لم يعد مصطلح «الإرهاب»لصيقاً لمريدي عمليات التخريب والتفجير والقتل فحسب، بل تجاوز حدود هذا حتى أصبح الصامت عن تغيير هذا المنكر، والمُـبَـرِّر لسفك الدماء المسلمة من أبناء وطننا، هو أيضاً مُشارك في إهداء الدماء الزكية الطاهرة.
ولعل إدراك الشباب المتمسك بدينه وقيمه، في استشعار مآل الإرهاب على الدين، والوطن، والمجتمع يُعد بشارة خير.
في آخر عملية إرهابية اتضح أن منفذيها شباب في مقتبل العمر كما شاهدنا، وهذا ما يجعلنا نُدْرك خطورة الأمر، حيث أن الجماعات الإرهابية غدت توجه خطابها لاستلاب الشباب وضمهم إلى قائمتها، وهي إذ تنهج ذلك النهج تُـدْرك مدى واقع الشباب وإمكانية السيطرة عليهم.
إن الإرهاب ليس وليد اليوم، فقد عانت منه المجتمعات منذ القدم. فأصبح إرهاب اليوم له طابعه الخاص من حيث التنظيم والتمويل مما يتطلب الحاجة الماسة إلى تعزيز سبل التعاون المشترك على مختلف المستويات سواء المحلية أو المركزية، لمواجهة هذا الفِكْر القاتل الذي لا يعرف لغة الرحمة.
لقد جاءت أحداث 11 سبتمبر لِـتُـرْبِـك النظام الدولي، ومفاهيم السياسية الدولية، حيث بات الإرهاب ظاهرة عالمية ومعقدة لا ترتبط بدين أو مجتمع أو ثقافة.
فمن المعلوم لدينا أن الإرهاب ظاهرة دولية تضرَّرت منه بلدنا كثيراً وبدأ بالتوسع والانتشار في العديد من المناطق، لا سيما المرحلة الماضية التي خلَّـفت تدهور الوضع السياسي والاقتصادي والأمني، فالقائمون على هذه التنظيمات الإرهابية وجدوا البيئة الخصبة لانتشارها وتوسعها فسيطروا على بعض القرى والمدن واعتدوا على الثكنات العسكرية وروعوا أمن المواطنين وشرَّدوهم من مساكنهم ومزارعهم بهدف إقامة دولتهم المارقة، والشريعة الإسلامية بريئة من أفعالهم وأقوالهم. فهم يُـفسرون النصوص القرآنية بحسب أهوائهم المنحرفة وأفكارهم الضالة الداعية للتطرف والتشدد، بعكس ديننا الإسلامي الذي عُـرِف منذ أطل به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على البشرية بالاعتدال والوسطية والذي يدعو إلى الرحمة والتسامح، فالشريعة الإسلامية حرمت دم المسلم وعِـرْضه وماله، بينما هؤلاء الإرهابيون ومن خلال أفعالهم يتبين لنا فكرهم المنحرف، فهم يقتلون النفس المحرمة ويسلبون ممتلكات المسلمين ويروعونهم ويشردونهم من مساكنهم وقراهم ومدنهم، كل هذه الأفعال مخالفة للشرائع السماوية والقيم الإنسانية بل مخالفة لنصوص القرآن الكريم، ومن أجل بسط نفوذهم شرعوا بقتل جنودنا والاعتداء على مواقعهم، هؤلاء الجنود حراس العقيدة والوطن في كل موقع يرابطون فيه، كما أن هؤلاء الإرهابيين يهدفون إلى إضعاف مقدرات البلد الاقتصادية من خلال تفجير المنشآت الحيوية وقطع الطرقات وإحراق المزارع، مستخدمين في ذلك كل وسائلهم المادية المتاحة، وعناصرهم الإجرامية القادمين من خارج البلد، وهم من جنسيات أجنبية جاؤوا إلى بلدنا مُنادين إلى قتل الآمنين العُزَّل، كما استخدموا بعض شبابنا وغرَّروا بهم وغرسوا أفكارهم الضالة في أذهانهم مستغلين الوضع الاقتصادي والمعيشي لهم وطموحاتهم ونفثوا سموم أفكارهم الهدامة من خلال الدعوات المنحرفة، فجعلوا منهم وحوشاً ضارية، الابن منهم يقتل أبويه ويكفر أخوته.
فمن أجل التصدي لهذه التنظيمات وأفكارها المنحرفة ولتحصين أبنائنا، ينبغي على كل فئات المجتمع ومؤسسات الدولة أولاً الاستشعار بالخطر القادم لهذه التنظيمات ومن ثم توحيد كل الجهود الوطنية في اتجاه واحد وهدف واحد بعيداً عن التشفي السياسي لأن العدو واحد وإذا تمكن هذا الفكر المتطرف من الاستشراء فلن يستطيع القادم إلى الحُكْم - أياً كان - استئصاله.
فالصدام المسلح عبر المؤسسة العسكرية والأمنية مع هذه التنظيمات الإرهابية غير كافٍ ولكن يتطلب الأمر إلى توحيد التوجه للعمل الإرشادي التوعوي والإعلامي والتربوي والثقافي في مسار موحد وباستمرارية مطلقة كي نصل منتج تربوي وفكري سليم وموحد لشبابنا, والمقصود بذلك توحيد الجهود الرسمية، مع جهود منظمات المجتمع المدني، التي هي الأخرى بحاجة إلى مقال منفصل.
فأين هي أنشطة الحكومة للوقوف سداً منيعاً ضد استمالة الشباب إلى صفوف الجماعات الإرهابية؟
أين هي وزارات الأوقاف والإرشاد، والشباب والرياضة، والثقافة، والتربية والتعليم، والإعلام؟
وما هي خططهم الحالية والمستقبلية لدرء الأخطار الفادحة القادمة من هذه الجماعات الإرهابية الخارجة عن النظام والقانون؟
أين دورهم في توعية الشباب، أين الندوات العلمية، وورش العمل، والدورات التدريبية، واللقاءات التوعوية، والمحاضرات الإرشادية المستمرة، وليست الموسمية؟
أين هم مما جرى في محافظة عدن، وقبلها في العاصمة صنعاء، وفي العام الماضي بالمكلا؟
لم نسمع لهم جعجعة، فضلاً عن الطحين المتوقع من جعجعتهم.
لذلك أشدد على فرض مبدأ التحصين قبل المكافحة، ولن يتم ذلك إلا من خلال التخطيط والتنسيق للنشاط المشترك الموحد للأهداف المصبوغة بالاستمرارية كي نحافظ على عقول شبابنا من غزو هذه الأفكار المتطرفة.
فالخطر كبير ولا يُـستهان به والوطن غالٍ وكل شخص شريف عليه أن يرتقي ويترفع عن المصالح الأنانية الضيقة ويقف إلى جانب كل مؤسسات الدولة الفاعلة للتصدي ضد التنظيمات الإرهابية والمنحرفة فكرياً، وعملياً، كي نصل إلى مرحلة الاستقرار، بدلاً من حياة الشتات والتمزق والخوف كما هو حاصل في بعض المجتمعات الشقيقة، التي تمكن منها هذا المرض العضال.
> مندوب اتحاد الطلاب بقسم الصحافة والإعلام في كلية الآداب - جامعة عدن
|
علاء بدر
عندما تتباغض القلوب الـمخلصة للوطن .. يجد الإرهاب بيئة خصبة للنمو
أخبار متعلقة