التقنية الفضائية المتقدمة في استكشاف المياه في الصحاري
كان لتكنولوجيا الفضاء مردودها الاقتصادي الكبير في التنمية على كوكب الارض خلال العقود الاخيرة من القرن العشرين وسوف تزداد خلال القرن الحادي والعشرين.وكان لمحاولة استكشاف المياه على كوكب المريخ عن طريق الرادار المحمول على اقمار صناعية تدور حول الكوكب ( اقمار مدارية) حيث كانت منذ ملايين السنين مياه وفيضانات هائلة على كوكب المريخ بدليل وجود الاودية الجافة التي تشبه الى حد بعيد الاودية الجافة الموجودة بالصحاري في الارض ... لكن نتيجة لتغيرات في مناخ هذا الكوكب فقط هبطت بشدة درجة حرارة الغلاف الجوي، كما ان هذا الغلاف اصبح رقيقاً للغاية وجافا.ويعتقد العلماء في وكالة الفضاء الاميريكية " ناسا" ان الماء الموجود على سطح المريخ حالياً على هيئة ثلوج مدفونة تحت طبقة من الرمال يبلغ سمكها عدة امتار وتختلف من مكان لآخر نتيجة لوجود عواصف رميلة في المريخ تشبه العواصف الرميلة على الارض كعواصف الخماسين بمصر . ويمكن لهذا الرادار ان يعطي صورة لما هو تحت الرمال على عمق عدة امتار اثناء دورانه محمولاً على قمر صناعي حول المريخ وكانت الطريقة الاخرى للتأكد من وجود المياه تحت الطبقة الرملية في المريخ هي انزال اجهزة مغناطيسية متطورة Magnetic Coil مع احدى سفن الفضاء التي ستهبط على سطح المريخ لقياس المغناطيسية لأمتار عدة في عمق تربة المريخ ومنها يمكن معرفة التركيب التحتي لهذه التربة وكذلك انزال اجهزة كهرومغناطيسية Electromegnetic Sounder وذلك لقياس المجال الكهربي لعدة امتار في عمق تربة المريخ ومنها يمكن معرفة التركيب التحتي للطبقات الحاملة للمياة الجوفية وكمية هذه المياه ومعدل سريانها اذا كانت سائلة او في حالة حركة ، ولقد ثبت من هذه الارصاد وجود المياه تحت الرمال في الاودية الجافة بالمريخ وليست عند الاقطاب فقط كما يبدو في الصور الملتقطة لكوكب المريخ سواء بالاقمار الصناعية او بالتلسكوبات البصرية من الارض ولقد حاول علماء الجيولوجيا الفضائية المتقدمة في استكشاف المياه في الصحاري على الارض وذلك عن طريق استخدام رادارت محمولة على اقمار صناعية تدور حول الارض في مدارات محددة.ولقد تمت الاستفادة من هذه التقنية الجديدة والمتقدمة في استكشاف المياه الجوفية في الصحاري العربية فقط اتضح وجود اودية قديمة مدفونة تحت الرمال في الصحراء الكبرى بشمال افريقيا، فمنذ ملايين السنين كانت هناك فترات مطيرة وفترات قحولة متتالية على هذه الصحراء تبعا للتغيرات المناخية طويلة وقصيرة الامد على عمر كوكب الارض حيث كانت تهطل الامطار الغزيرة في منطقة جنوب الصحراء وبعد تجمع هذه المياه كانت تجري في اودية نحو الشمال ، وكان هطول هذه الامطار يفتت الحجر الرملي النوبي ويحمله معه ثم يرسبه في المستنقعات في الاراضي الواطئة في الشمال وبعد ان تغير المناخ واصبحت هذه الصحراء قاحلة بعد ان كانت منطقة سافانا تعج بالحياة النبايتة والحيوانية وينعم الانسان فيها بصيد الحيوانات جفت البرك والمستنقعات وبدأ تاثير الرياح في هذه الرمال المترسبة في قاع البرك والمستنقعات القديمة وتحريكها بحيث انها تاخذ شكل مايسمى بالكثبان الرملية لذلك فان النظرية الحديثة هي ان الرمال في الكثبان الرملية جاءت في الاصل من عملية نحر للصخور النوبية الرملية بالامطار والمياه قبل ان تلعب بها الرياح بعد تغير المناخ وانتهاء العصر المطير الاخير ، لذلك فقد وجد ان كل منطقة كثبان رملية يكون اسفلها وادٍ قديم وفي اعماق هذا الوادي توجد المياه الجوفية بعد ان تسربت من سطح الارض إلى باطنها ، ولقد ثبتت صحة هذه النظرية لمنطقة جنوب الصحراء الغربية لمصر ومنطقة الواحات حيث تبين وجود انهار قديمة في هذه المناطق في العصور المطيرة ولكنها مغطاة بالرمال ولم يكتشفها الا الرادار المحمول بالاقمار الصناعية لذلك تسمى Radar Aivers .كذلك اتضح وجود انهار قديمة عن طريق المسح الراداري من بعد في منطقة الكفرة جنوب صحراء ليبيا كما امكن من هذه التقنية الفضائية المتقدمة تحديد الدلتا القديمة لوادي النيل التي كانت قاعدتها تمتد من الفيوم حتى الاسماعيلية حالياً ان الدلتا الحديثة كانت جزءاً من قاع البحر الابيض المتوسط منذ ملايين السنين.ولم تكن الصحراء الكبرى في شمال افريقيا هي الوحيدة التي تم فيها اكتشاف الانهار القديمة المدفونة تحت الرمال بواسطة الرادار المحمول بل ان صحاري شبه الجزيرة العربية وجدت بها اودية جافة وانهار قديمة مدفونة تحت الرمال في شمال الجزيرة وجنوبها،كما امكن دراسة منطقة الربع الخالي بالمملكة العربية السعودية ومنطقة صحار بسلطنة عمان وتحديد الانهار القديمة فيها بدقة تحت الكثبان الرملية القاحلة واكتشاف قلعة قديمة في تلك المنطقة عن طريق استخدام رادار ارضي يسمى GeoRadar يعتقد انها مدينة " ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد" والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، مما يعتبر انجازا علمياً كبيراً .. عندما يحدثنا القرآن الكريم عن تلك الحضارات الراقية في الازمنة الغابرة لقوم عاد الساميين وهم من العرب البائدين وعن النعيم والجنات وارفة الظلال التي كانوا يحيون فيها قبل تغير المناخ وتحول هذه البقاع الى مناطق صحراوية قاحلة تعوي فيها الرياح.لقد بدأت العديد من الدول العربية التي تعاني من ندرة في المياه في استخدام هذه التكنولوجيا الفضائية المتقدمة للرادار المحمول مع القياسات المغناطيسية باجهزة Magnetic Coilوالقياسات الكهربية باجهزة Electromagnetic Sounder في استكشاف ثرواتها من المياه تحت السطحية والجوفية وتحديد كميات هذه المياه ومعدل تصرفها وتسربها خلال الصخور في الطبقات الحاملة لها وذلك لتنمية المناطق الصحراوية واستزراعها في مشاريع قومية كبيرة كمشروع النهر الصناعي العظيم في ليبيا ومشروع جنوب الوادي (توشكي) بمصر ومشاريع تنموية اخرى في دول الخليج العربي.