قضيت أسبوعين في عاصمة المعز القاهرة في إجازة شخصية ومتابعة « شيء من بوح الخاطر».صدمتني القاهرة في عدة مناطق من جسدي وروحي وعقلي ووجداني فالقاهرة عاصمة كل العرب وصار العرب فيها وإليها بخلاء في عطاءاتهم وزياراتهم ومواقفهم فالقاهرة التي مدت يدها لدعم الثورة العربية من المحيط إلى الخليج العربي،وسالت دماء أبنائها الطاهرة لتروي ساحات الثورة العربية من اليمن إلى الجزيرة .. ومن مسقط إلى تونس .. والقاهرة التي أرسلت المعلمين والأطباء والمهندسين والخبراء العسكريين، القاهرة التي علمت الناس .. وعالجتهم .. ووقفت مع مصالحهم وآمالهم وأمانيهم لم تجد اليوم إلا الشيء القليل من الدعم العربي الحقيقي الذي تحتاجه مصر قيادة وشعباً دعماً عربياً إسلامياً حقيقياً . مصر لا تتسول ولكن على الأقل يحرك العرب اتفاقيات الشراكة المتبادلة عربياً عربياً فبدلاً من أن نشتري الملابس من شرق آسيا .. في حين مصر الأقرب منا وإلينا .. ما نقصده أنه لو كل بلد عربي اشترى سلعة من منتوجات مصر لساهم في تحريك اقتصاد مصر وشغل بصورة غير مباشرة عجلة الاقتصاد والصناعة فيها، مصر أكثر ما تحتاجه من أشقائها وأصدقائها أن يقفوا إلى جانبها عن طريق « اليد باليد» من خلال تشغيلها ما توقف من مشاريعها ومصانعها ومعاملها .. مصر لا تتسول ولكنها تريد أن يرد الأخ لأخيه شيئاً من واجبات الإخوة..
في مصر بلد العرب وأم الدنيا رحت أسال أكثر من رجل من أين أتى اسم أم الدنيا لمصر وحين «غلب حماري» تذكرت أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أرسل لعمرو بن العاص عندما من الله على الإسلام والمسلمين بفتح مصر وحصلت مجاعة أيام عمر بن الخطاب فأرسل إلى عمرو بن العاص في مصر يقول له «الغوث» «الغوث» «الغوث» فما كان من عمرو بن العاص إلا أن رد على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما معناه والله لأرسل لكم قافلة أولها عندكم يا خليفة رسول الله وآخرها عندي . قلت أن كرم أهل مصر وتمسكهم بإسلامهم هو ما جعل مصر أم الدنيا لأنها وفي هذه المحنة تستحق أن تكون أماً للدنيا، المهم هذا اجتهاد لموضوع كيف سميت مصر بأم الدنيا لكن الكرم والتدين والشهامة هي من صفات الشعب العربي المصري بصورة عامة.
ومما تقدم فإن مصر محتاجة من العرب أن يقفوا إلى جانبها في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل مصر. .مصر محتاجة للعرب لأن العرب في الأصل أيضاً هم يحتاجون لها أشد الاحتياج .. مصر الدولة والقوة والتاريخ والحاضر والمستقبل.. مصر العروبة والقومية والبلد الإسلامي صاحب الرجال والقادة والعلماء والأدب والثقافة والشموخ العربي.. مصر لو نهضت نهضنا ولو تعبت تعبنا ولو لا قدر الله ركعت سيركع كل العرب خانعين ضعفاء لولا ستر الله.
مصر عزتنا في عزتها وقوتنا في قوتها وأمننا في أمنها واستقرارنا في استقرارها فلا كان من يخونها أو يتآمر عليها ولا كان من يريد إضعافها وضعفها ولا كان من شرب من نيلها وأكل من خبزها وتعلم من علومها ثم اعتلى عرشاً أو فرشاً وراح يتآمر على قوتها ولقمة عيش شعبها.
اصحوا يا عرب .. اصحوا ولا تدعوا الشيطان يقترب من أرض الكنانة .. اصحوا يا عرب ففي مصر عبد الناصر ونجيب محفوظ و الأبنودي وسومة ونجاة ونحن جميعاً تعلمنا وتدلعنا وعرفنا أمور حياتنا وأمور دنيانا وآخرتنا من علم مصر وأدب مصر وثقافة مصر وتدين مصر.
اصحوا يا عرب فنحن إذا فوتنا الفرصة اليوم لاستعادة لحمتنا وتلاحمنا ووحدتنا وعناصر قوتنا لو أضعنا هذه الفرصة سنضيع .. اللهم لطفك ورحمتك.
إننا جميعاً من المحيط إلى الخليج العربي أمامنا مسؤولية الحفاظ على أنفسنا وأوطاننا وثرواتنا وثقافتنا وديانتنا وعزتنا وكرامتنا.. أمامنا مسؤولية أن نحافظ على هذا كله من خلال محافظتنا على مصر أم الدنيا وبلد الرجال .
اللهم إني بلغت .. اللهم فاشهد.
للتأمل
بسم الله الرحمن الرحيم
«ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»
«صدق الله العظيم».
مــصــر
أخبار متعلقة