مؤتمر استكشاف الفرص الاستثمارية
د / حسن أحمد فرحانمعروف أن بلادنا أعطت للجهاز المركزي للإحصاء بقانونه ولوائحه الداخلية واختصاصاته دوراً هاماً ومميزاً وأوكلت إليه مهاماً كبيرة سواء في نطاق التحليل الاقتصادي والاجتماعي العام أو في نطاق التنمية.. حيث قام بتنفيذ العديد من المشروعات الإحصائية سواء في مجال المسوحات والتعدادات أو في مجال البيانات التجميعية الجارية ونتيجة لذلك تراكمت خبرات إحصائية فنية وبشرية لا بأس بها وتطورت كفاءة أجهزة وأدوات ووسائل الإحصاء ومناهج عملها.. وتوفرت البيانات.واتسمت هذه البيانات بمستوى جيد من الدقة والتنوع والشمول.. وتحسنت عملية جمعها وتبويبها وإخراجها ونشرها.. ولبت الكثير من احتياجات المجتمع والدولة والمستثمرين.وأصبح عمل الجهاز المركزي للإحصاء لا ينحصر فقط في حدود العملية الإحصائية.. ولكنه انخرط بالكامل بملاحقة التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتسارعة.. وملاحقة الإجراءات المتخذة من أجل خلق المناخ الاستثماري والتنموي من قوانين الاستثمار والمناطق الحرة والضرائب والرسوم وغيرها من الإجراءات الهادفة تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب والذين يريدون بكل تأكيد رؤية بيانات جيدة قبل أن يضعوا أموالهم في مشاريع.وبذلك أصبح الإحصاء جزءاً أساسياً من بيئة ومحفزات الاستثمار للجمهورية اليمنية وبالذات بعد أن قام بخلق نظام إحصائي فعال قادر على تلبية حاجات المستخدمين وعلى توسيع قاعدتهم وزاد من اهتمام صانعي القرارات بقيمة البيانات الإحصائية وأهمية استخدامها وتكوين وعي إحصائي شامل حولها باعتبارها المادة الخام الأولية لأي تطور وأساس عملية التنمية وبناء نهضة اقتصادية واجتماعية مما مكنه من رفع مستوى الاستفادة الاقتصادية والاجتماعية منها وحولها.إن النجاحات التي حققها الجهاز المركزي للإحصاء في هذا المجال نجدها أيضاً في العلاقة الهامة التي تكونت بين الجهاز كطرف أساس في هذه العلاقة وبين مصادر البيانات ومستخدميها وذلك كعملية شاملة وضرورية تحفظ دورة الاتصال والتعاون وتحصد الفوائد من أنشطته وبياناته وتضمن استمرارية تلك البيانات ودقتها.كما نجدها بتلك العلاقة المتطورة التي خلقها الجهاز مع الجهات الدولية والمنظمات المانحة المهتمة بالعمل الإحصائي وتطويره رغم مناخ التمويل المالي الدولي المتناقض.. والتي جعلته يستفيد من الدعم الفني ومن التقنيات الإحصائية الحديثة والمتطورة ويعزز من دوره في القيام بواجباته باعتباره جزءاً من منظومة المحفزات الاستثمارية ومتطلباتها.إن بلادنا مقبلة على تطورات كبيرة اقتصادية وبالذات بعد الانتخابات الأخيرة وفوز المؤتمر الشعبي العام ببرنامجه الاقتصادي والاجتماعي والذي يتضمن خلق بيئة محفزة للاستثمار.ولتنفيذ هذا البرنامج وتطبيقه ستكون هناك حاجة ملحة لشبكة واسعة من البيانات الإحصائية وفي كل المجالات لنقل صورة واقعية وحقيقية عن إمكانياتنا ومواردنا وبالذات تلك الموارد غير المستغلة والتي بحاجة إلى تنمية واستثمار.