غزة / عواصم /14 أكتوبر / متابعات :
عادت الدبابات الإسرائيلية لتتوغل في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة اليوم الجمعة ولتجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح والفرار على طول الطرق المزدحمة، بينما واصل المقاتلون الفلسطينيون مهاجمة القوات الإسرائيلية من وسط الأنقاض، بحسب ما قال سكان والجيش الإسرائيلي.
وفرت العائلات من شرق خان يونس سواء بالسيارات أو سيراً على الأقدام، حاملة أمتعتها على عربات تجرها الحمير وأخرى تسوقها الدراجات النارية خلال نزوحها على الطرق حيث أبطأ الزحام حركتها.
ومع تأهب إسرائيل ولبنان لتصعيد محتمل في القتال، يبذل مسؤولون من الولايات المتحدة ومصر وقطر مساعي حثيثة لإحياء الجهود الرامية إلى وقف القتال في غزة، مع تحديد موعد لجولة جديدة من المحادثات في الـ15 من أغسطس الجاري.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، عادت القوات الإسرائيلية التي اجتاحت قطاع غزة بأكمله تقريباً على مدى الحرب المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر، إلى أنقاض المناطق التي أعلنت سابقاً طرد مقاتلي "حماس" منها.
وفي أحدث هجوم ألقى الجيش منشورات تأمر السكان والنازحين في شرق خان يونس، المدينة الرئيسة في جنوب قطاع غزة، بإخلاء المنطقة التي شهدت بالفعل موجات متكررة من القتال.
وتكدست العائلات في الحافلات والسيارات، وسعى عدد من النازحين إلى اللجوء للمواصي، وهي منطقة رملية تمتد على طول الساحل، لكن البعض عبر عن مخاوفه من الذهاب إليها بعد تعرضها لهجمات في السابق على رغم أن القوات الإسرائيلية أعلنتها منطقة آمنة.
وقال نازح اسمه أحمد الفرا "إلى أين نذهب؟ لا نعلم، ربما على البحر، على المواصي. ربنا يسهلها، ضربوا المواصي قبل فترة، يعني لا أمان، الأمان عند رب العالمين".
وقالت أم رائد أبوعليان، إنها وأفراد أسرتها فروا "من تحت النار شاردين بأرواحنا وأولادنا، طلعنا نجري من الخوف".
وعندما سئلت إلى أين ستذهب أجابت، "الله أعلم. يحكوا لنا عن مناطق إنسانية، لا منطقة إنسانية في غزة، كله دمار كله خراب".
وانتقل المئات من الرجال والنساء والأطفال والمسنين، في سيارات غطت سقفها الأمتعة، أو تكدسوا في عربات تجرها حمير أو دراجات نارية، بينما سار آخرون حاملين حقائب وأكياساً وفرشاً على الأقدام وسط الركام والازدحام في شوارع ضيقة تفيض منها المياه.
وقال أحمد النجار، وهو نازح وضع على رأسه قبعة سوداء وبدا منهكاً وغاضباً، "يكفي! إلى إسرائيل وحماس، إلى الاثنين، يكفي. تطلعوا إلى الفلسطينيين، تطلعوا إلى أهل غزة".
وأضاف، "ارحمونا. أولاد صغار ونساء يموتون في الشارع".
وقال محمد عابدين الذي كان يقود دراجة نارية تجر عربة على متنها عشرات النازحين، "أوقفوا هذه المهزلة".
وأضاف، "هذه حرب قذرة، حرب إبادة... يكفي ما يحصل لنا هذا غير معقول".
وقال الجيش الإسرائيلي، إن قواته ضربت عشرات الأهداف التابعة لمسلحي "حماس" في خان يونس ورفح قرب الحدود المصرية، وإنها استولت على مستودعات أسلحة ودمرت البنية التحتية وقتلت العشرات من المقاتلين المدججين بأسلحة منها قذائف صاروخية.
محادثات الهدنة
ولم ترد تفاصيل بعد عن النتيجة المتوقعة من الاجتماع في الـ15 من أغسطس الجاري لمناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن. وأخفقت محادثات سابقة في التوصل إلى هدنة منذ فترة توقف لأسبوع في القتال في نوفمبر .
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إنه سيرسل وفداً للمحادثات، لكنه أحجم عن ذكر مزيد من التفاصيل. ولم يصدر تعليق بعد من "حماس" التي يعتقد أن رئيس مكتبها السياسي الجديد يحيى السنوار يدير المعركة على الأرض.
