نشرت صحيفة هآرتس مقالا تحليليا أعده، زفي بارئيل، بعنوان، هل هجوم حلب سيطرة على مناطق جديدة أم مجرد معركة محلية محدودة؟
يستهل الكاتب مقالته بالإشارة إلى أن الهجوم الذي شنته “هيئة تحرير الشام” على مدينة حلب السورية والاستيلاء على معظم المدينة قد يُغير ليس فقط مدى سيطرة بشار الأسد على سوريا، بل ويولد أيضاً عمليات من شأنها أن ترسم خريطة سياسية جديدة على الحدود الشرقية لإسرائيل. والسؤال الحاسم هو ما إذا كانت روسيا وإيران ستعززان قواتهما في سوريا من أجل مساعدة الأسد في استعادة حلب ودفع المتمردين إلى الوراء، وفق الكاتب.
ويضيف الكاتب إن “هناك ترقب حول ما ستؤول إليه الأمور في حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد والتي كانت تحت سيطرة الأسد منذ عام 2016، هل ستتدخل تركيا؟ وهل سينضم الأكراد في الشمال والدروز في المناطق الجنوبية من سوريا إلى الهجوم؟”. موضحا أن “إيران وروسيا، اللتان هاجمتا عدة أهداف للمتمردين من الجو، اكتفتا بالتعبير عن القلق والدعوة إلى الهدوء، ولكن الضرر الاستراتيجي الذي لحق بهما، وليس فقط بالأسد، سيتطلب رداً عملياً على الأرض”.
يقول الكاتب إنه “على الرغم من أن التوقيت الدقيق للهجوم كان مفاجئاً، إلا أن الاستعدادات له كانت ملحوظة على الأرض منذ أسابيع، بل وحتى أشهر. وأشارت التقارير إلى وجود إعادة تنظيم وتغييرات هيكلية في هيكل قيادة الوحدات القتالية، فضلاً عن القلق المتزايد بين قادة تنظيم المعارضة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، فضلاً عن الأكراد في شمال سوريا، في ظل التحقيقات التركية الرامية إلى تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا”.
ويوضح أيضا، أن “هذه التطورات الإقليمية والدولية أعطت دفعة لتوقيت الهجوم. ويبدو أنه ليس من قبيل المصادفة أن الهجوم بدأ في وقت قريب من بدء وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، الأمر الذي دفع قيادة المنظمة إلى الاستنتاج بأن نافذة الفرصة قد انفتحت، خصوصا مع تقلص قدرة حزب الله على التحرك بحرية بين لبنان وسوريا”.
ويضاف إلى ذلك، الوعي بأن الوجود الإيراني في سوريا قد ضعف، حيث تسببت الهجمات الإسرائيلية المتكررة في دفع الحرس الثوري إلى تقليص عدد القواعد في وسط وغرب سوريا، فضلاً عن تقليص عدد القادة والجنود السوريين والأفغان الذين تم تجنيدهم في الميليشيات الموالية لإيران، بحسب الكاتب.
ويرى المقال أن “النجاح العسكري الذي حققته هيئة تحرير الشام، أكبر ميليشيا متمردة في سوريا، لا يحسب لأي جهة، فالجماعة عبارة عن تحالف من خمس ميليشيات كبيرة فضلاً عن ست ميليشيات أصغر حجماً، والعلاقات بينها أقل من مثالية. وقد استند مؤسسها أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، بعد انفصاله عن تنظيم القاعدة، في حكمه إلى القضاء المنهجي على منافسيه، بما في ذلك الأشخاص الذين كانوا معه لسنوات وكانوا من بين مؤسسي المنظمة”.
والدولة الراعية لهذه المنظمة هي تركيا، إذ تتعاون معهم لمنع الأسد من الاستيلاء على جميع الأراضي السورية. كما يعني حكم المنظمة لمحافظة إدلب مناطق عازلة بعرض 25-30 كيلومترا- يجعل المنظمة شريكا استراتيجيا حيويا عمل ضد المراكز السكانية الكردية في خدمة تركيا، وفق الكاتب.
أما “الأكراد، فعلى النقيض من ذلك، فهم حلفاء للولايات المتحدة في حربها ضد داعش، ويوفرون الذريعة لاستمرار الوجود الأميركي في سوريا، الأمر الذي يثير استياء تركيا، التي ترى القوة العسكرية الكردية منظمة إرهابية لا تختلف عن حزب العمال الكردستاني، الذي تخوض تركيا حرباً شاملة ضده”، بحسب المقالة.
ويخلص الكاتب إلى أنه في ظل هذه العلاقات، من الصعب أن نتوقع من الأكراد التعاون مع “منظمة تحرير الشام”، كما أن كلا من المنظمة والأكراد مهددين بنية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المصالحة مع الأسد. وهذه المصالحة بالنسبة للأكراد تعني فقدان استقلالهم النسبي وإنهاء سيطرتهم على حقول النفط التي تولد معظم الدخل القومي. وبالنسبة للتنظيم فتعني فقدان السيطرة على محافظة إدلب، وبالتالي مصادر دخله. وسوف يضطر أعضاؤه إلى نزع سلاحهم، كما سيعني طرد جنودهم الأجانب القادمين من دول أخرى.