بداية لابد من الاشارة الى تقارير اقتصادية صدرت في الآونة الأخيرة خاصة حول الوضع الاقتصادي وما تعانيه بلادنا جراء الازمة المالية العالمية، اضافة الى تراجع النمو في مختلف قطاعات الانتاج والاعتماد على النفط كمورد رئيسي للدولة.. وطبعاً هذه اختلالات كبيرة في الجانب النسبي أثرت بدورها على الاقتصاد الوطني وبالتالي انعكست تأثيراتها على التنمية في القطاعات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.. الخ.وهو الحال الذي تطلب من الجميع إدراكه وتوجب على الحكومة اتخاذ خطوات جادة في جانب الاصلاحات المالية والاقتصادية ومن أهمها تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات الذي صدر عام 2001م وتعديلاته ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزراي رقم 39لسنة 2002م وتعديلاته وخضع القانون آنف الذكر لدراسات وتعديلات عام 2005م وبمشاركة من سينطبق عليهم القانون من المكلفين ومن يمثلهم في كافة المراحل ليصبح من أفضل القوانين الدولية المعمول بها عالمياً وبشأن طلب الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة بإيقاف نفاذ القانون أصدرت المحكمة العليا حكمها برقم «4/10» لسنة 1430هـ الصادر بتاريخ 31/ 12/ 2008م حيث قضى منطوق الحكم برفض طلب ايقاف نفاذ المواد محل الطلب من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 19 لسنة 2001م وتعديلاته ونشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية.قانون الضريبة العامة على المبيعات الذي أقرته الحكومة وشرعت في تنفيذه ابتداء من شهر يوليو الجاري وفقاً لنصوصه التي تم تعديلها بعد نقاشات طويلة بين الجانب الحكومي والقطاع الخاص، تمت فيه مراعاة الكثير من الجوانب بنوع من الشفافية التي تهدف الى تشجيع القطاع الخاص ليكون شريكاً فاعلاً ومساهماً اساسياً في عملية التنمية الاقتصادية في البلد وهو الامر الذي وصلت معه نسبة تخفيض الضريبة الى 5٪ بفارق 30 ٪ عن القانون السابق مع ايفاء الجانب الحكومي بالتزاماته باستصدار قانون ضريبة الدخل واحالته الى مجلس النواب لإقراره، وهنا الزم القانون كل مكلف وصلت مبيعاته أو خدماته التي يقدمها للمجتمع الى خمسين مليون ريال ان يبادر الى الادارة الضريبية بتقديم طلب التسجيل وفقاً والنموذج المعد لهذا الغرض والذي يشتمل على كافة البيانات.تأتي أهمية تطبيق قانون الضريبة العامة من ارتباطه بتنظيم الموارد المالية للدولة في كافة القطاعات ذات العلاقة بتلك الموارد والتي تشكل سنداً رئيسياً لدعم خزانة الدولة لمجابهة الأعباء والتحديات والنفقات المترتبة عليها بما في ذلك الموازنة العامة باعتبارها السند الرئيس الذي تقوم عليه متطلبات التنمية والمعيار الحقيقي لجذب الاستثمارات الأجنبية لأي مستثمر يرغب في الاستثمار لدى بلادنا، علاوة على دورها الرئيس في توطين رؤوس الأموال الوطنية وتشجيع وتقديم التسهيلات للمستثمر المحلي من القطاع الخاص وهو ما يجسد معادلة المنافع المشتركة بين الدولة والقطاع الخاص الذي يحظى بتسهيلات كبيرة في إطار قانون الاستثمار حيث يتم الحرص على تنمية وتعزيز موقع هذا القطاع بما يعود عليه وعلى الحكومة بالنفع وينعكس إيجابا على حياة المواطن المعيشية وتمتاز بلادنا عن باقي بلدان العالم العاملة بمثل هكذا قوانين بالشفافية المطلقة في مراعاة توفير المناخات الملائمة للقطاع الخاص وتحفيزه حينما يتعلق الأمر بقانون الضريبة العامة على المبيعات. ان تطبيق قانون ضريبة المبيعات العامة سيضع الدولة أمام محك حقيقي وأولوية مهمة تتعلق بتكثيف الجهود لمكافحة التهريب عبر المنافذ الحدودية للسلع والمنتجات التي تدخل الى البلد وبالذات من الدول المجاورة أو من جنوب شرق آسيا كون التهريب ظاهرة خطرة على الاقتصاد الوطني عامة وعلى القطاع الخاص بصورة خاصة لتأثر الأخير بفارق سعر المبيعات للسلع المهربة التي تؤثر سلباً على أسعار ومنتجات القطاع الخاص.إن تطبيق قانون الضرائب على المبيعات أضحى ضرورة قصوى لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار ماورد في دراسة اقتصادية حديثة تبين استمرار الجمود النسبي للنظام الضريبي في بلادنا إذ تراجعت الأهمية النسبية للإيردات الضريبية «ضرائب مباشرة وغير مباشرة» في إجمالي الموارد العاملة للدولة من 29.6 ٪عام 2004م إلى 25.6 ٪ وحوالي 18.4فقط في العامين التاليين 2005م ، 2006م لترتفع الى حوالي 22.1 ٪ عام 2007م ثم تنخفض مرة أخرى إلى 18.6 ٪ عام 2008م كما بلغت نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 7.5 ٪ كمتوسط سنوي خلال الفترة 2004م - 2008م إذ تراوحت هذه النسبة بين 6.8 ٪ و8.6 ٪ مقارنة بنسبة تتراوح بين 15-12 ٪ في الدول النامية والأقل نمواً الأمر الذي يشير إلى نسبة تهرب ضريبي بنسبة 8٪ على الأقل من الناتج الإجمالي.وأوضحت الدراسة بأن انخفاض مساهمة الإيرادات الضريبية في إجمالي الموارد العامة للدولة وكذا انخفاض نسبتها الى الناتج المحلي الإجمالي يوضح مدى الاختلالات العميقة في الموازنة العامة، مع الأخذ في الاعتبار ان إيرادات الدولة الضريبية عادة تتسم بالاستمرارية والاستقرار النسبي كونها أداة من أدوات السياسة المالية التي يمكن للدولة استخدامها لتحقيق أهداف مالية واقتصادية واجتماعية.وبالنظر إلى الجمود الذي صاحب عدم تطبيق قانون الضريبة العامة فإن الدولة قد فقدت مئات المليارات خلال سنوات منصرمة في حين سيحد تطبيق القانون من إهدار تلك الموارد المالية الكبيرة في البلاد والتي تتسم بالدخل القومي المحدود الموارد حيث إن البلاد بأمس الحاجة إليها سواء أكان ذلك في تغطية العجز المصاحب للميزانية العامة للدولة أو في تحقيق خطوات متقدمة في مجالات التنمية المختلفة وانجاز المشاريع الخاصة بالبنى التحتية في التعليم والصحة والطرقات والخدمات الاجتماعية المختلفة وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن وتوفير فرص العمل والحد من الفقر والبطالة وغير ذلك من المتطلبات.
ضريبة المبيعات وتفاعل القطاع الخاص
أخبار متعلقة