الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات :
مع تواصل الضغط العسكري من قبل الجيش السوداني على قوات "الدعم السريع" بعد هزيمتها الأخيرة في ولاية الجزيرة وسط البلاد، وتواتر الأنباء عن ترتيبه لشن هجوم بري واسع لإكمال تحرير العاصمة الخرطوم، تزايدت عمليات انسحاب مجموعات كبيرة من قوات "الدعم السريع" برفقة أسرها عبر الطرق والممرات المفتوحة باتجاه غرب السودان، في وقت تنشط العمليات العسكرية من قبل الجيش والقوات المشتركة في الإقليم، فهل تشهد المرحلة المقبلة انتقال ثقل المعارك التي انطلقت شرارتها الأولى في العاصمة الخرطوم إلى حرب مكشوفة في صحاري وسهول إقليم دارفور.
وبينما لا تزال قوات "الدعم السريع" تعاني صدمة الهزيمة التي تعرضت لها في ولاية الجزيرة وتنسحب أعداد كبيرة منها نحو دارفور، توقع مراقبون وباحثون أمنيون أن تشهد العاصمة السودانية معارك ضارية وفاصلة خلال الأيام المقبلة.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان ألمح خلال زيارته لمدينة ود مدني بعد تحريرها، إلى ترتيبات جارية لشن هجوم عسكري كاسح ضد قوات "الدعم السريع" الباقية داخل العاصمة الخرطوم وأطراف مدن أخرى، كما أعلن اللواء أبو عاقلة كيكل، قائد قوات "درع السودان" المتحالفة مع الجيش، استعداد قواته لدخول الخرطوم خلال 48 ساعة.
ويعتقد مراقبون بأن قوات "الدعم السريع" وفي محاولة منها لتغطية هزائمها وتراجعها الميداني في الفترة الأخيرة، لجأت إلى تكثيف قصفها المدفعي على الأحياء السكنية شمال أم درمان واستهداف البنية التحتية في سد مروي الحيوي بالمسيّرات الانتحارية لمرتين على التوالي خلال أسبوع واحد، كما استهدفت في أوقات متقاربة هذا الأسبوع مدن الدامر وعطبرة وسنار والقضارف.
وكانت الفرقة 19 مشاة بمدينة مروي أعلنت عن تصدي مضاداتها الأرضية لعدد من الطائرات المسيّرة التي أطلقتها قوات "الدعم السريع" على سد مروي، وأكدت استعدادها للتعامل مع أي طارئ أو أجسام غريبة في سماء الولاية.
في الأثناء كشفت مصادر ميدانية عن أن "الضغط العسكري المكثف من قبل الجيش دفع العشرات من جنود العدو إلى الانسحاب مع أسرهم وعدد من المتعاونين من مناطق الجزيرة وجنوب الخرطوم عبر جسري المنشية وسوبا بشرق النيل إلى مناطق سيطرة الميليشيات في جبل أولياء حيث الطريق المفتوح إلى غرب السودان".
وأوضحت المصادر أن "قوات الجيش في أعقاب تحريرها مدينة ود مدني، قطعت الطريق أثناء تقدمها نحو الخرطوم أمام قوات العدو المشتتة في بعض مناطق شرق الجزيرة على امتداد الطريق القومي الشرقي الرابط بينها والخرطوم، ولم يعُد أمامها سوى المواجهة والتعرض للسحق أو الانسحاب عبر الجسر الرابط بين مدينتي الحصاحيصا ورفاعة نحو غرب البلاد".
وتابعت المصادر أنه "بينما يقترب الجيش من إكمال تحرير مدينة الخرطوم بحري، أصبحت الميليشيات أمام خيارات عسكرية صعبة، إما بسحب قواتها من شمال الخرطوم بحري لمجابهة قوات الجيش المتقدمة من شرق الجزيرة، مما سيمكن قوات الجيش في شمال المدينة من الالتحام مع قوات سلاح الإشارة وسطها وتشكيل جبهة جديدة ضاربة ضدها، أو المغامرة بالتورط في مواجهة وخيمة العواقب عليها، بخاصة أن قوات العدو بدأت منذ فترة خسارة معظم مصادر إمدادها البشري من غرب البلاد الرافد البشري الأساسي لها".
ونوه إلى ظهور بوادر عصيان وتذمر واضحة وسط صغار الضباط والجنود مهددين بعدم تنفيذ أوامر قادتهم وتحميلهم مسؤولية الهزيمة في مدينة ود مدني، إلى جانب ضعف عزيمتهم القتالية نتيجة عدم صرف رواتبهم لفترة طويلة.
من جهته، يشير الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية عبدالحليم منصور إلى أن تراكم الخسائر على قوات "الدعم السريع" في وسط السودان يدفع كل يوم مجموعات كبيرة منها إلى الانسحاب نحو دارفور عبر ممرات محدودة ومعلومة، أبقى عليها الجيش مفتوحة ضمن ترتيباته المرحلية، لافتاً إلى تعاظم الدور الاستخباراتي في هذه المرحلة من الحرب، بخاصة بعد نجاحه في إنجاز انسلاخ قائد "الدعم السريع" السابق بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل، وانضمامه إلى الجيش والذي قام بدور كبير في تحرير الولاية.
ويعتقد بأن قوات "الدعم السريع" كانت منذ البداية تضع في اعتبارها أهمية تحضير مسرحها الاحتياطي بتعزيز وجودها في إقليم دارفور تحسباً لخسارتها معارك الوسط بما فيه الخرطوم، لذلك ظلت تكثف من عمليات تجنيد الشباب من القبائل العربية الموالية لها بالضغط على زعماء العشائر هناك.