
الحوثيون لم يكتفوا بفرض الحصار الخانق على السكان المسالمين، ولكنهم عمدوا أيضا إلى استهداف القرية الريفية بمن فيها من المدنيين، “كبار سن ونساء وأطفال”، بمختلف أنواع الأسلحة، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة. وكانت حصيلة الحصار والقصف العنيف سقوط المئات من القتلى والجرحى. وكان بداية الحصار الأول يوم 20 أكتوبر 2011. وفي 15 يناير 2014، قامت الميليشيا الحوثية بتهجير السكان قسريا إلى خارج منطقتهم، بمبررات طائفية لم يعرفها اليمنيون من قبل في العصر الحاضر.
اليوم تتكرر نفس الجريمة بكل تفاصيلها الطائفية البشعة، حيث قامت الميليشيا الانقلابية المدعومة من إيران، في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بمداهمة عدد من المساجد التابعة لأهل السنة “السلفيين”، كان آخرها مسجد “السنة” بمنطقة سعوان، حيث قامت الميليشيا بمحاولة إجبار القائمين على المسجد بالقوة والعنف بمنع إقامة حلقات تحفيظ القرآن الكريم وإلغاء الدروس العلمية، وتسليم منبر خطبة الجمعة لخطيب منهم، مما أدى إلى رفض المشايخ وطلبة العلم والمصلين بشكل قاطع سيطرة الميليشيا على مسجدهم. وعلى إثر ذلك، قامت الميليشيا باعتقال مجموعة من المشايخ والطلاب، واقتيادهم إلى اماكن مجهولة، وإمهال البقية منهم لمغادرة المسجد وصنعاء بشكل نهائي، إلى مكان آخر خارج نطاق سيطرتهم في المحافظات الشمالية.
الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وعبر وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور محمد بن عيضة شبيبة، استنكرت وأدانت وبشدة جريمة اقتحام المسجد وتهجير القائمين عليه، معتبرة ذلك بأنه ترجمة فعلية لعقيدة طائفية متطرفة، ترفض الآخر ولا تؤمن بالتعايش السلمي، وتؤسس لمرحلة مستقبلية واسعة للتهجير وفرض معتقداتها الباطلة في ترسيخ ثقافة “الولاية” و”الحق الإلهي”، وغير ذلك من المزاعم والترهات والخرافات المستوردة من إيران، التي لا تمت لعقيدة اليمنيين بصلة، فأهل اليمن مسلمون على عقيدة سنية صحيحة، منذ دخولهم الإسلام قبل 1400 عام.
الذي يجب إدراكه أن التهجير القسري جريمة حرب ضد الإنسانية، وهي مجرّمة في القانون الدولي الإنساني، الذي عرفه بأنه “إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها”. وكذلك في قانون روما الخاص بمحكمة العدل الدولية، وكذلك في اتفاقية جنيف لعام 1949. وقبل ذلك، فالتهجير مجرّم في الإسلام، ولكن الميليشيا الانقلابية الحوثية الإرهابية لا تفقه أبدا في الشريعة الإسلامية، ولا في القوانين المحلية، أو الدولية. ولذلك لابد من تعرية هذه الميليشيا من قبل الكتاب والصحفيين والإعلاميين والناشطين والناشطات، على كافة الوسائل الإعلامية، وأيضا لابد من قيام المنظمات الحقوقية والإنسانية والمجتمع الدولي بواجبهم الأخلاقي والإنساني تجاه هذه الممارسات الإجرامية، ومحاسبة الميليشيا وداعميها في محور الشر، بقيادة النظام الإرهابي في إيران، على جرائمهم المرتكبة ضد الإنسانية منذ عقود، بدواع طائفية، محملة بجبال من التخلف والحقد والكراهية، ليس فقط ضد المسلمين - السنة - ولكن ضد الإنسانية بشكل عام، وليس فقط في اليمن، ولكن في دول ومناطق عدة من العالم العربي والإسلامي.