تسييس الإعلام ووسائله من أبرز مشكلات الإعلاميين



- الانتهاكات لا تزال مستمرة ضد الإعلاميين
- البحث عن بيئة آمنة للعمل الصحفي
- الإعلام اليمني لا يزال يكافح بالقدر المتاح لإثبات ذاته

عدن / 14 أكتوبر/ خاص:
يحتفل إعلاميو اليمن بيوم الإعلام اليمني الذي تم تحديده منذ عام 2009 وقد تم اختيار تاريخ 19مارس تحديدا لمناصرة الإعلامي وقضاياه. ولكن ورغم التحديات التي يواجهها الإعلام اليمني الذي تحاصره قيود مفروضة على الصحفيين، والانتهاكات التي يتعرضون لها، تبرز أهمية يوم الإعلام اليمني في التأكيد على حرية الصحافة والمطالبة بإعلام مستقل لا يتبع أي جهة كانت لكي يشعر الإعلامي أن حريته ليست مكبلة بالقيود وبمقص الرقيب الذي يحاصره كل لحظة ..
الإعلام بين حقائق كئيبة وتحديات كبيرة
بداية التقينا بالإعلامي الكفيف محمد العماري والذي قال : بمناسبة يوم الإعلام اليمني نجد أنفسنا أمام واقع مؤلم أصبح الإعلام في اليمن في مرحلة حرجة للغاية، يتأرجح بين حقائق كئيبة وتحديات كبيرة فقد تحوّل الإعلام إلى أداة للصراع السياسي، بحيث أصبح الإعلامي مضطرا للاختيار بين الانتماء لأحد الأقطاب السياسية أو التزام الصمت وتقديم ما يفرضه عليه الواقع.
وتابع :”لقد أصبح من المؤسف أن يرى الإعلامي نفسه عائداً إلى صراع الصحافة الحرة التي يجب أن تنقل الحقيقة كما هي. لا يُسمح له بالكشف عن واقع بلاده أو عرض القضايا الوطنية إلا إذا كان ملتزماً بأجندات معينة أو كان يتبع تياراً سياسيًا وبذلك نجد الإعلاميين الذين يسعون للكشف عن الحقائق أو يتخذون مواقف مستقلة يتعرضون للتهديد والاضطهاد، بل يصبحون عرضة للتهجير والاعتقال”.
ويواصل العماري حديثه :”في واقعنا الإعلامي الحالي، أصبح الإعلام الوطني والتوجّه نحو الحريات والدفاع عن حقوق الشعب أمرًا مكلفًا جدًا. فالإعلامي الذي يتحدث عن الفساد أو يتناول قضايا الحقوق والحريات أو يناقش الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطن، هو في الغالب مهدد بالإقصاء من الساحة الإعلامية ؛ بل قد يتعرض لأبشع أنواع التنكيل، من اعتقال وتعذيب، في ظل غياب الحماية القانونية للإعلاميين.
وبمناسبة يوم الإعلام اليمني يجب أن نرفع أصواتنا جميعًا مطالبين بعودة الإعلام الحر الذي يعكس مصلحة الوطن والمواطن، بعيدًا عن التوجيهات السياسية الضيقة. يجب أن نكون قادرين على ممارسة دورنا كإعلاميين في نقل الحقيقة والتعبير عن رأي الشارع اليمني دون خوف أو تهديد. وفي الوقت نفسه، يجب على الإعلاميين أن يكونوا صوتًا حقيقيًا للمواطنين الذين يعانون من الجوع والفقر والانقسامات السياسية”.
وأوضح قائلا :”إن ما وصلنا إليه اليوم من واقع الإعلام في بلادنا يعكس صورة حقيقية لمدى تدهور حرية الصحافة والإعلام. وبدلاً من أن يكون الإعلام مساحة لتبادل الآراء وتشكيل الرأي العام الحر، أصبح للأسف ساحة للصراع والتضليل، ما يضع الجميع في مواجهة مع الواقع المرير”.
ووجه رسالته في يوم الإعلام اليمني قائلاً :”نتمنى أن تكون هذه المناسبة فرصة للتذكير بحقوق الإعلاميين في التعبير عن آرائهم بكل حرية، وأن يُعاد الاعتبار للإعلام المستقل الذي يخدم المصلحة العامة بعيدًا عن ضغوطات السياسة وأجندات الأحزاب”.
