حدث وحديث
في الوقت الذي تتنافس فيه الدول لتحقيق الإنجازات والاكتشافات العلمية والطبية وتطوير وسائل التشخيص والعلاج للأمراض المستعصية والفتاكة وإنشاء وتطوير المرافق البحثية والعلمية للوصول إلى تشخيص وعلاج وتطوير سبل الوقاية من أمراض كانت أبعد وأصعب من التشخيص والعلاج, ولكن ويا للأسف مازالت بلادنا محلك سر, ومازال سكانها وبمئات الآلاف يصابون ويعانون ويفقدون حياتهم أمام واحد من أقدم الأمراض الذي تسببه بعوضة الانوفلس إلا وهو مرض الملاريا والذي مازال يصرع وينتزع أرواح أطفالنا ونساءنا وخيرة شبابنا وبالآلاف, رغم وجود البرنامج الوطني لمكافحة ودحر الملاريا ومنذ سنوات طويلة وفروعه الإقليمية في المحافظات وبرامجه الموجودة في جميع مكاتب الصحة في المحافظات.والغريب أنه ومع تصاعد وتضاعف الموازنات والمساعدات الدولية والإقليمية ومن جاراتنا وعلى رأسها المملكة العربية السعودية, ولم نر ولم نلحظ إلا ازدياد السيارات وتنوع التصريحات والمعالجات والخطط والبرامج وطبعاً المشاركات الخارجية النشطة وتقديم أوراق العمل والمقترحات واستمرار صرف المليارات تلو المليارات وتعاقب المسؤولين والقيادات ولكن مازالت اليمن تحتل موقعاً «مشرفاً» ومتقدماً ويا للأسف في إعداد المصابين وآلاف الضحايا و»القرابين» الذين يضحون بحياتهم ليعيش القائمون برفاهية ويتبادلون ويتقاسمون الدولارات والمشاركات والاجتماعات الخارجية وطبعاً قبل ذلك السيارات والآليات الحديثة التي تتجدد وتزداد ويتم صرفها وامتلاكها في الوقت الذي لم تردم فيه «البؤر» ولم تقل إعداد المناطق الموبوءة وحالات المصابين ولا انتظمت فروع برامجها في أداء دورها لتحسين وتطوير سبل الوقاية وإيصال الأدوية والمحاليل اللازمة إلى المناطق والمصابين والتي دائماً ما يتم تبرير ذلك إلى أن ما يحدث هو من صنع الإنسان وأنه لولا دور السكان السلبي بتوفير البؤر والخزانات والبراميل ومخلفات البناء وأحواض المياه أو أوعية الشرب المكشوفة لكنا قد قضينا وأنهينا معاناة اليمن من شبح وخطر الملاريا, إذا كان ذلك هو السبب فما هو دور الكوادر والآليات والمواد الكيماوية الخاصة بالرش وبرامج ونشرات التوعية والزيارات الميدانية وتوزيع ملايين الناموسيات المشبعة بالسموم القاتلة للبعوض واستمرار تدفق الأموال الهائلة تحت هذا المسمى وهذا يذكرنا بالطرق القديمة لجحا الله يذكره بالخير عندما أخفى حماره في الحظيرة حتى لا يعطيه لجاره لاستخدامه في حمل ونقل أمتعته, وأثناء حديثه مع جاره نهق الحمار واستغرب الجار من عذر جحا الذي وجه إليه السؤال كيف تقول إن حمارك ليس موجوداً؟ وأجابه جحا قائلاً : هل تصدقنا أم تصدق حماري؟.إنني كنت أتمنى من جهات الاختصاص في الصحة أو أصحاب العلاقة في القيادة السياسية أن تقف بجدية وصرامة أمام مثل هذه الاختلالات والمبررات غير المنطقية وأن نكون أكثر مسؤولية وجاهزية للقضاء على هذا المرض خاصة وإننا نفكر بالالتحاق بركب مجلس التعاون الخليجي ودول أقل منا نمواً وإمكانيات قد حققت إنجازات بفترات أقل وتكاليف لا تصل إلى ما وصلت إليه برامجنا وأصبحت تقدم لنا العون والمشورة بل والمساعدة فسبحان الله ليت اليوم كالبارحة فأتقوا الله في رعاياكم وضمائركم ومهنتكم فكلنا راعٍ ومسؤول عن رعيته, صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإلحاق وتنسيق العمل والدخل رغم أنهم يعملون تحت سقف واحد ويحملون مؤهلات متساوية أو متقاربة.كما أن هناك أدواراً مجتمعية كان يمكن للجامعة أن تلعبها سواء بالمشاركة في أنشطة محو الأمية للدارسين في الكليات المتخصصة ومشاركة طلاب الطب في فعاليات الوقاية ومكافحة الأمراض وتوسيع برنامج التحصين والمشاركة كذلك في رفع الوعي والثقافة الصحية للمواطنين وعمل زيارات لأطباء المستقبل إلى المناطق النائية والمحرومة من أبسط الخدمات الصحية بدلاً من توزيعهم إلى المستشفيات والمرافق التي تعج بالأطباء والاختصاصيين بدلاً من توجيههم إلى تلك المناطق مع مشرفيهم وزملائهم الأطباء المقيمين إلى تلك الفئات التي تحتاج إلى من يسرح لهم أبسط سبل الوقاية والرعاية لأطفالهم وتجنيب أسرهم وأنفسهم الإصابة بالأمراض الخطيرة إبتداءً بالإسهالات وإنتهاءً بالأمراض التنفسية الحادة, نرجو التوفيق والنجاح والسداد لجامعاتنا في أداء أدوارها وخدمة مجتمعاتها بشكل أفضل.وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والسداد.