الثأر جريمة بشعة تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وتطال الأبرياء والأخيار من الناس وتقلق الأمن والطمأنينة والسكينة العامة في المجتمع الذي تظهر فيه وتشعر الناس أنهم يعيشون في ظل شريعة الغاب التي يسرح ويمرح في أثنائها القتلة والمجرمون وينفذون أعمالهم الإجرامية دون خوف من الله ولا من نظام ولا قانون بعد أن ماتت ضمائرهم وأصبحوا جنودا للشيطان الذي يأمرهم بارتكاب الجرائم والمنكرات والتي يأتي على رأسها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق حتى يعرضوا أنفسهم للتهديد والوعيد الشديد الذي ورد في قول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ( ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماً ) ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ).
إن الأبرياء والخيرين دائماً ما يكونون صيدا سهلا لجرائم الثأر وضحية لمن يستهدفونهم من المجرمين في سبيل تحقيق انتصار وهمي لايقره الله الذي يقول في كتابه العزيز: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى) ولاتقره حتى الأعراف القبلية التي ترفض الغدر وترفض قتل المسالم الذي لا يحمل السلاح، ولكن لانستغرب مثل ذلك عندما تنهار الأخلاق والقيم والتقاليد.
ومن المؤسف حقا أن نرى عدن وقد أصبحت مسرحا ومرتعا يأتي إليه المجرمون والقتلة لينفذوا فيه جرائم التصفيات والثأر، هي المدينة الوادعة والآمنة والمسالمة والتي لم تعرف مثل هذا النوع من الجرائم لا في عهد الاستعمار ولاعهد التشطير حيث كان الناس من جميع أنحاء اليمن ومن العالم في عهد الاستعمار وربما يلتقي الواحد منهم بقاتل أبيه ولا يمسه بسوء نظراً لسيادة النظام والقانون، ولم تعرف عدن مثل هذا النوع من الجرائم إلا في ظل النظام الدكتاتوري الاستبدادي الذي تخلصت اليمن منه بفضل ثورة الـ 11 من فبراير 2011م ولكن تركته الثقيلة التي تعاني منها اليمن بشكل عام تتطلب وقوف جميع أبناء اليمن خلف قيادتهم السياسية الجديدة بزعامة الأخ الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي أقرتها جميع المكونات السياسية والشعبية كمنظومة مترابطة ومتكاملة لبناء اليمن الجديد والتي بدأ تنفيذها بالفعل من خلال إقرار الدولة الاتحادية المكونة من ستة أقاليم، والتي أعادت لعدن اعتبارها ووضعها المناسب كمدينة إدارية واقتصادية ذات وضع إداري وقانوني اتحادي خاص هذا بالإضافة إلى وضعها كعاصمة لإقليم عدن الخاضع لنظام الأقاليم.
وأخيراً نقول إن جريمة الثأر التي عمت المدن ووصلت إلى عواصم اليمن تستحق الوقوف أمامها بكل مسؤولية وأن تعطى حقها من الاهتمام على المستويات الرسمية والشعبية ومن مراكز البحوث والدراسات بحيث تتم معرفة أعراضها حتى يتم التشخيص السليم لها وبالتالي وضع الحلول والمعالجات السليمة لظاهرة الثأر باعتبارها خطراً يهدد الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، ومن غير المعقول أن نتحول إلى بناء دولة مدينة حديثة يسود فيها النظام والقانون دول أن يتخلص المجتمع اليمني من عوامل الخوف والتوتر والصراع ولذلك فإننا نرى أنه لابد من حل مشكلة الثأر في اليمن حتى يسهم الجميع في بناء اليمن الجديد الذي هو بحاجة إلى كل أبنائه ولتحقيق هذه المهمة فقد يكون من المفيد أن تشكل لجنة بقرار جمهوري بحيث تضم ممثلين عن القبائل والعلماء على مستوى اليمن ممن يتمتعون بالكفاءة والتأثير حتى يضعوا حلولا ومخرجا لهذه الظاهرة الخطيرة ويمكن أن يسبق مثل هذه اللجنة لجان مصغرة على مستوى المحافظات لتسهم في وضع الحلول والمعالجات على مستوى كل محافظة ويمكن أن يبدأ الحل لهذه الظاهرة بإعلان صلح عام ثم وضع الحلول المناسبة على أن من يرتكب جرائم القتل بعد ذلك يخضع للقصاص الشرعي دون أن يعترض عليه أحد.
ولاشك أن الوضع السياسي الآن هو مع حل هذه المشكلة وليس ضدها. ولا ينقصنا سوى أن يتحرك بعض رجالات اليمن ليكونوا مفاتيح للخير
ليحقنوا الدماء ويسهموا في تحقيق الأمن والاستقرار لهذا الوطن الغالي.
من يوقف قابيل في اليمن؟!
أخبار متعلقة