كان الله في عون المواطن المسلم البسيط ، فهو ضحية لفتاوى دينية متعارضة بل ومتناقضة، وكلها تدعي وصلا بليلى، وكلها تقول إنها تعتمد على كلام الله وسنة رسوله رغم أنها تصل إلى درجة من التناقض في القضية الواحدة وبشكل مثير للدهشة ..!لنأخذ قضية واحدة فقط هي الموقف من المرأة ودورها السياسي والاجتماعي وما يجب أو لا يجب عليها فعله.لدينا فتوى بشأن منع المرأة من قيادة السيارة وهي فتوى تستمد موقفها من قاعدة شرعية هي سد الذرائع ، وإغلاق أي باب يمكن أن تأتي منه مفسدة كما يعتقد من يتبنون هذا الوقف، وقبل يومين صدر في مصر قرار بتعيين أكثر من ثلاثين امرأة في سلك القضاء ويعتقد أصحاب هذه الفتوى أن المرأة كالرجل يحق لها تولي القضاء بل والولاية العامة ولديهم في ذلك حجج وبراهين كثيرة. وفي ليبيا صدر قرار قبل أسبوع بمنع المرأة من السفر إلى خارج الحدود دون وجود محرم شرعي لها، رغم أن رئيس الدولة لا يسافر إلا ومعه عدد كبير من الحارسات اللواتي يسافرن دون محارمهن!!ويوم أمس فقط تحدث احد المراجع الكبرى في مدينة قم لـ«الشرق الأوسط» وهو آية الله صانعي، فأعلن بالفم المليان أن من حق المرأة إمامة الصلاة ورئاسة الدولة والقضاء، بل وأضاف أن المرأة يمكن أن تتولى منصب ولاية الفقيه. حتى الجماعة الدينية الواحدة تتناقض مواقفها بحسب الزمان والمكان، فالإخوان المسلمون في مصر أفتوا في الأربعينات بحرمة أن تسفر المرأة عن وجهها وان تعمل في الإدارات الحكومية المختلطة، كما حرموا عليها النيابة والقضاء واعتبروا اشتغال المرأة بالسياسة يتعارض بشكل صريح مع الإسلام. وعادت الجماعة نفسها عن هذا الموقف وأصبحت النساء ينزلن على القوائم الحزبية للإخوان في مصر واليمن وغيرها. ونجد في الوقت ذاته الإخوان المسلمين يصوتون ضد حقوق المرأة في البرلمان الكويتي.ماذا يمكن أن يفعل المسلم البسيط إذا كانت التناقضات تصل إلى مداها الأعلى في القضية الواحدة. وماذا يفعل الإنسان البسيط إذا وجد أن الموقف ونقيضه يدعيان الاعتماد على نصوص القرآن والسنة النبوية !!مسكين الإنسان المسلم المعاصر كيف يربي أسرته في ظل التناقضات في الفتاوى والاجتهادات، كيف يدير أمواله في ظل اعتقاد مراجع إسلامية مهمة أن البنوك التجارية ليست ربوية، في وقت تحرم فيه مراجع دينية مهمة أيضا التعامل مع ما تسميه البنوك الربوية !! كيف يقضي أوقات فراغه، كيف يسافر، فهناك من يحرم السفر إلى الدول «الكافرة» إلا للضرورة القصوى، وهناك من يحلل الاستماع إلى الموسيقى وهناك من يعتبر ذلك من المنكرات وكلها مراجع مهمة وكلها تعتقد أنها تستمد مرجعيتها من كتاب الله وسنة نبيه ..!إنها مشكلة كبرى تكبر كل يوم ولا ندري إلى أين ستصل.!![c1]نقلاً عن صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية [/c]
المسلم البسيط في حرب الفتاوى
أخبار متعلقة