ويسعى الوسطاء بقلق وترقب لإحياء جهود وقف القتال في قطاع غزة مع تزايد المخاوف من اتساع نطاق الحرب لصراع أشمل في المنطقة. وتوعدت إيران بالرد على اغتيال زعيم "حماس" إسماعيل هنية في طهران وقتل إسرائيل قيادياً كبيراً في جماعة "حزب الله" اللبنانية في ضربة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة، إن رد "حماس" على أحدث مقترح لعقد محادثات يجب أن "يدرس بعناية مع حلفائها، لو أن إسرائيل كانت جادة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار لأعلنت قبولها مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت حماس عليه".
وفي وسط قطاع غزة، قال سكان ووسائل إعلام تابعة لـ"حماس"، إن دبابات إسرائيلية توغلت في غرب مخيم النصيرات أحد المخيمات القديمة الرئيسة في القطاع.
وقالت وزارة الصحة، إن ضربات الجيش الإسرائيلي على مناطق في وسط وجنوب القطاع قتلت ثمانية فلسطينيين في الأقل حتى الآن اليوم.
وأصدرت الولايات المتحدة وقطر ومصر التي تتوسط بين إسرائيل وحركة "حماس" بياناً ليل الخميس- الجمعة حضت فيه الطرفين على استئناف المحادثات في الـ15 من أغسطس الجاري في الدوحة أو القاهرة "لسد كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق من دون أي تأجيل"، في إشارة إلى بنود اتفاق للإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية والالتزام بوقف لإطلاق النار على الأرض.
وأتت الدعوة في ظرف إقليمي بالغ التوتر بعد توعد إيران وحلفائها بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في طهران بعملية نسبت لإسرائيل، والقائد العسكري لـ"حزب الله" اللبناني فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت.
لكن المداولات السياسية لا تزال من دون تأثير يذكر على أرض الواقع في القطاع الذي استحالت أجزاء واسعة منه ركاماً، ويواجه سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون أزمة إنسانية كارثية.
من جهته أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن "صدمته" حيال تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (يمين متطرف) حول المجاعة في غزة، بحسب ما أفاد المتحدث باسمه اليوم.
وخلال حلقة دراسية عقدت الإثنين الماضي حول مستقبل قطاع غزة، قال الوزير الإسرائيلي، إن "أحداً في العالم لن يسمح لنا بتجويع مليوني شخص، على رغم أن هذا الأمر قد يكون مبرراً وأخلاقياً من أجل إطلاق سراح الرهائن".
وعبر تورك عن "صدمته وفزعه من تصريحات الوزير التي بموجبها سيكون مبرراً وأخلاقياً تجويع مليوني فلسطيني في غزة حتى الموت من أجل الإفراج عن الرهائن"، بحسب ما قال المتحدث باسمه جيريمي لورانس رداً على سؤال لأحد الصحافيين خلال مؤتمر صحافي دوري.
وأضاف أن تورك، "يدين بأشد العبارات هذه التعليقات التي تحرض أيضاً على الكراهية ضد المدنيين الأبرياء"، مشدداً على أن "تجويع المدنيين كوسيلة للحرب يعد جريمة حرب".
وتابع، "يهدد هذا التصريح العلني بالتحريض على جرائم فظيعة أخرى".
وعد المتحدث أن "مثل هذه التصريحات خصوصاً تلك الصادرة عن شخصيات عامة، يجب أن تتوقف على الفور" و"يجب التحقيق فيها" من قبل الدولة المعنية.
وأوضح "أنها دعوة فورية للسلطات الإسرائيلية لكي تراقب هذا النوع من التصرفات".
وأثارت تصريحات سموتريتش إدانات دولية.
وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وذلك في إطار ضغوط دولية من أجل التوصل إلى هدنة بين إسرائيل و"حماس".
وكتبت فون دير لاين على منصة "إكس"، "نحتاج إلى وقف لإطلاق النار في غزة حالاً. إنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ الأرواح واستعادة الأمل في السلام وتأمين عودة الرهائن".
وأضافت، "بالتالي أؤيد بقوة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر للمساعدة على تحقيق السلام والاستقرار اللذين تحتاج إليهما المنطقة".