وعندما نتحدث عن الوحدة اليمنية ، نتحدث عنها كشاهد حي من حيث أنها مثلت الأصل في تاريخ اليمنيين قديماً وحاضراً وأصبحت راسخة في الأرض والنفس مسكنها أفئدة اليمنيين بالإضافة إلى أن تحقيقها- أظهر صورة إيجابية لليمن واليمنيين في جميع المحافل العربية والإقليمية والدولية فهي تعد نبراساً مضيئا في سماء الإخفاق العربي والانسكارات المتواصلة في حياة العرب وكانت بحق الحدث الوحيد في التاريخ العربي الحديث والمعاصر ذا الأهمية البالغة في حياة الشعب العربي قاطبة ، بل أنها شكلت جسراً تجديدياً للصلة الحضارية بالعروبة وهيأت المناخ في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي ، كما تظهر أهمية قيام الوحدة المباركة أنها جاءت في ظل التجزؤ والتفكك السياسي للوطن العربي ، لتدل على إمكانيات تحقيق حلم الوحدة العربية الشاملة للمجتمع العربي الواحد الذي تربطه عوامل الدين واللغة والتأريخ والأصل الجغرافي الواحد ، في الحين ذاته نجد أهمية قيام الوحدة أصبح بالنسبة لليمنيين الحل الأمثل والمخرج الوحيد لحل جميع خلافاتهم كما أنها أنهت مرحلة تقسيم اليمن ، وازالت الحدود المصطنعة بين أبناء الشعب الواحد ، وتركت الحرية الكاملة للشعب اليمني في التنقل عبر حدوده الطبيعية دون حواجز تفصل بين منطقة وأخرى ، ووضعت حداً لفترة التشطير ومخلفاته المأساوية.
لقد أنتقل اليمن واليمنيون في ظل تحقيقها إلى مرحلة جديدة من التعايش السلمي في التطور الحضاري والإنساني والعلمي لتصنع بذلك طرقاً من التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي تحت مظلة العدالة والمساواة والتعايش السلمي ، وعلى أثرها سمحت للحرية السياسية أن تأخذ مسارها الطويل لتصنع بذلك التعددية الحزبية داخل اليمن ووفق ذلك إتجه اليمن نحو المنهج الديمقراطي الذي يحقق التداول السلمي والسلس للسلطة وهذا بدوره أو جد حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في أوساط المجتمع اليمني ، بالإضافة إلى أن الوحدة كانت وما تزال لها أثرها الإيجابي في تهيئة الأجواء أمام حل المشكلات الحدودية ، البرية والبحرية سلمياً مع الأشقاء في دول الجوار، وبالتالي فإن انتهاج اليمن للحل السلمي محل النزاعات الداخلية والخارجية أوجد حالة من الاستقرار السياسي والعسكري على مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية لليمن، وبذلك فتح ميدان واسع أمام العلاقات اليمنية الخارجية ـ لتأخذ طريقها في سبيل تعميق العلاقات الأخوية وتعزيز مبدأ الشراكة سواء كان مع دول الجوار أو مع المجتمع الدولي ككل.
كما ان نجاح مشروع الوحدة اليمنية لم يكن توحيداً لبلدين فحسب بل أنه توحيد والتئام للكيان الواحد بمسمى الأرض عبر الزمن وهو اليمن والأصل الذي انحدر منه أبناء اليمن منذ آلاف السنوات هو أصل واحد ، وهي في مجموعها تشكل نسيجاً اجتماعيا واحداً متجانساً في الدين واللغة والتاريخ والقيم والعادات والأهداف والتطلعات لتنفتح آفاق مستقبلية جديدة أمام اليمنيين ، وستظل الوحدة القاعدة الأساسية التي انطلقت منها مسيرة البناء والتجديد ، فوجد التعليم ، والصحة ، وأنشأت المدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات والطرقات .. الخ ومع هذا كله . وما تحقق على الارض اليمنية من منجزات عملاقة ستظل الشاهد الحقيقي على عظمة الوحدة وعظمة من ساهم في تحقيقها .
وبالإشارة إلى أن الحديث عن الحدث الوحدوي يستدعي منا الاقرار بأنه له إيجابيات وإخفاقات ، فلا يسلم حدث عظيم كهذا من السلبيات التي قد ترافقه وجميع هذه الأخطاء لها أسبابها المتعددة فهناك سلبيات رافقت مسيرة قيام الوحدة، وكانت لهذه السلبيات تداعيات خطيرة ومؤلمة في جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في اليمن والتي كادت ان تلقي ما صنعه اليمنيون في 1990م إلى الهاوية وتم با لفعل استدراج اليمن الى مرحلة حرب ، احدثت شرخاً في النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي ، إلا أن إدارة اليمنيين القوية دفعت بهم لحماية وحدتهم والدفاع عنها ، وانتصرت الوحدة .
إذا لا بد أن يعرف الجميع بأن الوحدة مصير أمة وشعب ،لا ينبغي التفريط بها مهما كانت الأخطاء او السلبيات ، وإذا كان هناك أخطاء أو سلبيات يجب أن يكون حلها تحت سقف الوحدة فهي مستقبلنا جميعاً وهي ملك لكل اليمنيين دون استثناء ووجدت لتبقى .
والله من وراء القصد ،،،
باحث و متخصص في شؤون التربية الخاصة