قلعتا جلالي و ميراني بناهما البرتغال لحماية ميناء مسقط
وصلت السفن البريطانية إلى ميناء البصرة عام 1639 وفي عام 1643م سُمح بفتح وكالة فيهحرص كل مقيم بريطاني في البصرة على توثيق عَلاقاته مع شيوخ قبائل البادية وتقدر الهدايا التي دفعها المستر مانستي عام 1801م بحوالي ستة عشر ألف روبية تعددت الدراسات والبحوث المتصلة بتاريخ الدور البريطاني والتوسع في منطقة الخليج العربي منذ المحالات الأولى للدخول الإنجليزي في هذا المكان حتى مراحل متأخرة من التاريخ السياسي المعاصر للجزيرة العربية، وهذا الجانب من الحدث السياسي في المنطقة شكل علامة فاصلة في الخروج من حقب البُعد الاجتماعي القديم، إلى دوائر المواجهة مع أهداف ومصالح قيمتها المادية ثروات تحت الرمال العربية وخطورتها السياسية تكمن في صناعة حضارة وهيمنة إستراتيجية دولية على هذا المكان، والعودة إلى المعلومات التاريخية في هذا المجال هي إعادة قراءة للموقع الجغرافي من خلال القرار السياسي وتلك هي النظرة الموضوعية في الراهن الذي يضع الاحتمالات من منطلق المسافة التي حددت العَلآقة بين حدث الأمس وقرار اليوم.بريطانيا والخليج العربيبتاريخ 31 ديسمبر سنة 1600م صدر قرار ملكي من ملكة بريطاني اليزابيث "1558 - 1603م) بتأسيس شركة الهند الشرقية وكانت ملكة الإنجليز قد منحت هذه الشركة امتيازات التجارة في مناطق الهند والشرق.وفي عام 1601م سجلت أول رحلة للشركة من لندن وتوغلت في المياه الشرقية حتى كان الوصول إلى سومطرة والتي هي بحاجة إلى منسوجات الهند، وبعد العودة قرر قادتها إنشاء مركز للشركة في سورات وعلى موجب ذلك حصلت على اتفاق تجاري مع السلطات المحلية في سورات عام 1612م وقد صدر فرمان سلطاني من السلطان جها نكير يؤكد من خلاله ذلك الاتفاق، وعلى ضوء ذلك أسست أول وكالة لشركة الهند الشرقية في شبه القارة الهندية.تعود العَلاقة بين شركةالهند الشرقية ومنطقة الخليج العربي إلى أوليات أيامها في الهند، حينما حدثت زيادة في الإنتاج وفائض من الأقمشة الصوفية الإنجليزية لديها ووجدوا لها سوق بطيبة في إيران وحصل رجال الشركة على فرمان من الشاه عباس الصفوي في عام 1619م بفتح وكالة للشركة في ميناء جاسك عند مدخل الخليج العربي بعيداً عن مضايقات البرتغاليين في مضيق هرمز، وبعد ذلك كان فتح وكالة في شيراز وأخرى في مدينة إصفهان وكان ذلك في عام 1617م، وفي عام 1620م منع البرتغال سفن شركة الهند الشرقية من دخول ميناء جاسك، وحدث الصدام بين السفن الإنجليزية والسفن البريطانية، وساعدت شركة الهند الشرقية الشاه عباس الصفوي على طرد البرتغاليين بشكل نهائي من جزيرة هرمز عام 1622م وبعد تلك الأحداث نقلت الشركة وكالتها من جاسك إلى ميناء بندر عباس.
