يحدث في بعض الأحيان أن نسمع أحاديث لبعض الناس تصيبنا بالذهول والدهشة لغرابتها حيناً أو جرأتها حيناً آخر، ولكن هناك أحاديث حينما نسمعها تتجاوز مشاعرنا تلك الحالات السابقة وتعطل كافة حواسنا لنستفيق بعدها من صدمة ما سمعنا لتتضح أمامنا بوابة تساؤلات لا نعرف بدايتها من نهايتها بل ما نعرفه أن تلك الآراء التي قيلت من قبل البعض كوجهات نظر عادية يؤمن بها أصحابها إلا أنها توصلنا إلى حقيقة واحدة مفادها أن هناك خطراً قادماً قد يحيط بنا إن لم نتوخ الحذر ونستعد له بكل السبل لتجنب ما لا تحمد عقباه، خاصة وأن هناك آراء ربما تقال ببساطة أو ببراءة من قبل أصحابها أشبه ما تكون بجمر مشتعل يتوارى تحت الرماد متحيناً الوقت المناسب لتحريك ذلك الرماد وإزاحته ليظهر عن نفسه ويحرق كل من يقترب منه.
لماذا أقول ذلك؟! الإجابة بمنتهى البساطة أنني مررت بكل تلك المشاعر السابقة من ذهول واندهاش وحتى الصدمة التي لا زلت أشعر بتأثيرها علي وكأن زلزالاً قوياً قد عصف بي، عندما فأجاني شاب في الثامنة عشرة من عمره يذكر أمامي اسم شخص يعتبره من وجهة نظره مهماً ويقوم بعمل كبير وجليل لاكتشف بعد لحظات معدودة أن قدوة ذاك الشاب الذي يتحدث عنه بإعجاب شديد ما هو إلا شخص متشدد ذهب للجهاد في سوريا لمحاربة نظام الأسد الذي يقتل الأبرياء، ولن أخوض هنا في الحديث عن سوريا وما يدور فيها، بقدر ما يهمني كيف أن من يدعون بالمجاهدين تحولوا إلى رموز وقدوة بنظر الشباب وكأنهم بغلوهم وتطرفهم يمثلون الإسلام الحقيقي الذي ينبغي على الجميع إتباعه!! وما زاد الطين بلة هو إحساس ذلك الشاب بالأسف لأنه لم يتمكن من الذهاب للقتال في كتاف عندما اندلعت الحرب هناك.
هذا الشاب الذي تحدث معي ببراءة وصراحة متناهية يمثل أنموذجاً لشباب آخرين ممن تم التغرير بهم وغسل أدمغتهم بطريقة لا تدع مجالاً للشك أن تلك الجماعات المتشددة عملت بجهد شديد لاختيار ضحاياها من صغار السن وحولتهم إلى مشاريع إرهابية تنتظر فقط الإشارة لتنفيذ ماتؤمر به دون أي مناقشة.
علينا الاعتراف بأننا كبلد نعاني من وجود عناصر إرهابية تعيش فيه وأن تصريحات جميع المسؤولين تؤكد جميعها على رغبتهم في تخليص اليمن من الإرهاب كتنظيم ومن الإرهابيين كأفراد خاصة وأن عملياتهم تلك تضرب في أكثر من محافظة وضحاياهم بالعشرات فكل تفكيرهم ينصب في شيء واحد فقط وهو القتل، لذلك إذا أردنا أن نعيش بسلام بعيداً عن القتل والتفجيرات والاغتيالات، علينا أن نعترف أن الجماعات المتشددة استطاعت أن تملأ فراغاً كبيراً في تفكير الشباب يتناسب مع توجهاتهم وحولتهم إلى خلايا نائمة لا يعلم أحدهم بعددهم حتى هم أنفسهم وهنا يأتي دور الدولة لتصحيح أخطاء سابقة ومعرفة كيف نجحت الجماعات المتشددة في السيطرة على عقول الشباب فيما عجزت الدولة عن توجيههم بشكل سليم وذلك من خلال الرقابة على الحلقات التي تعقد في المدارس والتي عادة ما يترأسها شخص لا يكاد يفقه شيئاً من أمور الدين غير تلك التي تم تلقينها له في وقت سابق وعندما حفظها كلها أصبح جاهزاً لترديدها ونشرها بين الشباب، كذلك ينبغي العمل على محاربة الأفكار المتطرفة بين صغار السن الذين يعيشون في بيئات تنتشر فيها تلك الأفكار وكأنها شيء عادي من خلال النزول إلى المدارس وأماكن تجمعات الشباب لإلقاء محاضرات عن الوسطية في الدين وأن الإسلام هو دين سلام لا قتل.
شبابنا في خطر فلننقذهم لنعيش بسلام وأمان.
قادة الإرهاب.. قدوة الشباب!
أخبار متعلقة