المحامي/ محمد علي الشاوشالخلاف عموماً والخلاف الفقهي على وجه الخصوص بدأ مع بداية الخليقة ولن ينتهي حتى يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها، هذه حقيقة يجب علينا التسليم بها والتعايش معها والقبول بها شئنا أم أبينا، وبالتالي فحالة الخلاف باقية في حركة مستمرة لن تفتر، وهي حالة أخذ ورد بدون نهاية لا تعرف الهدوء أو الاستقرار، وقد أحسنت القيادة في اليمن صنعاً في تعاملها الرسمي مع المذاهب الدينية بتشكيل لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية لتأخذ من المذاهب الفقهية الآراء التي تتوافق مع واقع وحاجة اليمن وقوة الدليل النقلي والعقلي دون الاعتماد على مذهب بعينه ليكون المرجعية الرسمية المطلقة للدولة، فقد رشدت هذه اللجنة من حدة الخلاف المذهبي على الصعيد الرسمي إلى حد كبير ما أدى إلى استقرار تشريعي وقانوني وأدى كذلك إلى التقليل من حدة الخلاف الفقهي.البعض من أتباع المذاهب الفقهية -وبنظرة قاصرة- يحاولون فرض هذا المذهب أو ذاك تحت مبررات متعددة، يمكن ملاحظة أن الرغبة في السيطرة على السلطة أو فرض هذا المذهب أو ذاك واضحة وراء تلك المبررات المدعاة والتي قد يصبغها بمزيج من الألفاظ الرنانة مثل حماية الدين أو حماية البلاد والعباد...الخ، وعلى الدولة الحيلولة المطلقة دون التماس المذهبي بالسياسي حيث أن الدولة لا يجب أن تكون انعكاساً لأي مذهب كان، بغض النظر عن مدى صوابية أو خطأ هذا المذهب او ذاك.السلاح يجب أن يظل في يد الدولة والدولة وحدها ويجب - بكل الطرق- الحيلولة دون تسلح الجماعات الدينية أياً كانت أسباب هذا التسلح، فاجتماع الايديولوجيا المتعصبة لمذهب أو رأي معين والسلاح في يد واحدة سوف يولد لنا الكثير من القلاقل الأمنية التي نحن في غنى تام عنها، وقد أثبتت تجارب الآخرين في العراق وأفغانستان والصومال وباكستان صحة هذا الطرح بل إن ما حدث في صعدة على يد العناصر الحوثية وما يحدث من قبل العناصر الإرهابية يوضح ذلك بشكل كبير.يكفينا تسلح القبيلة الذي يعمل على زعزعة الأمن والاستقرار بأكثر من شكل وبأكثر من أسلوب وفي أكثر من مكان وزمان، مع أن الايديولوجيا القبلية المتمثلة في الأعراف القبلية لا تصل إلى حدة التطرف الذي تصنعه الأيديولوجيا الدينية.من أخطاء التمذهب الديني أنه لا يستطيع رؤية غيره وأن غيره ليس له نصيب من الحق فهو -البعض- يعتبر الحق كله معه وما سواه باطل محض، وقصر الفهم هذا يخلق بؤر توتر كثيرة أساسها الفهم الخاطئ للأمور والأشياء وعلى رأسها أمور الدين المتعلقة في الأصل بأمور الدنيا ومنها الحكم.لكل ما ذكر أعلاه يلاحظ المرء أن المذاهب الدينية لا يمكن أن تكون وطناً للعيش فيه بسلام طالما أن هذه المذاهب تبحث عن مراكز نفوذ جديدة لها لولاء مذهبي تعتبره وطناً لها تعيش فيه وتقدم مصلحته على مصلحة الوطن عامة، هذا الوطن الذي يعيش الجميع على أرضه على اختلاف مذاهبهم الدينية وتنوعاتهم الثقافية، فالوطن هو الحاضن للكل ويجب على الجميع الحفاظ عليه ووضعه في حدقات العيون وعلى رأس الجميع القوات المسلحة والأمن.
أخبار متعلقة