لقد أصبحت الإصلاحات الاقتصادية من الضرورات السياسية الهامة التي ينبغي للدولة أن تعطي لها دوراً كبيراً ذات جدوى وفائدة في سبيل رفع معاناة الشعب وتحقيق طفرة نوعية إلى حد ما مع الأخذ بعين الاعتبار تعزيز الدور الرقابي والحكومي لكافة أجهزة الدولة والتخلص من تفشي الفساد حيث ورثت بلادنا وضعاً اقتصادياً يرثى له بعد قيام الثورة في 2011م نتيجة السياسة الرعناء التي كان يمارسها النظام السابق وترك الشعب يعيش في دوامة اقتصادية وأزمة حادة يعاني منها فيما ظلت مراكز النفوذ تنهب المليارات بأبسط الطرق وأسهلها عبر الوسائل المختلفة وغير الشرعية التي كانت تتاح لهم من خلال مسؤولياتهم في الدولة ولم يكتفوا بذلك بل وصل بهم الأمر إلى العبث بالعملة المحلية التي وصلت إلى الحضيض في ضعف قوتها الشرائية منذ قيام الوحدة عام 1990م وارتفاع سعر الدولار خلال العشرين السنة الماضية إضافة إلى التدهور المخيف لها ما جعل الضرر تتسع مساحته في الحياة المعيشية للشعب وخلق حالة من التضخم الاقتصادي في كل عام حتى اهلك العباد وعكس نفسه على ارتفاع مختلف السلع الأساسية والكمالية ناهيك عن غياب فرص العمل للشباب الذين يتخرجون من الجامعات العامة والخاصة - ما يقارب من (200) ألف طالب وطالبة - إلى الشارع دون عمل مع زيادة توسع رقعة البطالة بشكل لافت فيما زادت نسبة الفقر وأصبح المواطن غير قادر على توفير معيشته إلا بالكاد وأصبحت ظاهرة التسرب في المدارس تزداد فجوتها عاماً بعد عام ولا يستطيع المواطن مواصلة تعليم أبناءه سوى في المرحلة الأساسية والثانوية أوما دونهما أما في الجامعات فحدث ولا حرج حيث لا يمكن الوصول إليها إلا من أصحاب مراكز النفوذ والمال وحين ورث النظام الجديد اقتصادياً هشاً لم يكن من السهل عليه مواجهته والعمل على تخفيف الأوجاع حيث عملت الدولة على الحد من توسع بأقل التكاليف بهدف إتاحة فرص العمل على نطاق واسع بما في ذلك تطبيق قانون التقاعد دون تمايز وتمكنت الدولة ايضاً من وضع حد للوظائف الوهمية التي بلغت (150) ألف حالة تستنزف الدولة المليارات من الريالات يمكن استخدامها لتحسين رواتب العاملين ومواجهة أعباء الأسرة من متطلبات الحياة المعيشية لهم وهذا يتطلب بالمقابل الاختيار النوعي للكوادر المختارة في موقع العمل والإنتاج وفق ما نتطلبه المرحلة الراهنة التي بحاجة إلى الأمانة والصدق في التعامل مع قضايا الناس وتحقيق مطالبهم المشروعة والتقيد الخلاق بالقوانين السارية في البلاد التي تساعد على نجاح الخطط والمشاريع .
ولا ننسى بالمقابل الدور الشعبي تجاه القضايا التي تهم الوطن وعدم السكوت عن السلبيات التي تبرز هنا وهناك والإشارة إلى مكامن الخطأ دون خوف من اجل القضاء على مختلف الأمر التي تعرقل أسباب النجاح وحتى يتم تقليص العديد من النواقص أينما كانت.
الدور الشعبي وتفاعله المعهود في كافة الجهود التي يقوم بها في غاية الأهمية باعتباره حلقة مهمة تدور في فلك التاريخ وتخلق حالة من المواجهات والتحدي لكل أنواع المحن وبالتالي يضع حماية قوية لأي خلل ينشأ في أوقات متفاوتة وسنداً حقيقياً لمختلف القوانين التي تنظم حياة الناس برغم ما يعاني من مؤامرات داخلية للنيل من الاستقرار الأمني والمعيشي واليوم تتجه الدولة بكل ثقلها السياسي والشعبي نحو بناء الدولة المدنية الحديثة على أسس اقتصادية خالية من المنغصات وذلك من خلال توفير وتوسيع الاستثمارات في مجالات النفط والغار وغيرها وفتح الباب للشركات المتعددة الأغراض التي ستسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمجتمع.
لقد حان وقت العمل ولن يتراجع الشعب قيد أنملة عن عملية التقدم إلى الأمام وبناء دولة قوية تحافظ على البلاد والممتلكات العامة للشعب الذي يقدم التضحيات يوماً بعد يوم وقاوم بشجاعة نادرة كافة خيوط المؤامرات والعدوان والتصدي لها بأرواحهم رخيصة للوطن.
لقد دقت ساعة الصفر وطويت صفحة العبث والفساد لتلغي إلى الأبد سياسة التجويع والفقر التي امتدت خلال فترة النظام البائد ومواجهة المخاطر المزعومة من خلال التخطيط السليم للإصلاحات الاقتصادية التي أصبحت من الضروريات الأساسية وأولويات العمل المنهجي للسياسة العامة للبلاد.
الإصلاحات الاقتصادية ضرورة حتمية
أخبار متعلقة