لم يفسر له مريدوه معنى أن يُكسر هذا المشروع في أهم حلقاته بتلك الصورة التي عادت فيها عاصمتان عربيتان ( بيروت ودمشق) الى حضنها العربي والوطني من مجموع العواصم العربية الأربع، التي فاخر النظام الإيراني، ذات يوم، أنها أصبحت في قبضته، وأن بغداد أخذت تنسحب تدريجياً إلى حرم الدولة الوطنية، على الرغم من المليشيات الطائفية التي تحيط بها، وهو ما عبر عنه إخفاق النظام الايراني في توريط المليشيات التابعة له في العراق في التدخل في سوريا، وأن صنعاء باتت جيباً هشاً للمشروع الايراني، مزدحماً بتاريخه الوطني، ومحاصراً بغليان شعبي تقلصت المسافة بينه وبين الانتفاضة التي ستعيد اليمن الى مساره الوطني.
قدم اليمنيون لعبد الملك أكثر من فرصة ليستلهم من صبرهم على تعديات وعبث جماعته موقفاً يساعده على إدراك أن التمادي في الارتماء في أحضان إيران، وتقديم اليمن قرباناً لحماية الامن القومي لنظامها لا يمكن أن يقبله اليمنيون، ذلك أنه كيف لهذا البلد العظيم أن يُقزَّم ليغدو مجرد حامية في مشروع هزيل، كل وظيفته هو أن يحمي الملالي الذين اختطفوا إيران من شعبها، ويقيم على شاكلة نظامهم الثيوقراطي الشمولي أنظمة مماثلة يجندها لقمع شعوبهم وخدمته بما في ذلك اليمن.
لم يحترم هذه الفرصة، وفرط فيها، وواصل إصراره على تجاهلها.
خاطبه اليمنيون، وهم أهل حذاقة حينما يتعلق الأمر بتجنب الحروب والقتل والدمار، بأن يتدبر بإمعان حقيقة أن حكم اليمن له شروط لا تتوفر في جماعته، ولا في أي مجموعة تنفرد بقوة السلاح لتستولي على الحكم، فاليمن بلد متنوع، ولا يستقيم فيه إلا حكم يحترم هذا التنوع والتعدد، لكنه تمادى في تحقير هذا الخطاب، وأصر على كسر الارادة الوطنية التي تسعى إلى إيجاد مخارج من هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن ليواصل تجنيد نفسه لخدمة مشروع يحتضر، لا لشيء إلا لأن الوهم الذي حمله خطاب خامنئي مؤخراً بشأن استمرار ما أسماه “مشروع المقاومة” وتوسعه ليشمل كل غرب آسيا على حد زعمه، قد أعماه عن مصلحة اليمن في مغادرة هذه المأساة التي تسبب بها، وأغرق فيها اليمن.
ينتظر عبد الملك أن يصبح محور المشروع الايراني في المنطقة، بعد النهاية التراجيدية لحسن نصر الله، وهذا ما يخطط له الايرانيون، وهو بذلك يجر اليمن إلى مستنقع دموي جديد.. ولكن لا يجب أن يسمح له بذلك.