أضحى في حكم المؤكد أن التيارات الثقافية المتباينة والمتصارعة في بنية المجتمع العربي على السلطة والنفوذ باتت تتراجع عن تصعيد وإذكاء روح ذلك الصراع الممجوج، وتتجه صوب توفير بدائل حقيقية كالتعايش السلس الآمن بين مختلف القوى السياسية والثقافية والاجتماعية بعد إعادة النظر في السياسات العامة وتعديل مسار الحراك الوطني لبعض الأقطاب والأمصار العربية كاستفادة مثلى من تلك البلدان التي بلغ السخط الشعبي فيها ذروته باندلاع ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا على أن التجربة المصرية أمست قيد الدراسة من قبل حكومات تونس وليبيا واليمن في إتجاه التوافق والوفاق الوطني، وتجسيد مبدأ الشراكة الوطنية الفعالة في السلطة والثروة بدون تهميش وإقصاء أي طرف من الأطراف المشاركة في العملية السياسية خدمة لتوجهات (التعايش) الأمثل بين المكونات السياسية والثقافية والاجتماعية وفي طريق الحد من العنصرية والطائفية والمذهبية والحزبية إنهاء للعصبيات الجاهلية.
بيد أن بعض الأقطار والأمصار العربية لم تعِ الدرس بعد حيث تمضي مسوفة لإجراء حزمة من الإصلاحات السياسية في بنية أنظمتها الحاكمة في تمثل لثقافة التسويف والإرجاء التي ابتعدت بالنظام العربي عن جادة الصواب، وضاعفت من آلام ومعاناة الأمة في فلسطين المحتلة إذ انشغلت الأنظمة العربية بقضايا الصراع الداخلي، وسوفت وأرجأت عملية إعادة النظر في مستجدات القضية الفلسطينية، هذه القضية المركزية والمحورية للأمة العربية والإسلامية على نحو يبعث على الحسرة والندامة معاً وينم عن تخاذل مفرط لمجموعة الدول العربية التي تشكل قوام النظام العربي الذي يعيش حالياً مرحلة عصيبة، ونكسة فادحة في طريق النهج الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، وتداعيات ومآلات الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي المنتخب د/ محمد مرسي والتي قد تولد قناعات شديدة لدى بعض التيارات السياسية والثقافية والفكرية بانتهاج سبيل العنف والإرهاب لفرض الأفكار والسيطرة على السلطة بعدما تتبدى لهم كذبه الخيار الديمقراطي الذي لم يفرض مبدأ القبول بالآخر في طريق (التعايش) السلمي السلس بين مكونات المجتمع فإن كان السيسي مكان د/ محمد مرسي رئيساً لمصر وانقلب عليه الأخوان فإن موقفي سيكون ذات الموقف وسأقف إلى جوار السيسي فالقضية قضية مبدأ فثقافة التسويف والإرجاء والتأجيل المسيطرة على حركة الوطن العربي الكبير أجلت مسألة التحرر من الاحتلال الإسرائيلي في أزمان قوة المارد العربي بتواطؤ القيادات والزعامات العربية وقتذاك التي لم تلق بالاً للمصلحة القومية العليا حيث غدا الكيان الإسرائيلي اللعين في زمن الشتات والضعف العربي آلة قمع وإجهاض لأي من مشاريع التقدم والتطور والنماء في الوطن العربي على تعدد أقطاره وأمصاره فهو (أي الكيان الإسرائيلي) يخطط لوأد أي تطلعات شعبية صوب تحقيق الوحدة العربية الشاملة ، وأصابعه من العملاء من ضعاف النفوس ينفذون مخططاته في أغلب الأقطار والبلدان العربية لإيصال كافة أمشاج النسيج الاجتماعي إلى مراحل اليأس والقنوط والإحباط من التغيير الإيجابي السلمي للواقع العربي ووسائلهم في ذلك بسيطة كزرع الفتن والانقسام في أغلب الأوطان العربية ، وإفساد الحكام وإضعاف الحكومات ، وخلق الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، والتدخل