مما لا شك فيه ابداً اننا نعيش واقعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ونفسياً هشاً ورتيباً ومتكلساً واحمق صعباً ومؤلماً وهلامياً موبوءاً - مع الأسف وأقولها بكل صدق ومرارة- بفساد مالي وإداري غير مسبوق البتة منذ انتصار الثورة اليمنية المباركة وبشكل تجاوز كل ما هو عقلاني وسوي ومنطقي وهو ما لا يختلف عليه اثنان إلا إذا كان أحدهما مختلاً عقليا ونفسياً.
لقد اصبح الفساد بشقيه كما أسلفت في بداية طرحي (المالي والاداري) غولاً حقيقيا وطامة كبرى في روح وجسد وعقل ووجدان وصيغة وجود ومعنى وعمق ومدلولات هيئاتنا الوطنية ومؤسساتنا وقيمنا الادارية والحكومية وبشكل يدمي القلب حقاً ويرسم في أعماقه غصة وأي غصة يا سادة القوم وولاة الأمر وأهل المشورة والقرار.
الأمر الذي يستدعي بالضرورة أكثر من أي وقت مضى تحسين وتفعيل واثراء ورفد دوائر العمل الرقابي والمحاسبي بكوادر وطنية مؤهلة ودماء شابة جديدة تعزز وإلى حد كبير جداً مسيرة هذا الجهاز الأهم والأغلى والأكثر قدرة ودراية وامكانية على كبح جماح (حيتان الفساد وطيور وخفافيش وجن وعفاريت الفساد الذي اصبح كابوساً يومياً) قبيحاً ايما قبح يلتهم كل ما هو جميل ورائع وانساني ووطني خلاق يستحضر قيم ومفاهيم شعبنا الثورية العظيمة وأبجديات ماضيه النضالي المشرق ومكانته الحضارية الضاربة جذورها في ارضية التاريخ.
ويكون ذلك من خلال توسيع دوائر هذه الأجهزة الرقابية ورسم ووضع خطط جديدة ومدروسة (بدقة متناهية) في كل مديرية كل على حدة يتم فيها محاسبة أبسط واصغر مسؤول وبشكل دائم ومستهدف وشفاف بعيداً عن أي تقاعس أو زمبلة أو اهمال أو محسوبية أو محاببة سخيفة وحمقاء كانت ولا تزال حتى اللحظة سبباً أساسياً وجوهرياً في تكوين كل هذه المستنقعات و (البالوعات) والمياه الضحلة لمجاميع وقطيع من الفاسدين الجن القرابيع.
اننا أمام منعطف خطير اليوم أيها الناس، أيها المسؤولون الشرفاء الذين يجاهدون بصمت غريب وغير مبرر.. والصمت عار.. الذل عار .. سنظل نحفر في الجدار.. اما فتحنا ثغرة للنور أو متنا على وجه الجدار، كما علمنا القامة الوطنية والفكرية والابداعية عبدالعزيز المقالح.
لقد اصبح الفساد كارثة حقيقية وغير معقولة في حياتنا وهو ما يتطلب بالضرورة معالجة شاملة لمختلف أوجه ومسارات هيئاتنا ومؤسساتنا الوطنية التي ينخر في جسدها المتعب والمتهالك سرطان الفساد اللعين الذي لم يرحم كبيراً أو صغيراً. فقد تمادى الفاسدون الأوغاد وحرموا المواطن من أبسط حقوقه وأهم متطلباته في العيش الانساني الكريم، وهو ما ينبغي ان يواجه بشراسة حزم وارادة صلبة لا تقهر من قبل أجهزة الرقابة والمحاسبة من خلال توسيع جبهات عملها وتطويرها بكل الوسائل ومختلف أنواع الدعم والمساندة للخلاص من ثعابين وخفافيش الفساد الذين يتغنون بالوطنية والوطن بريء منهم إلى يوم الدين.