آعٌتٍمٍدت معامل طحن الأسماك في بدايات عملها على مخلفات الأسماك، وهي الأسماك التي ليس لها اسواق محلية وليس لها مستهلك، وكذلك الأسماك التي على وشك التلف ليتم عصرها واستخراج زيوتها ومن ثم طحنها كاعلاف وأسمدة طبيعية، ويتم تصدير تلك الزيوت والاعلاف والأسمدة لخارج الوطن.
راجت اعمال معامل الطحن في الأزمنة الأخيرة وزاد الطلب خارجيا على زيوتها وأسمدتها واعلافها وقفزت انتاجيات تلك المعامل من 1000 طن في العام الواحد قبل 2022م إلى 14,000طن بعد عام 2022م، معها اختلت معايير انواع الأسماك التي يتم عصرها وطحنها، فبات الصيادون يجلبون للمعامل تلك الانواع من الأسماك المرغوبة في السوق المحلية واهمها سمك السردين (العيدة).
تعتبر اسماك السردين ( العيدة) الوجبة الرئيسية للأسماك الكبيرة، وبدخول سمك السردين إلى المياه الإقليمية تتبعها أسماك الثمد والصنوفة والشروة تباعا للبحث عن سمك السردين، وبهذا يُعفى الصيادون من الرحلات الخطرة والمكلفة إلى بر الصومال وبحار جيبوتي الإقليمية، كما يتعافى وتعود الحياة إلى بحارنا الإقليمية بعودة الأسماك الكبيرة وبوفرة.
دأب الصيادون على البحث عن سمك السردين واصطياده بكميات كبيرة وتوريده إلى معامل الطحن للاستفادة من زيوته الوفيرة، مما قضى على تواجد سمك السردين في بحارنا وغادر إلى أقاص بعيدة ومعه غادرت الأسماك الكبيرة، وكان (أحد أسباب) ارتفاع أسعار الأسماك في الآونة الأخيرة ولاسيما سمك التونة ( الثمد) الاكثر طلبا في السوق المحلية، والمعيار الاول للأسعار في السوق المحلية.
قرار وزير الزراعة والري والثروة السمكية في أغسطس الفائت بإيقاف معامل طحن الأسماك كان له الأثر الأكبر بحضور سمك السردين (العيدة) إلى سواحل المكلا وبكميات مهولة، معها حضرت الأسماك الكبيرة مثل الثمد والشروة والزينوب والصنوفة وأنواع أخرى بعد خمس سنوات غياب من بحارنا الإقليمية، وقد حقق هذا القرار وفرة غير معهودة في الأسماك منذ زمن حين تم إيقاف معامل الطحن.
دولة رئيس الوزراء شكل لجنة من المعنيين الحكوميين لتدارس معضلة ايقاف مطاحن الأسماك بحسب رفع وزارة الصناعة بسبب تضرر ملاك معامل الطحن المنتشرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وتضرر استثمارات وازنة وعمال يقتاتون من هذا النشاط الاقتصادي.
الراجح في الأمر هو عودة معامل الطحن العديدة بعد التأكيد على المعايير التي أنشئت بصددها تلك المعامل باستخدام مخلفات الأسماك فقط، وان لاتمس الأسماك التي يتم استهلاكها محليا والأسماك التي تحافظ على دورة الحياة للأحياء البحرية ولاسيما سمك السردين ( العيدة)، وان تعتمد معامل طحن الأسماك على مخلفات الأسماك فقط حتى نحافظ على المخزون الاستراتيجي السمكي.
ماعدا ذلك يعد تهاوناً بثروة قومية متجددة، ولاتقل أهمية عن النفط والغاز غير المتجددين، لصالح عدد ضئيل من المستثمرين.