وسيكون على صانعي القرارات والمستثمرين العودة إلى الإحصائيات للاستثمار وللتطور.. فليس هناك اقتصاد ناجح ما لم يكن مبنياً على قاعدة إحصائية واسعة.. فالإحصائيات أثبتت أنها الوسيلة الأساسية والفعالة للتطور الاقتصادي والاجتماعي.ففي الدول المتطورة تستخدم البيانات والإحصائيات باتساع.. كل يوم ومن قبل كل شخص ابتداءً من الفرد الخاص وانتهاء بأكبر المؤسسات والهيئات والوزارات.. ومن أصغر محل تجاري إلى أكبر الأعمال التجارية والاستثمارية المحلية والدولية.ويحق لنا هنا أن نقارن الإحصائيات والبيانات ليس كجزء من منظومة محفزات الاستثمار وإنما باعتبارها ثروة وطنية كبقية الثروات الأخرى وبالذات في بعض الجوانب فهي قابلة للتجديد كلما أردنا الكثير نجمع أكثر؛ وتكلفتها قليلة نسبياً بالمقارنة مع تكلفة إنشاء مصادر للثروات الطبيعية؛ وبلادنا مصدرها الوحيد فليست هناك دولة أخرى تستطيع إنتاج ما ننتجه نحن، ومن الممكن إعادة استخدامها فهي ليست كبقية الثروات التي تفقد قيمتها تماماً بعد استهلاكها.ومع ذلك يكفي أن يكون هناك سبب واحد فقط يجعلنا نعتبر إحصائياتنا ثروة وطنية حقيقية يجب أن نطورها وننميها ونستثمرها ونحسن استخدامها وهذا السبب هو أن هذه البيانات والإحصائيات تنتج أساساً ليس فقط باعتبارها جزءاً من منظومة محفزات الاستثمار وحسب وإنما تنتج أيضاً لرسم صورة حقيقية وواقعية عن المجتمع ومشاكله وإمكانياته لاستخدامها في وضع الخطط والبرامج لحل هذه المشاكل والنهوض بتلك الإمكانيات وسعياً وراء تحقيق أهداف المجتمع نحو التقدم والنماء.. وهو مبرر كاف للاهتمام بهذه الإحصائيات والبيانات واعتبارها ثروة وطنية ليس فقط من قبل الجهاز المركزي للإحصاء من قبل كل الجهات التي يهمها تطور اليمن وتقدمه.إن الدعم القوي للعمل الإحصائي يوفر ويطور ليس فقط هذه البيانات والإحصائيات ويجعلها في متناول المستثمرين وفي متناول الجميع، وإنما أيضاً يحولها إلى وسيلة أساسية لكل أنشطة وفعاليات المجتمع ولنهوضه الاقتصادي والاجتماعي.ومع ذلك فإن تطوير العمل الإحصائي سيكون عملاً فيه تحد وسيأخذ وقتاً وسيتطلب بالإضافة إلى الإمكانيات اهتمام وتعاون الجميع..إلا أنه ومع تسليمنا بأن على الحكومة والمؤسسات ومختلف فعاليات المجتمع أن تضاعف اهتمامها بالعمل الإحصائي وباستخداماته المختلفة وتدعمه وتستفيد من بياناته وتدمجه في أنشطتها المتعددة وبالذات في مجالات الاستثمار والتنمية.. إلا أننا بحاجة أيضاً وباستمرار إلى تحسين نوعية بياناتنا الإحصائية وبحاجة إلى انسجامها مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة ومع البرنامج الانتخابي للمؤتمر الشعبي العام.. وانسجامها مع عصر التقنية والمعلومات الذي نعيشه.فالعمل الإحصائي مهم في حياتنا كدولة وكأفراد وكمستثمرين وذلك من أجل اليمن ومستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة ومستقبل الجميع.. وبالذات ونحن نرى نجاحات إحصائية كبيرة تتحقق.