لم تكن ليلة تسليم صنعاء وصباح الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م أمرا مفاجئا، وإنما كان أمرا واقعا، ونازلة من النوازل، ومصيبة هبت برياحها من إيران وتشبعت بالحقد من المحيطات المجاورة لتحمل معها كل أشكال الفوضى والعبث، فيما المجتمع الدولي والأممي كان يراقب سرعة تلك الرياح ويزودها بمسارات الخراب بينما يطمئن الجمهوريون و(هادي) بأنها رياح هادئة.
وقف عميد الشهداء القشيبي على صفا الاستبسال وهو يصد زحوف الطغيان العنصري حاسرا من اي دعم من الدولة سوى الصف الاول من حماة الجمهورية من منتسبي اللواء 310 مدرع ولسان حاله لدولته ( ياصباحاه.. إني نذيرُ لكم بين يدي عذاب شديد..) لم تُعِره الدولة آنذاك اهتماما بل خرج من بين اظهرها من يقول:(تبا لك ألهذا جمعتنا؟! إن هي إلا عملية قيصرية!!) وارتقى القشيبي شهيدا دون ان يساوم بجمهوريته ولابشرفه العسكري فيما لعنات خذلانه بعد ذلك لم تستثن برا ولا فاجرا حتى اليوم.
لم يكن ثمة فرق بين الشهيد القشيبي ووزير دفاع الدولة حينها سوى ان الاول يحمل شرفا عسكريا بينما الثاني بلا ذلك الشرف، لم يكن ذلك الوزير كما سَوّق ويُسوِق البعض الى اليوم انه مهندس النكبة وانه مَرَد بسلطانه على رئيسه حينها وبذلك فاحت رائحة المطابخ الرئاسية محاولة دفع تهمة الخذلان والتواطؤ عن فخامته إلى سعادة الوزير ليقوم الأول بتغيير الثاني دافعا عن نفسه المسؤولية الاولى والكبرى وتحميلها للعزي بن ناصر، ومازال البعض إلى اليوم يلوك خيانة ناصر ويدافع ويبرر عن كبيره الذي اشرف على خيانته وعلى بقية النكبات ( نحن لانجلد ذاتنا، نحن لاننكأ الجراح، التاريخ فقط يملي علينا ماحدث).
عشر سنوات والجماعة السلالية تحتفل باستلامها للدولة وتغييبها للجمهورية وتتباهى بإفراغ المناطق التي تحتلها من كل أشكال الحياة ومقوماتها (السياسية والاقتصادية والاعلامية والاجتماعية..الخ) لتوجد حياةً وواقعا مأساويا وكارثيا اعادت به اليمنيين إلى مادون الجاهلية الأولى وإلى مستوى خط القبر بما تمتلكه من رصيد وإرث من الجهل والقهر والخرافة والسلالية والعنصرية والمناطقية مُحدِثةً أصالة إرهابها بإرهاب مُعاصر تستمده من إيران ومن تواطؤ المجتمع الدولي والأممي معها.
أي إنجاز حضاري وأي منجز نهضوي وأي مشاريع خدمية تحتفل بها جماعة الحوثي في 21سبتمبر من كل عام؟! إنها تحتفلُ مع شعبٍ قتلته بالجبايات والنهب لدعم مشاريع الفناء والخراب، وتحتفل بمصادرة حقوقة واستلابه حريته وكرامته، احتفالٌ بإخراج الوطن من محيطه القومي والعربي إلى التبعية الإيرانية، احتفالٌ بتحويلها اليمن إلى ساحة للصراع والأطماع وتفخيخ الأمن الإقليمي، يحتفل الحوثيون بطمس هوية اليمنيين وهدم موروثهم التاريخي وعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة، تحتفل هذه الجماعة بافتتاحها لمئات المقابر لليمنيين وتوسعتها للسجون التي خصصتها لكل من سألها راتبه او طالبها بحقه، يحتفل الحوثيون في 21سبتمبر من كل عام للتأكيد على مضيها لهدم الجمهورية وتحويلها إلى حظيرة إمامية إيرانية، ومسخِ الجيل المتشبث بتعاليم دينه الوسطي وتحويله إلى جيل مَسخ مبتور من تاريخه ومن جمهوريته جيل تجعله يتباهى بقتل نفسه دفاعا عن السلالية ويتفاخر بقتل اقربائه تقربا لكهنة الجماعة ويزهق حاضره ومستقبله في سبيل ديمومة العنصرية الحوثية.
إننا لانشك قيد انملة في أن هذه الجماعة الإرهابية لن يطول بها الوقت ولن تصل إلى مبتغاها؛ لأنها لاتحمل اي مشروع حياة وليس في قاموسها السلم والأمن والتعايش والحضارة ، وواقعها يشهد ان سطوتها وتحكمها ما كان ليكون لولا اعتقادها واعتناقها واستخدامها لكل أشكال الدجل والزيف والإرهاب والإجرام، وماكان لجماعة ارهابية عبر التاريخ طاب لها الخلود وإنما مصيرها للزوال أقرب. ودوما تنتصر مشاريع الحياة والحضارة لو كان معها رجال يستغلون تجاوز هذه الجماعة الحوثية طغيانها والذي معه يبدأ منحدر زوالها فتوحدت صفوفهم وقلوبهم واستمدوا العون بعد الله من قوة عزائمهم وصدق إراداتهم وردم خلافاتهم فيكون لهم بعض شرف أبطال ثورة 26سبتمبر في سحق أذناب السلالة العنصرية، وان تتلقف عصا الثوار حنشان الضما وتزهق باطلهم.