هموم يومية
عبدالله بخاشتابعت ملايين البشر عبر شاشات التلفزة السعودية بداية الأسبوع الماضي إجراء عملية فصل التوأم السيامي المغربي (إلهام وحفصة) عبر نقل حي ومباشر من غرفة العمليات التي أعتكف خلف أبوابها الدكتور/ عبدالله الربيعة وأعضاء فريقه الجراحي لسبع عشرة ساعة متواصلة، أمضاها الفريق السعودي الرائع في فصل التوأم الملتصق من الحوض، ليخرج بعدها الجميع يعلنوا نجاح العملية بعد أن ساد الصمت والترقب طويلاً، وينقلوا لوالدي (إلهام وحفصة) تهاني خادم الحرمين الشريفين الملك/ عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) الذي أهتم بأمر الطفلتين منذ البداية وتبنى رعايتهما وإجراء عملية الفصل لهما في المملكة.هذه الحالة الإنسانية من المواليد السيامية تعد الحادية عشرة من الحالات التي سبق للمستشفيات السعودية إستضافتها من مختلف بقاع العالم وإجراء جراحة الفصل لها على يد الكفاءات السعودية المشهود لها بالخبرة والحرفية والتمرس ليس على مستوى المنطقة العربية فحسب وإنما على مستوى العالم وبشهادة الجميع.وفيما يخضع التوأم المغربي - بعد نجاح الجراحة - للمتابعة والمراقبة المستمرتين في غرفة العناية المركزة بالمستشفى، ينتظر التوأم العراقي قرار الأطباء السعوديين بعد إتمام دراسة الحالة وإستكمال التحضيرات اللازمة لمثل هذه الجراحة، وكان خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك/ عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله فور سماعه بنبأ ولادة التوأم بأحد مستشفيات بغداد قد وجه في مبادرة إنسانية نبيلة - كافة الجهات المختصة ووزارة الصحة بترتيب نقل وإستضافة التوأم العراقي على حساب المملكة تمهيداً لإجراء عملية الفصل لهما.ويحسب لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده والحكومة السعودية هذه المكرمة الإنسانية العظيمة المتأصلة في ديننا الإسلامي وتعاليم شريعته السمحة والتي كانت هذه الأرض المباركة نفسها مهبطاً لآخر الرسالات السماوية وأرضاً أنطلق منها رسول المحبة والإنسانية لتبليغ دين الله إلى العالم جميعاً.ويحضرني في هذا التناول السريع الإشارة إلى أن مثل ذلك الصنيع الإنساني الرائع والإبتسامات المشرقة التي يخلفها هؤلاء الأطباء على وجوه المحتاجين بأناملهم المباركة ليس مقصوراً على المشافي السعودية أو محصوراً في حالات التوأم السيامية، ففي الكثير من بلدان العالم وخصوصاً البلدان النامية كانت للكوادر الطبية السعودية فيها بصمة خير أو لمسة إنسان تلامس آلامهم وترفع عن كاهلهم الإعاقات المرضية، سواء في البلدان التي أصيبت بالكوارث والنكبات الإنسانية أو في غيرها من البلدان المحتاجة للعون والمساعدة الطبية وذلك من خلال زيارات الفرق الطبية السعودية لها لإجراء بعض العمليات الجراحية الدقيقة التي يتعذر إجراءها في تلك البلدان.وعادة يكون أعضاء تلك الفرق من أساتذة الطب في الجامعات السعودية ومن كبار الإستشاريين في تخصصاتهم الطبية المختلفة يأتون إلى تلك البلدان في صورة عمل تطوعي لا ينتظروا من أحد لقاء تفرغهم وزيارتهم الطبية جزاءً أو شكورا، وحسبهم في ذلك - كما قال لي أحدهم - العودة برصد من الدعوات المباركة التي يغدق بها عليهم جموع المرضى المعسرين، وهي الحقيقة والغاية التي لمستها في أحاديث الأطباء السعوديين الذين التقيت بعضهم في مخيمات (طيبة) الجراحية أمثال الدكتور/ عماد بخاري والدكتور الداعية/ إبراهيم الجبير وهما من أعلام جراحة القلب المفتوح في السعودية والدكتور/ حسين فدعق أستاذ جراحة التجميل بجامعة الدمام والذي كان له الفضل الكبير في تأسيس أول مركز لطب وجراحة الحروق والتجميل في بلادنا والأساتذة/ عبد العزيزالجفري، وليد المعينا، سالم باحطاب، جمال جاد كريم وغيرهم كثير ممن تفرغوا من مرافق أعمالهم لأسابيع وتطوعوا بإجراء العمليات للمحتاجين في بلادنا وفي غيرها وساهموا برسم الإبتسامات لآلاف المرضى المعسرين في زمن أصبح كل شيء فيه صعباً.وخاتمة المطاف يمكن القول بأن هذه المبادرات الإنسانية التي يتطوع بها أشقائنا في المملكة هو تعبير عن إنسانية النهج بالدرجة الأولى وعن الفكر الإنساني المتسامح الذي يحمله خادم الحرمين الشريفين والقيادة السياسية في المملكة والذي يترجم قيم الحب والأخاء ونقاء السريرة وصفاء الروح والتشبع بمعاني التسامح والترابط والتكافل الإنساني فهنيئاً لأكف الخير وأنامل الرحمة وبوركت مملكة الإنسانية.