في الشؤون الداخلية برسم خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها من قبل القيادات والزعامات العربية وكذا بعض حكومات البلدان والأقطار العربية التي ما أنفكت تذيق الشعوب العربية أصناف الألم وألوان العذاب عن طريق نهب الثروات والمقدرات بشيوع وتفشي الفساد المالي والإداري وربما الأخلاقي في سبيل الانتقاص من الكرامة العربية ، وإفشال توجهات البناء والتحديث والنهوض الحضاري ، ما خلق حياة ممجوجة مفعمة بالحرمان والجمود ، وما زاد الطين بلة إنبراء أهل النفوذ إلى الانقلاب على التجارب الديمقراطية الحديثة كما حدث في مصر الكنانة ، ما يبشر ( كما أسلفنا) بقيام الجماعات المسلحة في الوطن العربي الكبير والتي ستمارس العنف والإرهاب هذا جانب ، والجانب الآخر تقرر فيه وجود جماعات مسلحة في وطننا العربي الكبير تمارس العنف والإرهاب وهي امتداد ونتاج طبيعي وردة فعل لسياسة الأنظمة العربية الديكتاتورية الشمولية حيث سيتفاقم الأمر مع جعل الديمقراطية مجرد ديكور بغرض المزايدات والإرجاف، وتخدير قطاع واسع من أبناء أمتنا العربية في أغلب الأقطار والبلدان العربية ، فالمصالح العليا للغرب والولايات المتحدة الأمريكية مرهونة بازدهار وتقدم العملية السياسية في معظم البلدان والأقطار العربية ، وبتحرر الشعب العربي من هيمنة ووصاية الأنظمة السياسية الحاكمة الفاسدة ، فالرئيس السوداني الأسبق ( المحسوب على الإسلاميين) قاد تجربة ديمقراطية وطنية فريدة كانت سبباً في سقوطه بالانتخابات الرئاسية ، فسلم بنتائجها وغادر السودان الشقيق إلى غير رجعة فنحن في الوطن اليمني الواحد الموحد ( شماله وجنوبه وشرقه وغربه) ننشد الحياة الحرة الكريمة في ظل تنامي الوعي الشعبي والجماهيري الذي سيبقى سدا منيعاً يحول دون الاستحواذ والاستئثار بالسلطة، هذا فضلاً عن أنه سيكون ( أي الوعي الشعبي والجماهيري) جسر العبور الشامخ إلى حياة أكثر سعادة وإشراقاً في ظل دولة الوحدة .. الدولة المدنية الحديثة التي ستلم شتات اليمانيين على تباين واختلاف توجهاتهم السياسية والثقافية ، وانتماءاتهم المذهبية، فحكومة الوفاق الوطني يجب عليها الوفاء بالتزاماتها للفيف واسع من الموظفين في عموم محافظات الجمهورية اليمنية بصرف فارق العلاوات السنوية للعامين المنصرمين 2012م ، 2013م لجموع العاملين في السلك التعليمي والتربوي في عموم المدارس ومكاتب فروع الوزارة في المحافظات والمديريات والمناطق التعليمية والتربوية بمن في ذلك العاملون في ديوان عام وزارة التربية والتعليم ، وصرف فارق العلاوات السنوية للعام المنصرم 2013م للوزارات والوحدات الإدارية المختلفة ، والتي تم صرف فوارق العلاوات لها لعام 2012م كما يجب أن نذكر بصرف العلاوات ( الفارق) السنوية لمنتسبي القوات المسلحة والأمن للعامين المنصرمين ( كالتربويين ) 2012م ، 2013م فهذه حقوق لا يمكن التفريط بها كي لا يخلق حجبها تذمراً وسخطاً عارماً في أهم القطاعات المحورية كالجيش والأمن والتربية إذ رفعت ثقافة التسويف والإرجاء والتأجيل قيادة وزارة المالية ممثلة بالأخ صخر الوجيه وزير المالية إلى المماطلة وإطلاق الوعود التسويفية حيث ستضحي مصادرة هذا الحق القانوني القشة التي ستقصم ظهر البعير، واللعنة على ثقافة التسويف والإرجاء والتأجيل وإلى لقاء يتجدد والله المستعان.
عن ثقافة التسويف ومخاطرها
أخبار متعلقة