الجيش الإسرائيلي: على سكان لبنان "الابتعاد" عن مواقع "حزب الله"
تل أبيب / بيروت / 14 أكتوبر / متابعات :
استهدفت عشرات الغارات الجوية الإسرائيلية، صباح اليوم الاثنين، مناطق عدة في جنوب لبنان وفي شرقه، ما أسفر عن مقتل مدني على الأقل، وفق ما أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية.
وأدت الغارات على جرود بلدة بوداي في البقاع الى مقتل مدني، وهو راعي ماشية، وجرح اثنين من أفراد أسرته، بحسب "الوكالة الوطنية" التي أفادت بإصابة أربعة أشخاص آخرين تمّ نقلهم الى مستشفيات المنطقة.
وقال مصدر مقرب من "حزب الله" إن الغارات "استهدفت العديد من المواقع في سلسلتي جبال لبنان الغربية والشرقية وصولاً إلى منطقة الهرمل" (البقاع)".
وفي تطور لافت، سقط صاروخ في محلة الورديات بين علمات وإهمج في قضاء جبيل (جبل لبنان) في منطقة صخرية غير مأهولة، ولم يفد عن وقوع إصابات.
في التحركات والمواقف، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنه تحدث مع نظيره الأميركي لويد أوستن بشأن أحدث الضربات العسكرية على "حزب الله" في لبنان. وأضاف غالانت على منصة "إكس" "قدمت للوزير تقييماً للوضع في ما يتعلق بتهديدات حزب الله، وأطلعته على عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي لتقليص قدرة الحزب على شن هجمات على المدنيين الإسرائيليين"، وتابع "ناقشنا أيضاً الوضع الإقليمي الأوسع والتهديدات التي تشكلها إيران ووكلاؤها".
ووسط هذه الأجواء، حضّت الصين رعاياها على مغادرة إسرائيل "في أسرع وقت ممكن"، وأفادت السفارة الصينية في إسرائيل في بيان "حالياً، الوضع متوتر للغاية على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان في ظل نزاعات عسكرية متكررة"، وأضافت أن "الوضع الأمني في إسرائيل ما زال خطيراً ومعقّداً ولا يمكن التنبؤ به"، وحضّت السفارة
المواطنين الصينيين في إسرائيل على "العودة أو الانتقال إلى أماكن أكثر أماناً في أسرع وقت ممكن".
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أعلن أننا "بدأنا بقصف مواقع لحزب الله في لبنان بعد الكشف عن نوايا لإطلاق النار على إسرائيل"، ودعا هاغاري "سكان جنوب لبنان للابتعاد فوراً عن الأماكن والمنشآت التي يستخدمها الحزب"، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي "سيشنّ المزيد من الغارات المكثفة والدقيقة في لبنان".
وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأن غارات كثيفة استهدفت، صباح اليوم، منطقة البقاع (شرق)، وطاول القصف منطقة شمسطار وبوداي والنبي شيت ومحيط بعلبك، كما استهدفت الغارات محيط منطقة زبود في البقاع الشمالي، وجرود الهرمل، وجبل صافي في البقاع الغربي.
وجنوباً، غاشنت الطائرات الحربية أكثر من 80 غارة جوية في خلال نصف ساعة، بحس "الوكالة الوطنية للإعلام"، استهدفت المناطق والأودية الواقعة بين بلدتي أنصار - الزرارية، وعبا - جبشيت، الشرقية - النميرية، أطراف كفرتبنيت - النبطية الفوقا، دير الزهراني - رومين - عزة، أطراف حومين الفوقا، أطراف النبطية الفوقا - حي الجامعات، محيط أوتوستراد كفررمان - الميدنة، أطراف يحمر الشقيف - أرنون ، مرتفعات إقليم التفاح وجبل الريحان وأطراف بلدة سجد، محيط معبر كفرتبنيت سابقاً، وأطراف أرنون - كفرتبنيت.
وفيما هددت إسرائيل وجماعة "حزب الله" اللبنانية بتصعيد هجماتهما عبر الحدود على رغم الدعوات الدولية المتكررة لكلا الجانبين للتهدئة وتجنب حرب شاملة، توعد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، بـ"ضرب أي طرف يهدد" الإسرائيليين.
واعتبر هرتسي هاليفي أن العملية العسكرية المستمرة ضد "حزب الله" تشكل "رسالة" إلى أعداء البلاد في المنطقة وخارجها. وتعهد بمواصلة استهداف الحزب حتى يدرك أن الجيش الإسرائيلي سيعيد سكان الشمال إلى منازلهم بسلام.
وقال هاليفي في تصريح مصور إن "هذه العملية ضد الهرمية القيادية في (حزب الله) هي رسالة واضحة إلى (حزب الله)، ولكنها أيضاً رسالة إلى الشرق الأوسط وخارجه: سنضرب أي طرف يهدد مواطني دولة إسرائيل".
من جانبه، حذر وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الأحد من أن ارتفاع حدة القصف المتبادل بين إسرائيل و"حزب الله" يهدد باندلاع "حرب إقليمية شاملة"، مشدداً على أن التصعيد "يؤثر سلباً" في مفاوضات الهدنة في غزة.
أدلى الوزير بتصريحاته لوكالة الصحافة الفرنسية قبل يومين من انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تكرر قوى دولية دعواتها إلى إسرائيل و"حزب الله" للتخلي عن سياسة حافة الهاوية.
