يتطلع إلى التواصل مع جمهور أوسع في منطقة تتشابك فيها القضايا والحاجات الإنسانية والحوار بين الأديان

الفاتيكان / 14 أكتوبر / متابعات:
يبدأ البابا لاوون الرابع عشر بابا الفاتيكان الخميس المقبل أول رحلة له خارج إيطاليا منذ توليه الباباوية متوجهاً إلى تركيا ولبنان، حيث من المتوقع أن يدعو إلى إحلال السلام في المنطقة ويحث على الوحدة بين الكنائس المسيحية التي فرقتها الانقسامات منذ زمن طويل.
وسيلقي لاوون، وهو أول بابا أميركي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، أول خطاباته أمام حكومات أجنبية، ويزور مواقع ثقافية ذات حساسية، ضمن برنامج رحلته المزدحمة التي تمتد من الـ27 من نوفمبر الجاري إلى الثاني من ديسمبر المقبل.
وكان سلفه البابا فرنسيس خطط لزيارة كلا البلدين، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب تدهور حالته الصحية، وتوفي فرنسيس في الـ21 من أبريل الماضي، وانتخب لاوون، وهو من شيكاغو، على رأس الكنيسة الكاثوليكية في الثامن من مايو 2025.
وقال جون ثافيس المراسل السابق في الفاتيكان الذي غطى أخبار ثلاثة باباوات "أول رحلة خارجية للبابا فرصة لجذب انتباه العالم والاستحواذ عليه"، وأضاف "يتطلع البابا لاوون إلى التواصل مع جمهور أوسع في منطقة تتشابك فيها قضايا الحرب والسلام والحاجات الإنسانية والحوار بين الأديان".
يتوجه البابا لاوون أولاً إلى تركيا من الـ27 إلى الـ30 من نوفمبر الجاري، حيث سيعقد فعاليات عدة مشتركة مع البطريرك برثلماوس، الزعيم الروحي لنحو 260 مليوناً من المسيحيين الأرثوذكس حول العالم، والمقيم في إسطنبول.
ومن المتوقع أن يكون السلام موضوعاً رئيساً لزيارة لاوون إلى لبنان، البلد الذي يضم أكبر نسبة من المسيحيين في الشرق الأوسط.
والأحد الماضي، قتلت إسرائيل أكبر قائد عسكري لجماعة "حزب الله" المدعومة من إيران في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، على رغم الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة قبل عام.
ويأمل قادة لبنان، الذي يستضيف أيضاً مليون لاجئ سوري وفلسطيني ويكافح للتعافي من سنوات من الأزمة الاقتصادية، أن تجذب الزيارة انتباه العالم إلى البلاد.
وأثار تعليق عفوي في أكتوبر الماضي مخاوف أمنية محتملة في شأن زيارة لاوون إلى لبنان حين سألت الملكة رانيا، ملكة الأردن، البابا أثناء زيارتها للفاتيكان إن كان يعتقد أن السفر إلى لبنان آمن فأجابها مبتسماً "حسناً، نحن ذاهبون".
أصبحت الرحلات الخارجية جزءاً أساساً من مهام الباباوية الحديثة، إذ تجذب اهتمام العالم من خلال لقاءات تحضرها حشود تصل أحياناً إلى الملايين، وخطابات في السياسة الخارجية، ومبادرات دبلوماسية دولية.
وغالباً ما كان البابا فرنسيس، الذي أجرى 47 زيارة خارجية خلال 12 عاماً قضاها على رأس الكنيسة الكاثوليكية، يتصدر العناوين بتصريحات مفاجئة خلال رحلاته.
وعُرف البابا الراحل بصراحته اللافتة في المؤتمرات الصحافية التقليدية على متن الطائرة مع الصحافيين المرافقين له، وهي من اللحظات القليلة التي يتحدث فيها زعيم الكنيسة بإسهاب مع الإعلام، لكن لاوون معروف بأسلوبه المتحفظ واعتماده على الخطب المعدة سلفاً، إذ لم يجر سوى مقابلة حصرية واحدة منذ توليه الباباوية قبل ستة أشهر.
وفي تركيا، سيحتفل لاوون والبطريرك برثلماوس بمرور 1700 على انعقاد مجمع نيقية الأول، المعروفة اليوم باسم إزنيك، والذي أقر صيغة قانون الإيمان لا يزال معظم مسيحيي العالم، البالغ عددهم 2.6 مليار نسمة، يؤمنون بها حتى اليوم.
وعلى رغم الانقسام بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية عام 1054، فإن الروابط بينهما تعززت عموماً في العقود القليلة الماضية.
وقال القس جون كريسافجيس مستشار برثلماوس إن المناسبة "ذات مغزى خاص، إذ تمثل تعهدا بالوحدة في عالم ممزق ومضطرب".
ومن المتوقع أن يحضر عدد من قادة الكنائس الأرثوذكسية الأخرى الاحتفال، لكن الفاتيكان لم يعلن بعد من سيشارك منهم.
وسيزور لاوون أيضاً المسجد الأزرق في إسطنبول، وهي أول زيارة له كبابا إلى مكان عبادة إسلامي، وسيقيم قداساً كاثوليكياً في قاعة فولكسفاغن أرينا بإسطنبول.
يبلغ عدد الكاثوليك في تركيا، ذات الغالبية المسلمة، نحو 36000 نسمة من إجمال عدد سكانها البالغ نحو 85 مليون نسمة، وفقاً لإحصاءات الفاتيكان.
وفي لبنان يتضمن جدول زيارة البابا صلاة في موقع الانفجار الكيماوي الذي وقع عام 2020 في مرفأ بيروت، والذي أودى بحياة 200 شخص وتسبب في أضرار بمليارات الدولارات، وسيستضيف البابا اجتماعاً للحوار بين الأديان، وسيقود قداساً في الهواء الطلق على الواجهة البحرية لبيروت، لكن لاوون، الذي يزور خمس بلدات ومدن في لبنان، لن يتوجه إلى الجنوب الذي تستهدفه الغارات الإسرائيلية.
وقال القس ميشال عبود رئيس رابطة كاريتاس لبنان لوكالة أنباء الفاتيكان إن زيارة البابا هي رسالة "تضامن"، وأضاف "سيشعر الناس بأنهم، على رغم كل ما مروا به من ظروف قاسية، ليسوا وحدهم".