تحديات تواجه وسائل الإعلام
من جانبها تحدثت الصحفية رانيا الحمادي قائلة :”طبعاً الإعلام في بلادنا يمثل فرصة مهمة للاحتفاء بدور الإعلاميين اليمنيين في نقل الحقيقة، رغم التحديات الكبيرة التي نواجهها فالإعلام اليمني ايضا يلعب دورًا محوريًا في تغطية الأحداث السياسية والإنسانية والاجتماعية في ظل أوضاع صعبة، حيث يتحمل الإعلاميون مسؤولية توثيق الواقع ونقل معاناة الناس رغم المخاطر فهناك مجموعة من التحديات التي تواجه وسائل الإعلام وهي:
1. الانقسام السياسي والصراع: تعدد الجهات المتصارعة أدى إلى انقسام الإعلام بين أطراف مختلفة، مما قلل من استقلالية المؤسسات الإعلامية
2. القيود على حرية التعبير: الصحفيون يعانون من الرقابة المشددة والتهديدات، مما يجعل العمل الإعلامي محفوفًا بالمخاطر.
3. الوضع الاقتصادي: ضعف التمويل يؤثر على استمرارية الصحف والقنوات، مما يحد من قدرتها على تقديم محتوى مهني ومستقل.
4. البنية التحتية المدمرة: الحرب أثرت على وسائل الاتصال والبث، ما زاد من صعوبة الوصول إلى المعلومات ونشرها.
5. الاستهداف والعنف: الإعلاميون في اليمن يتعرضون للاعتقال والاختطاف وحتى القتل بسبب تقاريرهم، مما جعل ممارسة الصحافة عملاً خطيراً”.
وأضافت :”هناك مشكلات تواجهنا نحن كاعلاميين أو صحفيين منها الخوف من الاستهداف، وضعف التدريب والتطوير فغياب الفرص التدريبية الحديثة بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية يؤثر على جودة المحتوى الإعلامي، وانخفاض الرواتب و تدني الأجور وعدم انتظام صرفها يجعل الحياة صعبة على الإعلاميين، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، ايضا الضغط النفسي وهو العمل في بيئة مليئة بالعنف والمآسي مما يؤثر على نفسيتنا، واخيرا التضليل الإعلامي وهو أن بعض الإعلاميين يجدون أنفسهم مجبرين على الانحياز لطرف معين أو ترويج أخبار مضللة بسبب الضغوط السياسية أو الاقتصادية أو تحزبهم لجهة من خلال وجودهم بعملهم كمؤسسة او قناة.”.
الإعلام استفاد كثيرا من التطور التكنولوجي
من جانبه قال الصحفي فؤاد مسعد :”لاشك أن الإعلام اليمني استفاد كثيرا من التطور التكنولوجي في هذا الجانب وتجلى ذلك في تعدد وتنوع وسائل الإعلام ووصولها للجمهور في الوقت الراهن بطرق سهلة خلافاً للمرحلة الماضية عندما كان للإعلام وسائل محددة في الإذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات.. غير أنه في المقابل ألقت الأوضاع السياسية والأمنية بظلالها على واقع الإعلام اليمني خاصة في السنوات العشر الأخيرة وبعد نشوب الحرب عام 2015 حيث تراجع أداء الإعلام بشكل كبير جراء سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية على جميع المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة.. وبات كثير من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والإذاعات خارج اليمن أو في مناطق بعيدة عن سيطرة الحوثيين والتشكيلات المسلحة التي لا تقبل الرأي الآخر.. وهذا الوضع أثر سلباً على واقع الإعلام اليمني والإعلاميين الذين بات أغلبهم مشردين إما في الخارج أو نازحين في مناطق داخل اليمن”.
وتابع مسعد حديثه قائلاً: “ومع ذلك يمكن القول إن الإعلام اليمني لا يزال يكافح بالقدر المتاح لإثبات ذاته والمحافظة على البقاء بعدما صارت السطوة لصالح أطراف النزاع والقادة الذين يسعون جاهدين للسيطرة على وسائل الإعلام”.