هجوم الحملة البحرية البريطانية على القواسم في شناص عام 1810م
وصلت السفن البريطانية إلى ميناء البصرة سنة 1639م وأفرغت بضاعها فيه، وقد سمح لها بفتح وكالة جديدة في ذلك الميناء، وقد دمر الفرنسيون وكالة بندر عباس عام 1759م، ولكن بعد مرور قرن من الزمن أغلقت حكومة الهند البريطانية تلك الوكالة عام 1763م وتم نقل بضائع الشركة من بندر عباس إلى ميناء البصرة، وقد اعترف الباب العالي في تركية بوكالة البصرة كقنصلية عام 1764م تتمتع بنظام الامتيازات.في عام 1763م نجح رجال شركة الهند الشرقية في الحصول على الموافقة من كريم خان من أجل فتح وكالة جديدة لهم في منطقة بوشهر، وهذا العمل نقل مركز نشاط الشركة في أواخر القرن الثامن عشر من مدخل الخليج العربي عند جاسك وبندر عباس إلى أعلاه في البصرة وبوشهر، وبذلك أصبحت بريطانية صاحبة السيادة التجارية في هذه المنطقة بلا منازع وجعلت حكومة بومباي من ميناء بو شهر المقر الرئيسي لها في الخليج العربي، وفي بداية عام 1813م توقف النشاط التجاري للمعتمد البريطاني في بوشهر وتحول عمله إلى الجانب السياسي، كما حرصت حكومة بومباي على فتح وكالة لها في مسقط والتي كان يصل نفوذها من جزيرة كشم حتى ساحل أفريقيا الشرقي والتي تسيطر على مدخل طريق تجاري وبريدي له أهمية، غير أنّ حكام دولة البوسعيد كانوا لا يشجعون عملاً مثل هذا، وعندما تقدمت شركة الهند الشرقية عام 1785م إلى حاكم عُمان السيد حمد بن سعيد تطلب منه فتح وكالة لها، ثم رفض هذا الطلب، وكان يمثل تلك الشركة في مسقط سمسار هندي يعمل على رعاية مصالحها في الميناء وينقل إليها الأخبار، وعندما عقدت حكومة بومباي اتفاقية مع السيد سلطان بن أحمد عام 1798م سمح لها بقدوم ممثل رسمي عنها إلى عاصمته، غير أنّ هذا الغرض تأخر تحقيقه إلى عام 1800م وفي الوقت نفسه كلفت وزارة الخارجية في لندن المستر هار فورد جونز ليشغل منصب المقيم البريطاني في بغداد لإحباط خطة بونابرت لغزو الهند وكان وصوله إلى بغداد في عام 1797م.كان ميناء مسقط قد قام بعملية توزيع تجارة الهند القادمة إلى الخليج العربي، أما ميناء البصرة فقد قام بتوزيع تجارة أوروبا الآتية عبر الطريق الصحراوي، وقد شاركت سفن عُمان السفن البريطانية والهندية في عملية النقل البحري، وقد نافس العتوب بعد نزولهم إلى البحرين عام 1782م أهل عُمان، ورفضوا المرور بسفنهم على ميناء مسقط أثناء قدومهم من الهند وأصروا أن تنتهي رحلاتهم البحرية في البحرين والبصرة.في عام 1643م عرفت شركة الهند الشرقية بريد الصحراء بين البصرة وحلب منذ افتتاح وكالة البصرة فيها، حيث كانت تخرج القوافل من غرب الفرات بحراسة رجال من بدو تلك المناطق كانوا أصدقاء للشركة، ثم تعبر بادية الشام نحو حلب حيث تتولى الوكالة البريطانية التابعة لشركة شرق البحر الأبيض المتوسط عملية نقل البضائع والبريد بسفنها إلى الجزر البريطانية، وكان يستغرق وصول البريد ما بين الهند وبريطانيا عبر ذلك الطريق خمسة أشهر بينما كان يستغرق من طريق رأس الرجاء الصالح 11 شهراً وفي عام 1800م كتب مالكولم في تقريرٍ له بأنّ المسافة التي تقطعها القافلة من الكويت إلى بغداد شهر، ومن الكويت إلى حلب 80 يوماً وكانت قيمة البضائع التي تحمل على البعير 700 جنيه إسترليني بما فيها الهدايا المقدمة لشيوخ القبائل الواقعة على جوانب الطريق وكان كل مقيم سياسي بريطاني في البصرة قد عمل على توثيق عَلاقاته مع شيوخ القبائل في البادية وقد قدرت الهدايا التي دفعها المستر مانستي عام 1811م للشيوخ بستة عشر ألف روبية.
