محمد عبد القادر بامطرف مؤرخ وباحث من القلائل المستجيبين لتطورات الفكر المعاصر، ومن افذاذ الكتاب الذين ينهجون نهج التحقيق والتحليل في الكتابة كما وصفه مجايله عبدالرحمن الملاحي.. وكنت قرأت له توا كتابيه الصادرين قبل تعرفي إليه (الشهداء السبعة) عن مقاومة ابناء الشحر للغزو البرتغالي سنة 1523 للميلاد، و(وفي سبيل الحكم) . كما لبامطرف كتب أخرى في التاريخ الحضرمي منها المعلم عبدالحق، المختصر في تاريخ حضرموت العام، الجامع، الرفيق النافع في منظومتي الملاح باطايع وغيرها، ويعتبر مرجعا موثوقا وحجة في مجاله. كما له مؤلفات أخرى في القصة والمسرح والنقد الأدبي. وانجز كتابين عن الشاعرين الغنائيين الكبيرين حسين المحضار وصالح عبدالرحمن المفلحي.
كيف أكون في المكلا ولا ازور استاذنا البامطرف؟ قلت لنفسي، اتصلت به، رحب بي وحدد لي موعدا للقاء، وقدرت انه وجد وقتا لي برغم مشاغله الكثيرة..
قريبا من بيته الذي وصف لي عنوانه بالتلفون، سألت اطفالا يلعبون :
- فين بيت الأستاذ محمد بامطرف ؟
- مين ؟ ابو قضة !!
وأشار إلى مبنى من عدة ادوار :
- هناك...
لم استغرب، فقد كانوا في أوربا يعتبرون من يشتغل بالفلسفة ساحرا، فكيف لايعتبرون من يشتغل في الفكر مجنونا في المكلا، او( ابو قضة ) بتعبير ذلك الطفل الذي حتما سمعه من الكبار ..
لم أخبر الأستاذ كيف استدليت على بيته، ولا بما وصفه الطفل الذي دلني عليه، حتما كان يعرف، وربما سمعه كثيرا ولم يهتم بذلك بل واصل طريقه في البحث والتاريخ والمعرفة..
استقبلني بتواضع العلماء، وببساطة معروفة عن الحضارم مهما بلغوا من شأو ومكانة، واجريت معه حديثا لصحيفة ( 14 اكتوبر) اليومية الصادرة في عدن، واذكر انني سألته ضمن أسئلة أخرى عن الأهمية “التاريخية” لحصن الغويزي، وكان الحصن اكتسب حينها وفيما بعد شهرة كمعلم من معالم المكلا وحضرموت، لكنه فاجأني بجوابه بأن حصن الغويزي ليس له اية أهمية تاريخية ولا حتى أثرية، وليس سوى حصن شراح لحراسة المزارع في ديس المكلا التي كانت عبارة عن منطقة كثيفة الأشجار قبل ان يلتهمها الزحف العمراني وتصبح واحدة من أحياء المكلا الحديثة. وعندما سألته عن سبب كل هذا الاهتمام بالغويزي ضحك وقال: فقط لأنه يقع فوق جرف او نتوء صخري.. وهذه كل القصة، استهوى المصورين وجعلوا منه أعجوبة ! وأضاف: من الناحية التاريخية فإن حصن خازوق له أهمية تاريخية بما لايقاس إذ شهد احداثا حربية كبيرة في الماضي واستشهد ببيت الشعر : ( على خازوق باروتنا بيت وظلا...نفقنا البضاعة وسلمنا المكلا).. ويبدو ان الخازوق اندثر ولم يعد له من وجود ولا حتى ذكر نتيجة الإهمال وعدم الصيانة والترميم بينما يقف حصن الغويزي صامدا وحارسا عند المدخل الشمالي الشرقي لمدينة المكلا وتتصدر صوره قائمة المناظر السياحية في المكلا وحضرموت..