حدث وحديث
يبدو أن لا حديث في هذه الأيام يطغي على ما سواه يتعلق بأحداث الساعة الجارية في عالمينا العربي والإسلامي سوى ذلك الذي تكرسه بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية ويتركز بدرجة أساسية حول احتمال أ, استبعاد الضربة العسكرية التي تنوي الولايات المتحدة توجيهها إلى إيران على خلفية المشروع النووي الإيراني المزعوم إنشاؤه وما قد يترتب عنه من أخطار على أمن الولايات المتحدة مستقبلاً وحسب ما ندعي أو تصور. إذان كل من يتابع برامج الفضائيات يشعر بالفعل بأن (وراء الامة الأكمة ما وراءها) وذلك من خلال اختيار الوقت والمحللين والمفكرين لأخذ أرائهم بشأن تسويق احتمالات الضربة العسكرية القادمة على إيران تماماً كما كنا نسمع قبل غزو العراق من مفردات ومصلحات (الحرب الوشيكة.. الحرب الخاطفة – الحرب المحتملة – الحرب القادمة – العراق ما بعد صدام) .وهي لا تختلف عن أبعاد المفردات والمصطلحات التي تتكرر على مسامع المتابع العربي في هذه الأيام ومن نفس هذه الفضائيات بمعنى هل ما يحدث حالياً يصب في نفس المجري على سبيل التهيئة النفسية والعقلية للحرب القادمة على إيران جنباً إلى جنب مع الإعدادات المتسارعة التي تقوم بها الولايات المتحدة ومن يسير في فلكها. إن ما تقوم به الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن من تمهيد إعلامي لشن حروبها على الآخرين لا يختلف كثيراً عما فعلته ألمانيا حليفتها الحالية في الحرب على العراق فهي قبل أن تغزو بولندا بأيام قليلة أرادت أن تمهد لهذا الغزو بتهيئة الرأي العام الألماني فصورت للألمانيين أنهم أمام أمر خطير يمثل تهديداً مصيرهم وقادم من الجنود البولنديين الذين هاجموا محطة إذاعة ألمانية تقع على الحدود وقتلوا كافة عامليها، ثم أخذت الصحف الألمانية تروح لهذا الحادث عارضة جثث القتلى.وتقول وثائق الحرب العالمية الثانية (وليم شرر) صعود وسقوط أن هذا الحادث كان عبارة عن فبركة إعلامية الغرض منها التمهيد للهجوم على بولندا، وإذا أن كل جثث القتلى كانت لمعتقلين ألمانيين تم انتقاؤهم بعناية وجيء بهم للإذاعة وإلباسهم ملابس عسكرية ومدنية وبولندية ثم تم توزيعهم على الأماكن المطلوبة وجيء بالمصورين والصحفيين ليكملوا مهمة الترويج للحدث ليترك الأثر المطلوب في نفوس الألمانيين ولتقبل مشروعية الحرب على البولنديين والحقيقة أن منطقتنا العربية لم تشهد على مدى حروبها المتعاقبة المفروضة ضد الصهيونية والمستعدين مثل هذا الكم الكبير الذي أتسمت به الحرب الإعلامية النفسية جنباً إلى جنب مع الحروب الظالمة وذلك بهدف تهيئة الرأي العام لمشروعيتها كما حدث ويحدث ذلك في أفغانستان والعراق ولبنان والصومال والقادم أعظم.