
لكن ما يحدث في واقعنا الحالي، من متغيرات كثيرة أدت الى تدنٍّ كبير في مستوى التعليم، ورغم ما يعانيه التعليم من ضعف وقلة الامكانيات، الا أنه لا يمر عام دون اضراب وتوقف المسيرة التعليمية، نحن ندرك جيدا ما يعانيه المعلم من سوء المعيشة وغلاء الاسعار المخيف، بمعاش زهيد لا يكفي متطلبات الحياة الكريمة للمعلم، الا ان ذلك لايبرر وقف التعليم، وتعطيل مسار الامة، لاجل قضايا يمكن حلها، دون المساس بالعملية التعليمية، لان التعليم العام يعتبر من اهم القضايا في الدولة، لأن التعليم هو المستقبل وهو البناء والتنمية.فإذا اردت ان تهدم أمة فأوقف التعليم فيها. ان اللجوء إلى الاضراب العام في مثل هذه الظروف دون الاحساس بالمعيار الأخلاقي و الشرف المهني من نقابة المعلمين، في الامتناع عن التدريس سلوك يضر المعلم والطالب معا ويضر أيضا علاقة المعلم بأولياء الأمور والتأييد المجتمعي لحقوق المعلم المشروعة. أن يتوقف التعليم في عدن هذا ما لا يتمناه أحد؛ لما فيه من ضرر وخيم على أبنائنا ومنظومة التعليم . ربما هناك عوامل كثيرة قد ساعدت على ذلك بعضها ما هو موضوعي ومهم للمعلم وتحسين مستوى دخله، وبعضها ما هو مفتعل وسياسة وعمل تخريبي لإفشال المنظومة التعليمية في عدن . ندرك جيدا ما يعانيه المعلم من معاناة بسبب الغلاء وسوء المعيشة ومعاش زهيد لا يكفي متطلبات الحياة في العيش الكريم، وذلك أيضا هو حال المواطن في عدن وفي شتى المهن. هل إضراب المعلمين حق وقانوني أم استغلال مواقف؟! ان يوقف التعليم ويعلن الاضراب بسبب تأخر الرواتب شهرين كاملين نقبل ذلك . لكن أن يستمر الاضراب حتى بعد استلام راتب الشهرين، تلك مسألة أخرى و ذريعة ليست مقنعة وحجة غير مقبولة . إذا كان هناك إضراب لأجل تصحيح وضع المعلم فهو حق من حقوق المعلم العادلة والمشروعة. ولكن هناك وسائل أخرى أيضا وبديلة غير وقف التعليم وحرمان التلاميذ من حقهم العام في التعليم .. إذا كان للمعلم حق فايضا للطالب حق في التعليم وللمجتمع حق أيضا، هي حقوق متكاملة أمام واجبات متبادلة .
إن حال التعليم العام في عدن في أدنى مستوى له من الضعف والإهمال ولا يسر الحال . و من عام إلى آخر منذ سنوات يعاني التعليم من الانحدار من سيئ إلى اسوأ . والتعليم العام ليس في حال أفضل من غيره في شتى المجالات الأخرى . وما يحدث في التعليم هو لسان حال ما يحدث في الصحة والمياه والكهرباء وبقية القطاعات الأخرى . ذلك نتاج طبيعي لمنظومة الفشل الذريع الذي تعاني منه الحكومة وضعف ادارتها .
إن استمرار الاضراب العام ووقف التعليم في عدن، وتأخر العام الدراسي للطلبة ليست ذريعة او حجة مقنعة وانما هي عمل مفتعل وابتزاز وخاصة في مثل هذه الظروف وخاصة طلبة الثانوية العامة المقبلين على الامتحانات، دون الإحساس بالمعيار الأخلاقي و الشرف المهني للمعلم . ان نقابة المعلمين في عدن تفتقر الى المهنية والانضباط بما يخدم المعلم والمنظومة التعليمية . إن الامتناع عن التدريس والتعليم سلوك غير سوي يضر المعلم والطالب معا، ويضر أيضا علاقة المعلم بأولياء الأمور والتأييد المجتمعي لحقوق المعلم المشروعة .
إن التأنيب على إضراب المعلمين من بعض الاعلاميين ومواقع التواصل الاجتماعي وأولياء الأمور، ما هو إلا رد فعل بعد إعلان نقابة المعلمين عن وقف المسيرة التعليمية. إن هذا الإضراب غير مبرر ولا موضوعي وليس من الحكمة أن نعود للخلف . إن الاضراب يجب يكون مبنيا على حق قانوني وليس استغلال مواقف. لعل ما يحدث اليوم من إضراب عام للمعلمين في عدن ووقف التعليم في جميع مدارس عدن تحت مبرر تحسين الأجور وإعادة بند الرواتب في الميزانية العامة للدولة هو سلوك غير مثالي للمعلم ولا يخدم الا المستفيدين من نظام الفوضى. إن المعلم المثالي هو قدوة المجتمع وهو من يصنع الأجيال وحاضرة المستقبل لغد أفضل وليس العكس .