عدن / 14 أكتوبر- فؤاد الحصري
يوم بعد اخر، يؤكد ابناء الشعب اليمني بمختلف اطيافهم وانتماءاتهم الحزبية، ومكوناتهم السياسية، والاجتماعية والثقافية، والفكرية، رجالاً ونساء، شباباً وشيوخا، المضي بعزيمة لا تلين وارادة لا تنكسر نحو استعادة دولتهم ومؤسساتهم المختطفة من قبل النسخة الجديدة الاشد قبحاً للنظام الامامي المقبور، الذي تحاول مليشيات الحوثي الارهابية عبثاً نفخ الروح في جسده البائد، بعد ان قذفت به ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م الخالدة الى مزبلة التاريخ.
وتأتي ذكرى الثورة السبتمبرية العظيمة هذا العام والشعب اليمني، أكثر تأهباً واستعداداً للاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية العظيمة، واشعال الفضاء والامكنة، ومواقع التواصل الاجتماعي، استقبالاً لفجر ايلول المجيد، الذي انتزع بلدهم من عصور موحشة بالجهل والفقر والمرض، الى عصر النور والحرية وفضاءات العلم والمعرفة والتطور والابداع، والانخراط مع العالم .
منذ بزوع شهر سبتمبر المجيد، يتسابق اليمنيون على اظهار مشاعر ابتهاجهم الكبيرة بثورة 26 سبتمبر، وامتنانهم اللا محدود لأبطالها ورموزها الخالدين، الذين اوقدوا مشاعل الحرية والعزة والكرامة في ذلك اليوم الاغر قبل 62 عاماً، تتويجاً لمسيرة طويلة من النضال الوطني ضد واحد من اسوء الانظمة الكهنوتية الرجعية في التاريخ.
على مدى الايام الماضية، وتحديداً منذ اشراقة شمس سبتمبر، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي، الى ساحات تظاهر الكتروني عارم، جسدت تمسك اليمنيين بثورتهم الخالدة تحت اوسمة متعددة " سبتمبرـ ثورةـ متجددة" و " سبتمبرـثورةـضدـالسلالة " و " سبتمبرـمجيد"، فيما قام معظم الناشطين بتغيير صور بروفايلاتهم الشخصية بشعار ثورة 26 سبتمبر، الامر الذي يؤكد للعالم اجمع ان ثورة سبتمبر ماتزال حية ومتجددة في قلوب كافة ابناء الشعب اليمني ولن تستطيع اي جماعة طمسها من الوجود مهما كان الامر ومهما تعددت في تصرفاتها ووحشيتها ضد من يحتفل بالمناسبة.
كما ضجت تلك الوسائط بالأهازيج والاغاني الوطنية، والتغريدات التي تعكس وعي ابناء الشعب اليمني بنضالات الاباء والاجداد، وادراكهم العميق بالخطر الحوثي الذي أصبح يشكل تهديداً كبيراً على حاضر ومستقبل اليمن.
ذلك الشغف الكبير الذي يبديه كل يوم ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج، والعشق الغير منقطع النظير لثورة 26 سبتمبر والاهتمام بها، بهذه الطريقة الملفتة، والمبهرة في انٍ واحد، يجعلنا نؤمن يقيناً ان هذه الثورة لن تُخذل، ولن يستطيع الاقزام النيل منها، كما لن تستطيع اي جماعة مارقة، او عصابة متطرفة، او كيان اعمى ان يغير مجرى التاريخ، ويحرف مسار الشعب، ويحجب عين الشمس بغربال.
اليوم يدرك الجميع خطورة المرحلة، ويقفون صفاً واحداً اكثر من اي وقت مضى، في مواجهة كل ما يهدد الوطن وامنه واستقراره ووحدته وثورته ومكتسباته العظيمة التي تحققت في الـ 26 من سبتمبر في العام 1962م، وتحققت معها نهضة اليمن في افتتاح المدارس والجامعات والمستشفيات ومشاريع الطرق والكهرباء والمياه والاتصالات، والمراكز الثقافية والمؤسسات الاعلامية، وغيرها من المشاريع الحيوية المنجزة والمستمر انجازها حتى اللحظة، رغم التحديات الاقتصادية والتمويلية التي تواجهها الحكومة جراء الحرب العبثية التي تشنها المليشيات الحوثية وهجماتها الارهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية ورفضها لكل المساعي والجهود الرامية لإحلال السلام الدائم والعادل والمستدام وفق المرجعيات المتوافق عليها وطنياً واقليمياً ودولياً والمتمثلة بالمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة وخاصة القرار رقم 2216.
لكن تلك الممارسات الارهابية الحوثية لن تثني مجلس القيادة الرئاسي، برئاسة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، ومعه اخوانه اعضاء المجلس، والحكومة، وبدعم أخوي صادق من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، عن الوفاء بالتزاماتها الحتمية تجاه ابناء الشعب اليمني، والمضي في عملية البناء والتنمية، وتدشين وافتتاح عشرات المشاريع الخدمية والتنموية في مختلف المحافظات.
ان المكاسب التي تحققت في مختلف مناحي الحياة منذ قيام النظام الجمهوري، وضعت البلاد في الطريق الصحيح للسير باليمن نحو مصاف الدول المتقدمة في المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية والتعليمية والصحية.
وفي ظل المعطيات والشواهد والاحداث والتجارب التي مرت بها البلاد، فأننا على ثقة بإن المستقبل سيكون افضل مما نحن عليه اليوم، ومهما واجهتنا من صعوبات وعراقيل سيتمكن اليمن برجاله المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وابطال جيشه الاحرار تجاوز كل المنغصات، والانتقال الى مرحلة التطور والتحديث، وطمس كل تلك الاراجيف والخزعبلات ودحض الثقافة الدخيلة على مجتمعنا وقيمنا وعادتنا وتقاليدنا، وحتماً سيكتب التاريخ مجداً للثوار الاحرار، وكل الشرفاء الذين يواجهون اليوم عصابة ارهابية مجردة من كل قيم التسامح والتعايش السلمي والمواطنة المتساوية والسلام، وبلا شك ستنتصر ارادة الشعب على بقايا احلام الخرافة الامامية.
ان ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر ١٩٦٢م لم تكن موجهة فقط ضد نظام الحكم المتخلف، بل هي كما قال فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، كانت من اجل الحياة والكرامة، والتفاعل الايجابي مع متغيرات العصر، بناء على تاريخنا العريق، الذي يريد الاماميون الجدد اعادة كتابته على اوجاع شعبنا، وتجريف هويتنا، حيث الامام هو الدولة، وظل الله على الأرض، والقرآن الناطق كما يدعون، فكفاح المقهورين في صنعاء، والمناطق الاخرى تحت نير الاماميين الجدد يعيد الى الذاكرة نفس النهج، ونفس الادوات التي بدأت بأنظمة الجباية والرهائن، والنهب مروراً بالتمييز والعنصرية السلالية الاكثر فجاجة، والانتهاكات الاشد فضاعة على مر العصور.