انها لمصيبة كبيرة عندما يسمح نظام الفرزات لسيارات الأجرة القديمة التي مضى على صنعها ما يقارب ربع قرن بنقل الركاب وتزداد المصيبة أعظم عندما تنقل هذه السيارات الركاب بين المحافظات وخاصة البعيدة منها،عند ذلك تزداد الخطورة أكثر على حياة الركاب الذين لا حول لهم ولا قوة بعد ان دفعتهم الظروف المختلفة إلى ركوب مثل هذه السيارات الخردة من (البيجوت) لتنطلق بهم عبر خطوط طويلة بين المحافظات تتصف بالازدواجية والكثير من العوائق والمطبات والحفر وتتسلق بهم اعالي الجبال صعوداً وانحداراً وتتلوى في منعطفات عديدة كتعدد الطبيعة الجغرافية لليمن إلى غير ذلك من المخاطر غير المحددة للسير على الطرقات في اليمن وخاصة الطويلة منها عند ذلك تصبح مثل هذه السيارة القديمة اشبه بالنعوش التي تنقل من عليها إلى الدار الآخرة وفي أحسن الاحوال يصل ركابها إلى هدفهم بعد ان تتحول مثل هذه الرحلات إلى الكثير من الخوف والفجائع بعد ان يقضوا الساعات الطويلة في قطع الطريق وتجعل البعض منهم يصمم على عدم المغامرة مرة اخرى في ركوب مثل هذه السيارات.
وقد يعتقد البعض انني ربما بالغت في الحديث عن هذا الموضوع ولكنني أتحدث عن تجربة حقيقية عشتها يوم الخميس الماضي عندما قررت السفر إلى عدن وحضرت إلى فرزة صنعاء ـ عدن في باب اليمن ظهر ذلك اليوم حيث انطلقنا من الفرزة في حوالي الساعة الثانية ظهراً على سيارة (بيجوت) قديمة ولحسن الحظ انه لم يصحب أحد الركاب منا عائلة ولا أولاد صغار وقبل ان نغادر أطراف العاصمة صنعاء تعرضنا لزخات مطر غزيرة تعطلت معها مساحات الزجاج الامامية حيث وقف السائق بعض الوقت لاصلاحها ولكن دون جدوى فما كان منه إلا ان واصل السير في اثناء استمرار هطول الأمطار حيث قلت الرؤية لدرجة كبيرة فما كان من السائق إلا ان يخرج يده ويستخدم احدى المساحات التي كان قد اخرجها من مكانها عند التوقف واستمر في اخراج يده لمسح الزجاج امامه حتى جاوزنا هذه الخطورة حتى نزلنا من نقيل يسلح وقبل ان نصل معبر سمعنا صوت فرقعة من تحت السيارة متقطعة ولكن السائق استمر في السير حتى وصلنا إلى يريم فإذا به يوقفها عند أحد المهندسين ليصلح الخلل الذي فيها فتأخرنا لأكثر من ساعة وبعد أذان المغرب في يريم انطلقنا بالسيارة باتجاه الضالع حتى وصلنا إلى قعطبة في حوالي الثامنة والنصف حيث تم اخضاع السيارة مرة أخرى للفحص عند أحد المهندسين وتأخرنا لذلك نحو خمس وأربعين دقيقة ثم انطلقنا بعد التاسعة باتجاه عدن حيث توقف أكثر من مرة لصب الماء في خزان التبريد ثم وصلنا إلى عدن بعد منتصف الليل وقد بلغ الجهد والتعب بنا مبلغاً كبيراً بعد ان قضينا في هذه الرحلة المتعبة نحو عشر ساعات وسمعت بعض الشباب يتواصلون فيما بينهم بعدم الركوب مرة اخرى عبرمثل هذه السيارات القديمة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه امام هذا الواقع الخطير على حياة الناس هو من المسؤول عن مثل هذا الاهمال والسماح لمثل هذه الوسائل من السيارات القديمة والمتهالكة بنقل الركاب وتعذيبهم وتعريضهم للمخاطر المتعددة على الرغم من انهم يدفعون الاجرة المناسبة التي تجعل من حقهم ان تنقلهم سيارات تصلح للسير على مثل هذه الخطوط الطويلة.
فهل تتحرك الجهات المختصة في وزارة الداخلية والادارة العامة للمرور ووزارة النقل ونقابة المواصلات العامة في وضع حد لمثل هذا الاستهتار بحياة المواطنين وتحديد السيارات الصالحة التي يحق لها العمل على نقل الركاب بين المحافظات أم ان هذه الجهات لا تشعر بمسؤوليتها تجاه حماية المواطنين من خطر هذه الوسائل ونتائجها الكارثية على حياتهم وراحتهم؟
سؤال يفرض نفسه وينتظر الاجابة...! .
عندما تتحول سيارات الأجرة إلى خردة لنقل الركاب
أخبار متعلقة