مع الأحداث
لاشك في أن أي ظاهرة مجتمعية لها أسبابها وإرهاصتها وجذورها الأساسية ومن غير الممكن علاجها إلا بتنقيح هذه العوامل مجتمعة وخاصة جذورها الأصلية ليتسنى اجتثاثها والقضاء عليها ولن يتسنى لنا ذلك إلا بتكاتف وصدق الجميع حكومة وأحزاباً وأفراداً وجمعيات ورجال دين ومثقفين بعيداً عن التعصب والايدلوجيات المعتقة وخاصة إذا كانت هذه الظاهرة دخيلة عن هذا المجتمع.فلم يكن الإرهاب وقتل الأبرياء يوماً عقيدة الآباء فثقافة الاختطاف والإرهاب بدأت تطفو على السطح بشكلها الخطير وللأسف المبررات الدينية لهؤلاء هي الأساس التي يستندون إليها مما يدل على أن ثقافة خطيرة بدأت تحول المجتمع إلى أفخاخ موقوتة تصطاد كل ما هو جميل في هذا العالم، والملاحظ أن هؤلاء الدراويش خرجوا من تحت عباءة سدنة الدين وجهابذة الفقه الديني الذي لا يرون أكثر من الوجه القبيح لهذا العالم، ولذلك لم نسمع يوماً أحدهم يذكر تنظيماً مثل (القاعدة) بشكل صريح وواضح وتحذير الشباب والمجتمع من هؤلاء القاصرين دينياً وعقلياً وخلقياً ولكن يمكن أن نسمع من مشايخهم الأجلاء عن جمع للأموال هنا وهناك من أجل غزة وأفغانستان و..الخ.لم يصقل أحدهم مسامعنا بقوله مثلاً إن القاعدة تشبه الصهيونية في حربها على الإسلام أو حتى كخطر الخوارج هل سمعت أحد مشايخنا أو خطبائنا يذكر زعيم القاعدة بن لادن بأي لفظ يخدش حياء المنظمة التي لطخت وجوه هذه الأمة المسالمة بدماء الأبرياء ووضعت تاريخاً إسلامياً ناصع البياض في متاهات الإرهاب.هل سمعتم ذلك، فأنا لا أسمع سوى كلام مبهم عن حرمة قتل الأبرياء وعن أمان أهل الكتاب كما يحبون أن يسموا الآخرين.لم استطع أن أفهم أو حتى أن أحاول أن أفهم هذا الصمت من قبل صفوة أنفسنا والمسؤولين عن جوهر هذا الدين، لماذا هذا الجنون الذي يرتكب من خلال أفراد لا يعدون على أصابع اليد بينما مشايخنا صامتون وأن نطقوا فإن الكلام على استحياء ولا يخرج عن سطور قليلة وآيات قرآنية نجتزئها من سياقها.ما الفرق بين من يقتل بريئاً في (غزة) ومن يقتل بريئاً في “شبام” فكيف نجيب على العالم فيما يحدث إذا كان علماؤنا يصابون بالصم عندما يتعلق الأمر بظلمنا للآخر بينما نقيم الدنيا ولا نقعدها إذا كان البريء من بني جنسنا فما تفسير ذلك سوى العنصرية المقيتة، الغرور الجاهل، المرض المستفحل في كيان هذه الأئمة بكاملها.من يزرع الكره في أجيالنا وفي أطفالنا وفي أنفسنا ومن يجعلنا قنابل موقوتة تنفجر بمجرد اقتراب الآخرين منها وهل أن ندرك أن ثقافتنا الذي نرتوي منها أصبحت ماءاً مالحاً عكراً تحتاج إلى مصفاة حتى لا نفقد أجيالنا القادمة التي تموت بلا هدف.إن هذه الآفة تتغلغل في حياتنا وتنمو بفعل جهلنا الرهيب بالمستقبل الذي يمكن أن يكون كارثياً إذا استمر هذا العبث بأفكار هذا الجيل ورمي الكرة كلاً في ملعب الآخر فهذا لن يكون حلاً فعلى رجال الدين أن يعوا حجم الخطر الذي يتهدد الدين والعقيدة من هذا الانحراف الخطير وعلى الدولة أن تعد إستراتيجيتها بالشكل العلمي الصحيح في وضع منهاج تربوي سليم يخدم المجتمع ولا يساير أفكاراً عفى عليها الزمن فالدولة ستكون أول الضحايا إذا ما وصل أحدهم إلى الموقع المسؤول وعلى أحزاب المعارضة وخاصة الحزبين الكبيرين تصحيح وتوضيح رؤيتها مما يجري بعيداً عن المماحكة.