كما درجت العادة في أرض السواد و الشقاق و العذاب و التي هي تاريخيا بستان قريش على رأي الأموي سعيد بن العاص!، فلا جديد تحت الشمس، ولا تغيير حالي و لا قادم و لا حتى مؤمل.. في عراق يزحف على بطنه نحو الفشل التام، فقد تم من جديد وفي عرض من عروض كوميديا الشعوب السوداء إنتصار إئتلاف الرفيق المناضل حجة الإسلام الحاج نوري أفندي المالكي قائدا عاما لجموع اللاطمين على الخدود و الباكين على غياب الخدمات و على تردي حال العراق داخليا و خارجيا و جل الخدمات الأساسية لبلد يعيش اليوم في حالة حرب أهلية مستعرة و في ظل أشنع هجمة عسكرية همجية بربرية ضد جزء رئيسي من الشعب العراقي في الفلوجة و الأنبار و هي مجازر تذكرنا بمجازر الروس في الشيشان و الأمريكان في فيتنام، فبراميل نوري المالكي الإيرانية المنبثقة من التخطيط العسكري الحرسي الإيراني قد أضحت أوراق الإعتماد المعمدة بالدم التي قدمها للعراقيين الذين زحفوا زرافات ووحدانا لإعادة إنتخابه بأصوات هي الأعلى بعد الأصوات التي حصل عليها صدام حسين سابقا في إستفتاءاته الشهيرة!!
والجموع التي إنتخبته و فرشت طريقه بالجماجم والدماء و جلود الأطفال إنما تعبد طريق الإنتحار الجماعي كما فعلت نفس الجماهير وهي تؤله القائد الذي كان صدام حسين و ترقص له و تغني أغاني التمجيد و الشكر والتعظيم، فالجماهير العراقية التي أضاعت البوصلة و التي ظلت حبيسة و أسيرة الطغيان لم تحرك ساكنا أو تحدث تغييرا، لولا التدخل العسكري الأمريكي المباشر الذي أطاح بالنظام و قلب المعادلة بشكل غير مسبوق و لا متخيل، و أسس لحالة الفوضى العراقية المهلكة وهي التي شجعت الحرب الطائفية و تعكير السلم الأهلي عبر تقديم مقدرات العراق وهي رهيبة و غير محدودة لأحزاب طائفية فاشلة ومفلسة و لجماعات عميلة أدمنت خدمة المخابرات السورية و الإيرانية و تسكعت طويلا في دهاليز المخابرات الدولية وأضحت مرتبطة بولاءات خارجية معروفة المصادر و المخارج و الإرتباطات.
المالكي يعود للسلطة بعد كلام كثير ووعود كبيرة و خطيرة قالتها الأحزاب الطائفية المنافسة لحزب المالكي ( الدعوة الإيراني ) حول ضرورة التغيير و عدم إمكانية تشكيل أي تحالف بين أحزابهم التعبانة وحزب المالكي، فعمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى للثورة الاسلامية و مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري كانا قد أقسما بأغلظ الإيمان على عدم التعامل مع المالكي تحت أي صورة من الصور أو صيغة من الصيغ! كما سبق لعمار الحكيم أيضا أن أعلن عن فوزه التاريخي و المؤكد!! و إستباق النتائج النهائية بل و تسابق في عرض مرشحيه لمنصب رئاسة الحكومة و منهم صولاغ و الجلبي وغيرهم... و لكنه وهو يزهو و يتفاخر بنصره الوهمي و الكارتوني كان يعلم جيدا بأن تشكيل الحكومة العراقية في العراق الإيراني و في زمن الطائفيين أمر لا علاقة له بصناديق الإقتراع و لا نتائجها بقدر ما يتعلق الأمر بإرادة الأطراف الإقليمية الفاعلة و المهيمنة على أمور العراق وهما الولايات المتحدة و إيران اللتان تديران العملية السياسية العجفاء في العراق بتوافق تام و إنسجام لا حدود له، خصوصا و إن المعركة في الشام لم تتنه بعد و لم تتضح معالم الصورة النهائية على صعيد ضمان حفظ المصالح الإيرانية و الإحتياج الإيراني الشديد لحكومة المالكي لإدارة و تنسيق إدارة المعركة في الشام خصوصا و إن تلك الحكومة قد قدمت للنظام السوري خدمات تاريخية لا تنسى و في أدق لحظاته المصيرية و هي لا يمكن تجاوزها سواء من الناحية اللوجستية أو حتى نواحي القتال و الإلتحام المباشر وإرسال العصابات و المرتزقة الطائفيين لتعزيز خطوط النظام السوري في مناطق الإشتباك، خصوصا و إن الحرب في الشام قد إتخذت للأسف طابعا طائفيا مقيتا لعبت مخابرات الحرس الثوري الإيراني دورا مركزيا فيه، ثم أن مصالح السياسة الأمريكية على صعيد تنفيذ الإتفاقيات السرية مع حكومة العراق تقتضي الحفاظ على موقع المالكي و حزبه بصرف النظر عن كل الإعتبارات الأخرى!!.. و لكن موقف جموع العراقيين المخزي من إعادة إنتخاب من روعهم و نهبهم و حولهم لشعب فاشل في دولة فاشلة يظل هو الحالة الغريبة في شعب يعبد الطغاة و جموع هائمة أشبه بالقطط تبحث عن خناقها... و تلك مهزلة و معضلة.
مبروك للعراقيين.. الفاشل الضرورة ينتصر
أخبار متعلقة