الحملة ضد رأس الخيمة عام 1809م
الصراع بين بريطانيا والقواسمهذا جانب من تاريخ التوسع البريطاني في منطقة الخليج العربي، ويعود الوجود الأوروبي في هذه المنطقة إلى مطلع القرن السادس عشر عندما ظهر البرتغال في مياه الخليج وبسطوا هيمنتهم واحتكارهم لطرق الملاحة والتجارة في الخليج العربي والمحيط الهندي، وتؤكد الدراسات التاريخية أنّ عرب ساحل عُمان ومن بينهم القواسم كانوا من أهل البحر، وقد احترفوا هذا المجال منذ أمدٍ طويل، التجارة والملاحة والغوص في البحر لاستخراج اللؤلؤ وصيد الأسماك وكانت هذه الأعمال من وسائلهم لكسب العيش، ولكن ظهور البرتغاليين أوصلهم إلى حرمانهم من هذه الموارد، ودفعهم للعمل والتعاون مع القوى المحلية والدولية لطرد الاستعمار البرتغالي من هذه المنطقة.في عام 1650م كان إنهيار النفوذ البرتغالي في منطقة الخليج العربي وأعقب ذلك صراعاً مريراً بين القوى الأوروبية الدولية والتي كانت في تلك الحقبة متمثلة في بريطانيا وهولندا وفرنسا وكلها سعت إلى مد نفوذها التجاري والسياسي في المنطقة، أما القوى البحرية في هذا المكان فقد تمثلت في العُمانيين والقواسم، وقد تزايد نشاط هذه القوى البحرية العربية على نحو ملموس ودخلت في صراعٍ قويٍ فيما بينها، ومن جهةٍ أخرى ضد التواجد الأجنبي في الخليج العربي كقوةٍ بحرية لها أهمية في الخليج العربي جاء متزامناً مع إنهيار دولة اليعاربة والتي أعقبت التواجد البرتغالي، ولكنها تعرضت للفتن والصراعات الداخلية التي ساعدت على إضعاف مكانتها وأفسحت المجال أمام القواسم لكي يحملوا عبء المقاومة ضد الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا.وفي هذا الجانب يقول الدكتور عبد الوهاب أحمد عبد الرحمن :(لعب زعيم القواسم المشهور الشيخ رحمة بن مطر دوراً بارزاً وحاسماً في الأحداث التي عصفت بدولة اليعاربة في عُمان بإنحيازه إلى الكتلة الغافرية بزعامة محمد بن ناصر الغافري ضد الكتلة الهناوية بزعامة خلف بن مبارك الهناوي.. وعلى إثر انتهاء حكم اليعاربة استقل الشيخ رحمة بن مطر بحكم رأس الخيمة وتوابعها في سنة 1741م واعترف له الإمام الجديد أحمد بن سعيد مؤسس دولة آل بوسعيد بالسيادة والاستقلال في منطقته.ودخل القواسم بعد ذلك في مجابهات بحرية مع الإمام أحمد الذي كان يزعم، رغم اعترافه باستقلالهم، أنّ له حق السيادة عليهم، فقاموا بتعقب ومهاجمة السفن العُمانية ليجابهوا طموح الإمام العُماني، كما لم يترددوا في الاستيلاء على سفن بوشهر بزعم أنّها تحمل شحنات خاصة برعايا الإمام.)شكل هذا الخلاف فرصة للتدخل البريطاني وخدمة للمصالح السياسية والاقتصادية، وشرعت بريطانيا في التدخل وتأجيج نيران الخلافات والإنحياز إلى حكام عُمان يحثونهم ويشجعونهم على التصدي للقواسم ووضع حدٍ لنشاطهم البحري.وفي عام 1860م تمكن القواسم من احتلال جزيرة قشم التي تقع في مضيق هرمز أمام سواحل بندر عباس وقد أقاموا فيها مركزاً تجارياً في ميناء باسيدو، ووصل نفوذهم إلى السواحل الشرقية للخليج العربي كما سيطروا لمدة من الوقت على لنجه وشيناص.شكل صعود القواسم ونشاطهم البحري ضد السفن البريطانية غضب شركة الهند الشرقية والتي كانت قد انتهت من الحروب في الهند واطمأنت لأبعاد التوسع الفرنسي عن النمطقة وهدأت الأوضاع في شبه القارة الهندية وبلاد فارس، وعند ذلك عزمت على محاربة القواسم وجددت اتهاماتها لهم بالقرصنة، وأعطت تعليماتها للمقيم البريطاني في مسقط سيتون بالتعاون مع سلطان مسقط الجديد في ذلك الوقت بدر بن سيف لوقوف نفوذ القواسم، وفي تاريخ 28 مايو عام 1805م أبحر كابتن بريطاني من مسقط على ظهر السفينة البريطانية مور نجتون إلى ميناء بندر عباس لمساعدة سلطان عُمان الجديد الذي كان يستعد لمهاجمة ذلك البندر واستعادته من بني معين حلفاء القواسم.وقد بلغت قوة القواسم وتحديهم لبريطانيا حين تقدمّ شيخ رأس الخيمة عن طريق حسين بن علي حاكم الرمس بطلب إلى حكومة بومباي البريطانية بدفع مبالغ مالية سنوية كرسومِ مرورٍ لشيوخ القواسم بمقابل السماح لسفنهم بالملاحة في مياه الخليج العربي، غير أنّ حكومة بومباي لم تستجب لتلك الطلبات والتي عدتها تجاوزاً وخدشاً بكرامة ومكانة بريطانيا العظمى، وواصل القواسم هجماتهم على السفن البريطانية وبعد ذلك استعدوا لمهاجمة ميناء البصرة والإنقضاض على التجارة الهندية وبذلك أصبحوا مركز خطر على المصالح البريطانية في الخليج العربي وسواحل الهند، وبعد تصاعد الأمر بصورةٍ ملحوظة إثر التحذيرات التي وجهها الأمير الوهابي إلى سلطان مسقط حيث قوات القواسم، في هجومهم المتوقع على البصرة والإنقضاض على التجارة الهندية.
