفع لدى اليمنيات والبالغ 7.8 %، والتباعد بين الولادات. من جانب آخر تؤكد نتائج المسح الذي قامت به السلطات الصحية في بلادنا (لصحة الأسرة ) عام 2003، أن الخدمات الصحية الأساسية لا تغطي سوي 66 %، في حين يفترض أن تصل إلى 90 % بحلول 2015م. وتوصي التقارير الدولية بمضاعفة الجهود الصحية وخاصة في مجال الطب الوقائي، وتعميم الخدمات الصحية الأساسية، وتكثيف برامج وحملات التحصين ضد الأمراض الطفيلية والأمراض الستة القاتلة، وتكثيف برامج الصحة الإنجابية، وتركيز الجهود في المناطق الريفية والنائية. وفيما يتعلق بتحسين صحة الأمهات وخفض معدلات وفيات الأمهات أثناء الحمل أو الولادة أو بعدها بعدة أسابيع بل سنة وفقا للفترة التي تعتمدها حاليا منظمة الصحة العالمية ، فقد اعتمدت الحكومة سياسة صحية وسكانية للاهتمام بصحة الأمهات وتسعي من خلالها إلى خفض معدلات الوفيات بنسبة ثلاثة أرباع من النسبة المسجلة في عام 1990 غير أن النتائج لا تبدو مشجعة وفقا للتقارير الإحصائية حيث ارتفع معدل وفيات الأمهات من 351 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة عام 97 إلى 365 حالة وفاة، وأن نسبة 60 % من هذه الحالات كانت في فترات الأمومة غير الآمنة ، وحوالي 41 % حدثت أما أثناء الوضع أو خلال فترة النفاس. ووفقا لهذه المؤشرات تجمع التقارير الصحية على أن الوضع لا يساعد على تحقيق الهدف المنشود بحلول 2015 رغم التحسن في الرعاية أثناء الحمل والولادة وارتفاع متوسط عدد زيارات الأمهات الحوامل للأطباء وتراجع عدد الولادات في المنازل. وتجمع التقارير الاقتصادية والسكانية والتنموية الوطنية والدولية أن تأثيرات معدلات النمو السكاني على العلاقات الاجتماعية والبني الهرمية للأسرة اليمنية ترتبط أيضا بمكونات الواقع الاقتصادي والبيئي الذي تستهدف الحكومة تحسينه وحل مشكلاته وفي طليعتها شحة الموارد المائية التي تحتاج إلى سياسة ذات رؤية شاملة للتخطيط واستخدام الموارد الطبيعية على نحو يحقق استدامة التنمية في ظل نمو سكاني يعد من أعلي معدلات النمو في العالم، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وترتيب أولويات البرامج التي ستعمل الحكومة على تنفيذها خلال الفترة الممتدة إلى العام 2015 م، ضمن عملية الإصلاحات الشاملة بما يحقق مؤشرات التنمية الألفية وغاياتها ، وبخاصة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وفي مجال خفض معدلات الفقر والبطالة والأمية في أوساط جيل الشباب الذي يمثل ثلثي السكان في الوقت الراهن.
خبراء اقتصاديون : التزايد المستمر في عدد السكان في بلادنا يمثل أهم عوائق تنفيذ برامج التنمية
أخبار متعلقة