نخجل منك يا وطني عندما يقولون ان (الوفد الزائر) لغزة قام واجتمع.. وناقش.. وادان واستنكر.. وتوصل.. وشكر.. علما بأن الوفد الزائر اربعة من اعضائه هم اصلا من غزة.. واعتذر هنا عن استخدامي كلمة غزة لوحدها لأنني لا اؤمن بالمناطقية الفلسطينية حيث كل ذره من تراب فلسطين هي موطني ووطني ولكن لتوضيح الحقيقة ..
عندما تكون في غزة ويتم وصفك بالزائر فتسقط عنك صفة المواطنة فورا وتكون زيارتك محدودة ومحددة في الوقت والتاريخ والهدف ومدى القبلات واستجابتك لحفلات العشاء بطعم الدم ..
لست متهكما على احد من وراء هذه الكلمات .. تمنيت من كل قلبي ان تحقق الزيارة ( نص في المية ) من هدفها ولكني لم اشعر بأي بصيص من الامل في هذا النفق المظلم المسمى نفق الانقسام .. بل الطريق ما زال وعراً وشاقاً ولا يمكن ان ينتهي باجتماعات القبل في بيت اسماعيل هنية رئيس الوزراء الذي على الاقل ما زال يصادر مقرات حركة فتح في قطاع غزة ومقر منظمة التحرير الفلسطينية ويمنع دخول الصحف الفلسطينية الى غزة بما فيها جريدة القدس ويصر على اغلاق المؤسسات الاعلامية الفلسطينية بل قام بتحويل مقرات حركة فتح والجمعيات الخيرية الفلسطينية الى سجون ومقرات امنية لحكومته ..
في حقيقة الامر انه شيء مؤلم ان نتحدث عن تفاصيل المصالحة بوجه نظر الشعب التي كان لي الشرف ان اعبر عنها في الكثير من المفاصل المهمة والمواقف والتصريحات الاعلامية .. لكن الشيء المهم هنا والذي اردت ان اعبر عنه هو انني لم اشعر بأي امل وما زال الطريق وعرة ولم تكن هناك اي نية لإنهاء الانقسام بل التوجه يتم تعزيزه في كيفية ادارة الانقسام ..
السماح بعودة اشخاص الى غزة والسماح للأخوة اعضاء اللجنة المركزية بالتواجد في غزة وتصوير هذا الامر وكأنه انجاز مهم لعمالقة التفاوض المر والسعي الى تنازلات مؤلمة في اطار هذا السماح من قبل امن داخلي حماس كل هذا الامر لا يبدو انه امر مشجع على الاستمرار في مصالحة هي بين ابناء شعب واحد وهدف واحد ومصير مشترك بل يعني هو تقاسم وظيفي وادارة لوضع قائم يحمل في طياته مستقبلاً سيئاً لشعبنا واهلنا في قطاع غزة ..
لعل اننا بحاجة الى تسمية الاشياء بمسمياتها في هذا الامر ويجب ان نقف امام حقيقة الواقع الذي يعيشه شعبنا من بطالة الى انسداد الافق السياسي الى المعاناة الىومية نتيجة حصار قطاع غزة الى فشل حماس في ادارة غزة الى التحولات الاقليمية في المنطقة كل ذلك يدفعنا الى التساؤل الصعب ماذا نريد وماذا بعد..؟؟؟
ان معاناة شعبنا واهلنا في قطاع غزة اكبر من تلك الابتسامات ولقاءات المجاملة التي سعت الىها حركة حماس في غزة لتستقبل وفودا زائرة الى غزة الحبيبة الفلسطينية وتصوير الامر وكأنه بدولة اخرى ولشعب اخر لعل هذا هو الواقع المر الذي تجرعناه جراء هذا الانقسام الاسود وهذا الواقع هو ما دفعني الى كتابة هذه السطور لتوضيح ورفض منطق الزيارات الى غزة لان الاصل هي ارض غزة .. ارض فلسطينية ملك لك فلسطيني اينما كان ويجب علىنا جميعا العيش بأرضنا وبإرادتنا ووقت ما نشاء وبالكيفية التي يقررها المواطن .. عندما يتحقق ذلك بعيدا عن القمع وحكم القوة والاستبداد من الممكن ان نقول ان الانقسام بدأ ينحسر ويتراجع الى غير رجعة .. ولكن ان تعمل كل الاجهزة الامنية في حماس وماكنتها الاعلامية وتصوير الامر بأنه مجرد ( زيارة ) يقوم بها بعض المرضى عنهم والحاصلين على صكوك غفران من السلطان ومن قبل حماس او التي تسمح ظروفها الامنية بحد فهمهم الى تفعيل زيارات لهم تحت حراسات امنية حمساوية وتحت رقابة امنية مشددة .. فهذا شيء مخجل ومخجل جدا ...
لعل الشيء الوحيد الذي ممكن ان يسعفنا هو صوت شعبي حقيقي وصرخة قوية تزلزل الارض من تحت اقدام هؤلاء الذين يتاجرون في غزة .. ومن اجل العمل بلغة العقل والمنطق ومن اجل فلسطين الدولة القوية التي نعمل من اجلها ..
هو صوت الشعب الذي يرفض هذا الانقسام .. ها هو يعلو كل يوم ويكبر صوتنا في مواجة الانقسام ومن اجل وحدة فلسطين .. وحتى لا نكون مجرد زائرين في وطننا ..
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية.
حتى لا نكون مجرد زائرين في وطننا
أخبار متعلقة