معركة شناص عام 1810م بين القواسم و البريطانيين
وبعد تلك الأحداث وفي أبريل عام 1809م أصدر الحاكم البريطاني العام للهند أوامره إلى دنكان حام بومباي لتجهيز حملة بحرية عسكرية لتدمير قوة القواسم البحرية في الخليج العربي، انتقاماً للهجمات التي كانوا يشنونها على السفن البريطانية، كذلك هدفت الحملة إلى إطلاق سراح الأسرى والرعايا البريطانيين والذين كانوا قد وقعوا في أسر القواسم خلال معارك بحرية سابقة وأيضاً استرداد المواقع العُمانية التي انتزعها القواسم في خليج عُمان.في الأيام الأُوَل من شهر سبتمبر 1809م صدرت الأوامر والتعليمات العسكرية من دنكان لقائدي الحملة البريطانيين الكولونيل جون وينرايت والرائد ليونيل سميث وهما من ضباط البحرية البريطانية في الهند بالتوجه على رأس قوة بحرية كبرى إلى منطقة رأس الخيمة، وكانت معقل القواسم لضرب وتدمير مراكزهم هناك وتحطيم السفن والقواعد التابعة لهم في الموانئ على طول السواحل الشمالية والشرقية من الخليج العربي، وفي تاريخ 14 سبتمبر عام 1809م أبحرت الحملة البريطانية على القواسم من بومباي في الاتجاه نحو مسقط والتي وصلتها بتاريخ 21 أكتوبر من العام نفسه، وفي اليوم الثالث للمعركة على أراضي رأس الخيمة تمّ إنزال القوة الرئيسة للحملة في الطرف الآخر، وزحفت نحو تحصينات القواسم وقد نجحت في إحداث ثغرة بها وتمكنت من السيطرة على بعضها، وبعد معركة رأس الخيمة وانسحاب القوات البريطانية منها إلى الشارقة والتي استسلمت لها، وبعدها هاجمت القوات البريطانية الحمراء، ثم تقدّمت إلى لنجة ميناء القواسم والذي كان مزدهراً على الجانب الشرقي من الخليج العربي، وقامت بتاريخ 14 نوفمبر بمهاجمتها وحرقها كما قامت بحرق وتدمير 20 سفينة شراعية، وما بين 1810 - 1811م توقف نشاط القواسم البحري ضد السفن البريطانية.المراجع 1 - إمارات الساحل وعُمان والدولة السعودية الأولى - 1793 - 1818م، تأليف : الدكتور محمد مرسي عبد الله، المكتب المصري الحديث القاهرة - 1978م.2 - الخليج العربي والمحرمات البريطانية الثلاث (1778 - 1914م)، تأليف : الدكتور عبد الوهاب أحمد عبد الرحمن، مركز زايد للتراث والتاريخ - 2000م.في أبريل عام 1809م أصدر الحاكم البريطاني العام للهند أوامره إلى دنكان حاكم بومباي لتجهيز حملة عسكرية بحرية لتدمير قوة القواسم البحرية في الخليج العربي1810 - 1811م توقف نشاط القواسم البحري ضد السفن البريطانية