فرصة لتكريم الصحفيين
بدوره عبر الصحفي دليل يوسف قائلاً :” يوم الإعلام اليمني فكرة رائعة ومناسبة مهمة لتقدير دور الصحافة والإعلام اليمني، خاصة وهم يعملون في ظل الظروف الصعبة، ويواجهون الكثير من التحديات والمخاطر الأمنية، والقيود التي تفرضها السلطات على حرية الصحافة، ومع هذا يستمرون في نقل الحقيقة وتسليط الضوء على قضايا المجتمع.
يمكن أن يكون هذا اليوم فرصة لتكريم الصحفيين الذين قدموا تضحيات كبيرة، وتعزيز حرية الصحافة، ومناقشة سبل تطوير الإعلام اليمني ليكون أكثر تأثيرًا واحترافية.
كما أنه يمكن أن يكون مناسبة لتعزيز التضامن بين الإعلاميين وتحفيز المؤسسات الإعلامية على تحسين بيئة العمل الصحفي بشكل عام.”
التحديات المعيشية للإعلاميين
من جهته أوضح الصحفي بديع سلطان أن التحديات التي تواجه الاعلام اليمني كثيرة حيث قال : التحديات التي يواجهها الصحفيون والإعلاميون في بلادنا لا حصر لها وباستطاعتنا أن نتحدث عن التحديات الأمنية وحالة عدم الأمان التي يعيشها الصحفيون في كل مكان من البلاد، بالإضافة إلى التحديات المعيشية التي يكابدها السواد الأعظم من الإعلاميين، كغيرهم من مواطني البلاد، باعتبارهم جزءاً من سكان هذا البلد ويتأثرون بكل المنغصات والتأثيرات التي تعصف بهم .
وأضاف سلطان : برأيي أن أبرز التحديات التي يرزح تحتها الصحفيون والإعلاميون في بلادنا، تكمن في التجاذبات السياسية والحزبية التي تستقطبهم، وتُلقي بظلالها على الإنتاجات الإبداعية والإعلامية وتحد من التأثير المتوقع للصحفي في الحياة العامة فالصحفي أو الإعلامي المستقل غائب عن واقعنا -إلا من رحم ربي- وذلك نتيجة غياب المؤسسات الإعلامية المستقلة التي تقوم بواجب المسئولية الاجتماعية تجاه الناس والمجتمع.
وتابع حديثه :”لهذا، فإن هذا التحدي أراه الأبرز من وجهة نظري؛ لأنه يمنع الصحفي من القيام بدوره تجاه محيطه، باعتباره قائد رأي، فعمل الصحفي بالمقام الأول هو عمل إبداعي ومسئول، وإذا غابت هاتان الصفتان أو المحركان (الدافعان)، بات الصحفي بلا تأثير.”
الإعلامية نعائم خالد أدلت بدلوها حيث قالت بهذه المناسبة : ”يُعتبر يوم الإعلام اليمني، الذي يُحتفى به في 19 مارس سنويًا، مناسبة للتعبير عن التقدير لدور الإعلاميين، ولتسليط الضوء على مساهماتهم في إيصال الحقائق وتعزيز حرية التعبير. كما يشكل هذا اليوم فرصة مهمة لتقييم أداء المؤسسات الإعلامية، سواء كانت حكومية أم خاصة، بهدف معالجة التحديات وتطوير الرسالة الإعلامية.
الإعلاميون في اليمن يواجهون تحديات متعددة، من بينها الضغوط السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى الحاجة للموازنة بين الالتزام بالمهنية والوفاء بالمسؤولية الاجتماعية. ومع التسارع الكبير في التطورات التكنولوجية لوسائل الإعلام الرقمية، يصبح من الضروري توفير فرص تدريبية ودعم مستدام للإعلاميين لتعزيز كفاءاتهم ومواكبة هذه التغيرات”.
ختاماً..
يظل يوم الاعلام اليمني هو امل الاعلاميين في التغيير المناسب في عملهم الاعلامي بعيدا عن الصراعات والتسييس وكذلك الانتهاكات التي تطالهم .. وتوصيل رسالة الكلمة الحرة دون قيود.