وقال الوزير في مقر الأمم المتحدة في نيويورك "هناك قلق بالغ من حدوث ما حذرت منه مصر، من إمكانية حدوث تصعيد شامل في المنطقة يقود إلى حرب إقليمية شاملة"، لافتاً إلى أن التصعيد الأخير "يؤثر سلباً" في مفاوضات ترمي للتوصل إلى هدنة في غزة، تؤدي في إطارها مصر دور وساطة.
وشدد على أن "مصر ومعها قطر والولايات المتحدة لديها الإصرار الكامل والتزام بمواصلة كل الجهد الممكن" للتوصل إلى اتفاق هدنة. وقال الوزير "كل مكونات الصفقة جاهزة"، مضيفاً "المشكلة تكمن في (عدم) توافر الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي".
وحمل مسؤولية ارتفاع حدة القصف المتبادل بين إسرائيل و"حزب الله"، حليف حركة "حماس"، لـ"سياسات أحادية واستفزازية" تنتهجها الدولة العبرية.
وقال عبدالعاطي "نتحدث مع شركائنا الإقليميين والدوليين بما ذلك الولايات المتحدة في شأن أهمية العمل على وقف التصعيد ووقف السياسات الأحادية والاستفزازية التي تمارسها إسرائيل". وحذر من أن اشتعال المنطقة "لا يخدم مصلحة أي طرف على الإطلاق".
تصريحات عبدالعاطي أدلى بها في نهاية أسبوع التقى خلاله في واشنطن مسؤولين أميركيين، بينهم مبعوث البيت الأبيض آموس هوكشتاين الذي يقود جهوداً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و"حزب الله" في لبنان.
وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد سقوط عشرات الصواريخ التي أطلقت من لبنان، "وجهنا في الأيام الأخيرة سلسلة ضربات لـ(حزب الله) لم يكن يتوقعها أبداً".
من جهته، أكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم الأحد أن التنظيم دخل في "مرحلة جديدة" من القتال مع إسرائيل.
وشدد نتنياهو بعد مرور قرابة عام على الحرب في غزة والتي أدت أيضاً إلى هجمات شنتها فصائل مدعومة من إيران في مختلف أنحاء المنطقة على أنه "لا يمكن لأي دولة أن تتساهل مع الهجمات على مواطنيها وعلى مدنها. نحن، دولة إسرائيل، لن نتساهل مع ذلك أيضاً".
بدوره، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن العمليات العسكرية "ستستمر حتى نصل إلى نقطة يمكننا فيها ضمان العودة الآمنة لمجتمعات شمال إسرائيل إلى ديارها". وتابع "هذا هو هدفنا، وهذه هي مهمتنا، وسنستخدم الوسائل اللازمة لتحقيقها".
لكن الولايات المتحدة، الحليف الرئيس لإسرائيل، قالت إن التصعيد العسكري "ليس في مصلحة" إسرائيل، كما أكد الرئيس جو بايدن أن واشنطن تبذل قصارى جهدها لتجنب توسع رقعة النزاع.
وقبيل انعقاد الجمعية العامة السنوية، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من خطر تحول لبنان إلى "غزة أخرى"، وقال إنه "من الواضح أن الطرفين لا يبديان اهتماماً بوقف لإطلاق النار" في غزة.
ووصلت صواريخ "حزب الله" إلى كريات بياليك قرب حيفا، أكبر مدينة في شمال إسرائيل، مما أدى إلى اشتعال النيران في مبنى، وإصابة آخر بشظايا، واحتراق مركبات.
وبعد نحو عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة، أعلنت إسرائيل في الأيام الماضية انتقال الثقل العسكري إلى حدودها الشمالية مع لبنان، واضعة لنفسها هدفاً جديداً يتمثل بإعادة السكان إلى هذه المناطق الحدودية.
وأدت غارة جوية إسرائيلية على حي مكتظ بالسكان في معقل "حزب الله" بضاحية بيروت الجنوبية، الجمعة إلى مقتل قائد "قوة الرضوان" النخبوية التابعة للحزب إبراهيم عقيل. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارة أسفرت عن مقتل 45 شخصاً.
وجاءت الغارة بعد سلسلة من الانفجارات المتزامنة لأجهزة اتصالات يحملها عناصر في "حزب الله" الثلاثاء والأربعاء في مختلف أنحاء لبنان وأسفرت عن مقتل 39 شخصاً وإصابة ما يقرب من 3 آلاف آخرين، وحملت مسؤوليتها إلى إسرائيل.
وتقود "قوة الرضوان" عمليات "حزب الله" منذ بدء التصعيد، وقد دعت إسرائيل مراراً إلى إبعاد عناصرها عن الحدود.
من جهتها، قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت إنه "مع اقتراب المنطقة من كارثة وشيكة، نشدد مجدداً على أن لا حل عسكرياً من شأنه أن يوفر الأمان لأي طرف".
وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 150 صاروخاً وقذيفة وطائرة مسيرة أطلقت خلال الليل وفجر الأحد، جلها من لبنان.
وأعلن أنه هاجم أهدافاً لـ"حزب الله" في جنوب لبنان رداً على ذلك "ولمنع هجوم أوسع نطاقاً". وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل ثلاثة أشخاص في ثلاث بلدات مختلفة جراء الضربات الإسرائيلية الأحد.
وأمرت قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل بإغلاق كل المدارس في شمال البلاد، وبعضها يبعد 80 كيلومتراً من الحدود، حتى مساء اليوم الإثنين.