قالت صحيفة بوليتيكو إن أنصار الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة ينتابهم القلق من أن دعم الرئيس جو بايدن القوي للحرب التي تشنها إسرائيل في غزة ربما يكلفهم خسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذا فهم يشعرون بأن نائبته كمالا هاريس قد تمثل طوق النجاة.
ولكن كبيرة مراسلي الصحيفة للشؤون الخارجية، نهال الطوسي، ترى في مقالها أن هذا الطوق أو شريان الحياة “أوهن” مما يظن الديمقراطيون.
ورغم أن هاريس ليست من المعجبين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أنها مؤيدة قوية لإسرائيل، ويتجلى موقفها هذا في تعبيرها الصريح عن قلقها بشأن محنة المدنيين الفلسطينيين العالقين وسط تبادل إطلاق النار في غزة، لكنها تعتقد أيضا أنه يجب هزيمة حماس وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.
وبرأي كاتبة المقال، فإن على هاريس أن تقلق من مواقف الناخبين في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان حيث يوجد عدد كبير من السكان العرب الأميركيين، ومن ثم فإنه يتعين عليها الموازنة بين مخاوف الناخبين المؤيدين لإسرائيل والجماعات التي ستقف ضدها بالانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
غير أن هذه الموازنة تبدو صعبة حسبما يُفهم من كلام الكاتبة، التي تعتقد أن بقاء هاريس نائبة “مخلصة” للرئيس بايدن -الفترة المتبقية من ولايته- يجعل من العسير عليها أن تنأى بنفسها عن سياساته.
وتتوقع الكاتبة أن تُبرز زيارة نتنياهو إلى واشنطن، اليوم الثلاثاء، هذا الاحتقان، مشيرة إلى أن هاريس تنوي أن تلتقي نتنياهو في البيت الأبيض بمعزل عن بايدن. لكنها لن تترأس جلسة الكونغرس التي سيلقي فيها نتنياهو خطابا الأربعاء بسبب “تضارب في المواعيد”.
وخلاصة القول في هذه النقطة أن سياسة هاريس تجاه الإسرائيليين والفلسطينيين لن تحيد كثيرا، بالضرورة، عن سياسة بايدن، حسب المقال.
وأفادت الكاتبة أن هذا هو الانطباع القوي الذي خرجت به من لقاءاتها مع المسؤولين والمحللين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين يتابعون شؤون الشرق الأوسط عن كثب.
وكشفت أنها كلما حاولت، في تلك اللقاءات، الإشارة إلى أن هاريس قد تكون لديها وجهة نظر أكثر تأييدا للفلسطينيين من بايدن، كانوا يحذرونها من هذا النمط من التفكير “الذي يبدو أنه ينطوي على ازدواجية” في المواقف، حسب تعبيرها.
وطبقا للمقال، فإنه إذا كان الناس منزعجين من الطريقة التي تعامل بها بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، ولكنهم يشعرون بالخوف أيضا من احتمال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب “الأكثر تأييدا لإسرائيل” فإنهم بذلك قد يكونون بحاجة إلى طوق نجاة.
ونقلت مراسلة الصحيفة عن ياسمين طيب، الناشطة التقدمية التي ساعدت في تنظيم الجهود خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، القول إن “أمام هاريس الفرصة لرسم مسار جديد وأن تكون أكثر استعدادا للإصغاء للشعب الأميركي.
وستكون هذه القضية بالذات من وجهة نظر كاتبة المقال “أشد تعقيدا” مجالات العمل السياسي التي ستخوضها هاريس الأشهر المقبلة، وسيطلب منها كل طرف من أطراف القضية توضيح موقفها.
وقد تُدعى لزيارة القدس ورام الله، ومهما ستقوله هناك فسوف يصمها ترامب وحلفاؤه بمعاداة إسرائيل مثلما درجوا على ذلك مع بايدن.
ويحمل هذا الأسبوع بالذات في طياته مخاطر محتملة على المشهد السياسي الأميركي بسبب زيارة نتنياهو، وفق زعم مقال بوليتيكو، ذلك أن نتنياهو “الذي كاد أن يعلنها صراحة أنه يريد عودة ترامب إلى منصبه” يمكن أن يسبب لهاريس كل أنواع المشاكل الأيام المقبلة سواء كان ذلك من خلال خطابه، أو التسريبات الإعلامية من مكتبه أو سياساته تجاه غزة.
وعلى نتنياهو أن يتحلى بالحكمة -على حد تعبير المقال- ويفكر مليا إذا كان يسعى لإضعاف فرص هاريس الانتخابية، فهي في نظر الكاتبة “أقوى وأكثر انسجاما” من بايدن، مع قواعد الحزب الديمقراطي التي “تتعاظم شكوكها في إسرائيل” وقد تؤدي محاولات تقويض فرص هاريس لزيادة تآكل الدعم الديمقراطي لدولة الاحتلال.
وتزعم كاتبة المقال أن هاريس لا تتفق مع بعض الأفكار اليسارية اليوم التي يمكن أن تميل إلى التشكيك في وجود إسرائيل، لكنها -مع ذلك- لا تتجاهل المخاوف بشأن الكيفية التي يمكن أن تضر بها تصرفات إسرائيل بأمنها على المدى الطويل.
وتشير إلى أن دوغلاس إمهوف (زوج هاريس) اليهودي كان من أبرز الأصوات المعارضة لمعاداة السامية، وله تأثير كبير على تفكيرها.
وتقول الكاتبة إن شعورها بعد تحدثها مع المحيطين بهاريس وقراءة تعليقاتها السابقة أن نائبة الرئيس لا ترى أن حماية المدنيين الفلسطينيين تتعارض مع دعم إسرائيل.
لكن مثل هذا “الفارق الدقيق” -تقول الكاتبة- غالبا ما يضيع في أتون صراع يتسم بالكثير من القتل والصدمات على الجانبين، ويختفي -أغلب الظن- في حملات الانتخابات الرئاسية.