ولأول مرة تجرى مراسيم تنصيب الرئيس داخل الكونجرس لا في الهواء الطلق، لأن هيئة الأحوال الجوية قالت إن البلاد تشهد أسوأ منخفض للبرودة، بينما تصريحات الرئيس القادم ترفع أعلى درجات الحرارة في العالم، وترفع الضغط لمعظم القادة!. يحضر ممثلو وقادة الشركات، بمن فيهم صاحب موقع التيك توك، ولا يحضر من يمثل العالم العربي، وتلك إشارة واضحة لحسابات الرجل.
العاصفة القادمة مع ترامب أوقفت حرب غزة، ولأكون أكثر دقة أوقفت القصف الإسرائيلي على غزة، حيث مصطلح حرب لا ينطبق هنا، فما جرى ويجرى حرب إبادة توقفت قليلاً!، لكن مشروع إسرائيل تجاه تصفية القضية لم يتوقف!. وهاهي الضفة في المحك ومرشحة لتكون غزة الثانية!.
وعاصفة تولي ترامب الحكم تهم الجميع، فهو يتوعد العالم كله بخريطة توازن جديدة. فسوف يضم كندا حسب قوله، وكأنها فرع لسوبر ماركت لا دولة بمساحة تقارب العشرة ملايين كيلومتر، ورابع منتج للنفط في العالم، ويستولي على قناة بنما فتلك زقاق جانبي لأمريكا لا دولة كاملة السيادة!.
أما الصين وإيران وما حولهما فملعب صراع قادم، لذا الكل يتابع عشرات القرارات العاصفة الترامبية التي ستطيح بأحلام المهاجرين، وانهت عضوية أمريكا في منظمة الصحة العالمية، وخطوات تبدأ في السيطرة على أسواق العالم ولا تنتهي بالشرق الأوسط الجديد المرتقب.
وفي أوروبا، يكفي قول رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، حيث قال: «إذا لم يعد الاتحاد الأوروبي وفرنسا إلى رشدهما فسوف يتم سحقهما وتهميشهما مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض».
أهل اليمن كغيرهم يهتمون بما يجرى في واشنطن وينتظرون ما سيصلهم من عواصف ترامب القادمة!. وقد أصدر البيت الأبيض من ثلاثة أيام قرارا بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، ولا أدري هل يعرف ترامب أنه يدخل البيت الأبيض وعليه حكم بالإعدام وملاحق قضائيا من جماعة الحوثي نفسها ؟!..أي والله!. فقد قضت «المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بمحافظة صعدة، بإعدامه وتسعة آخرين من قادة العالم، في سبتمبر 2020، وهو مطلوب في صنعاء مع آخرين بمن فيهم شركة «واتساب» التي عليها شكوى حضور ومتابعة!!. فتلك حالة اليمن مع الحوثي عموماً.
ورغم أن الحوثي بدأ يدرك أن الجنون لا ينفع مع ترامب فسارع لإطلاق سراح طاقم سفينة جالاكسي ليدر، التي اختطفها العام الفائت، في خطوة للنزول من شجرة الجنون نحو أرض الواقع. وستبقى الأسئلة معلقة عن تقاطعات المصالح المربكة، وتهديدات ميليشيات الحوثي المرتبكة.
وهل ستستمر طرق التجارة الدولية مضطربة في البحر الأحمر؟. خاصة مع إعلان جناح الميليشيات المتشدد أن وقف القصف على غزة لا يعني إنهاء الاضطراب في البحر الأحمر، فالخطر الصهيوني قائم ببقاء إسرائيل كما قال. ويعني ذلك بقاء التهديد مستمراً.
وذاك يعيد علينا ما يطرحه العقل وهو أن سيناريو عودة الأمن لهذه المنطقة مرهون بعودة الدولة اليمنية، وبسط سيطرتها على مقاليد الأمور في كل اليمن، فذاك هو المخرج الأمثل للأمن الإقليمي والملاحة الدولية.
ودونه سنبقى في دائرة قلق تصنعها عصابات من الشباب المؤمن في الصومال إلى جماعة التكفير الحوثية في صنعاء!. وهذا يعني إعادة ترتيب أوراق اليمن بما يضمن استقراره ووحدته، دون ذلك ستبقى ظاهرة الميليشيات المدمرة لليمن والمقلقة للمنطقة موالاً حزيناً، حتى تُصوّب الأمور كما يجب.
وقدر اليمن في موقعه وثقله السكاني، فهو ثاني دولة بعد المملكة العربية السعودية في الجزيرة العربية والخليج، من حيث السكان والمساحة التي تتجاوز خمسمائة وخمسين ألف كم، وسكان يتجاوز عددهم الثلاثين مليونا، وشريط ساحلي يتجاوز الـ 2200 كيلومتر، ثلثه يواجه البحر الأحمر والثلثان الباقيان على خليج عدن.
واليمن جغرافيا متنوع، تستقر رقعته وتزدهر دولته مع احترام تنوعه الثقافي والاجتماعي والمذهبي، وهو من يجسد مقولة إن الجغرافية نعمة ونقمة، فهو خاصرة الخليج العربي وليس منه، وهو محسوبٌ ضمن دول المحيط الهندي في قضاياه ولكنه في أقصى هذا المحيط، وليس قلب أحداثه، وهو المشرف على القرن الإفريقي وليس جزءاً من إفريقيا.
ولكن سيبقى اليمن المشرف على البوابة الجنوبية للوطن العربي وحارسه على باب المندب، بوابة الغياب والدموع!.