لا صوت يعلو على صوت الحوادث والأحداث الجارية في بلادنا بحسب ما تنشره الصحف المحلية التي تواصل نشرها، وأصبحت لها الصدارة على ما عداها من مواضيع صحفية أخرى، ونشعر بالحسرة كثيراً حينما نقرا أخبار تلك الأحداث المزعجة التي تسيء إلى سمعة بلادنا ونصاب بالذهول لحدوثها.. ونتساءل إلى متى ستستمر هذه الحوادث الفوضوية غير المسؤولة التي انتشرت في أكثر من محافظة من محافظات الجمهورية وبالذات العاصمة؟ وإلى متى سيستمر هذا التطاول الهمجي على أجهزة الدولة ومؤسساتها.
وأين هيبة الدولة؟ ومن هو المسؤول عن هذا الوضع الذي وصلنا إليه؟
كل يوم نسمع عن حادثة إما اغتيال أو تفجير أنبوب نفط أو تحطيم وتعطيل المنظومة الكهربائية أو اختطاف أو تقطع للطرق وإغلاقها من اجل تحقيق مطلب لا علاقة له بالسياسة بل قضية إجرامية موجودة بين يدي القضاء للحكم بشأنها.. أو اقتحام مكاتب البريد بالقوة في كل من صنعاء وعدن من عصابة مسلحة مجهولة، أو كالقاضي رئيس نيابة استئناف المكلا الذي تم اختطافه من قبل مجموعة مسلحة وغيره.. وغيره الأمر الذي يثير الدهشة والحيرة معاً من هذه التصرفات الخاطئة غير المسؤولة.
ما هذا الذي يحدث على أرض اليمن وبين أبنائها؟ لقد وصل بنا الأمر إلى مرحلة عجز المواطن عن ممارسة حياته بشكل طبيعي وعدم قدرته على التنقل بين المحافظات يحكمه الخوف في كل تفاصيل حياته وتفكيره.. والسبب وراء ذلك عدم توفر الأمن والأمان في الطرق وكذا عدم وضوح الرؤية السياسية.. وواقع اقتصادي ينهار بشكل مرعب.. وبلطجة فكرية وأخلاقية من مختلف الفئات وفي كل القطاعات حتى بين أساتذة الجامعات الذين وصل بهم الأمر إلى هذا الحال كما أنه لابد من الإقرار والاعتراف بأن بعض وسائل الإعلام لعبت دوراً سلبياً في زيادة حالة التوتر والخوف لدى المواطن اليمني من خلال الحديث المتواصل في السياسات ونفور وصراعات الأحزاب والجماعات السياسية كما لعبت دوراً غريباً في تسخين الرأي العام، وأيضاً هناك رجال دين تفرغوا للبحث عن مجد سياسي بدعوى الجهاد وليس من أجل توعية المواطن وتذكيره بأن إنقاذ الوطن وإعماره هو واجب وفرض شرعي قبل أي شيء آخر، إن الكل مذنب في هذا الأمر ويتحمل وزر ما وصلنا إليه بسبب حشر الدين في السياسة، مما ينذر بعواقب مخيفة ومرعبة قد تكون كارثة تقضي على هذا الوطن ويكون مشهداً مفتوحاً على مجهول يمكن أن يهدد المسار الديمقراطي والحوار الوطني الشامل.. الخ.
إن الضغوط التي يعيشها المواطن اليمني من المؤكد سوف تكون لها تبعات نفسية لن تمحى لسنوات طويلة. أن أحد حقوق اليمنيين على الدولة الشعور بالأمن وأن تسير حياتهم بشكل طبيعي وهذا شيء أساسي. إن مثل هذه النماذج المختصرة من الفوضى وعدم استقرار الأمن.. اليست هذه هي الفوضى بذاتها التي نسمع عنها؟ اليس هذا استهتاراً بالأجهزة الأمنية المعنية وبمؤسسات الدولة؟!.
اليست من الهمجية والتخلف الاعتداء على رئيس الحكومة وتخريب أنابيب النفط وضياع ملايين الدولارات في الصحراء؟ ثم أين القانون إذن طالما وأحد رجال القانون وهو رئيس نيابة استئناف المكلا شخصياً تعرض للخطف من قبل مجموعة خارجة عن القانون؟ لماذا نسمح لهؤلاء بالتطاول على مكتسبات الدولة ، ونحن لدينا جيش كبير، كبير ورجال أمن أعدادهم كثيرة، كثيرة أين هم أثناء هذه الأحداث؟.
لقد أصبح لافتاً للنظر بشدة ذلك التصاعد المستمر لحالة الانفلات العام والخروج على القانون وفوضوية البلطجية والعنف وإغلاق الطرق وتعكير سكينة المواطنين الخ.. الخ ونحن نتفرج بدون حسم وحزم بحجة أننا بلد ديمقراطي مع أن الديمقراطية ليس لها أدنى علاقة بمثل هذه الممارسات الخاطئة الشائنة ، إلى متى ونحن في هذه المعمعة من فوضوية هؤلاء الناس الذين لاتهمهم مصلحة سمعة البلاد ولا المصلحة الوطنية العامة بل كل همهم هو السعي الحثيث نحو تحقيق مصالحهم الشخصية (ومن بعدي الطوفان !).
لقد ضجت الناس من انتشار وشيوع حالات التعدي وما يجرى ويدور من إرباكات واختلالات أمنية أدت إلى تعطيل مصالح الناس والدولة وإلحاق أضرار فادحة كتخريب وقطع أسلاك الكهرباء وما يصاحب ذلك كله من ترويع المواطنين جراء هذه الأعمال الهمجية المتخلفة من قبل الخارجين على القانون ( OUT LAWS PEOPLE ) وتهديد واضح للأمن والاستقرار وتعطيل الأجهزة الحكومية والخدمات والإضرار بمصالح عموم الناس، أصبح مثيراً للانتباه .. إن تكرار هذه الحالات وتسارع وتيرتها وانتشارها بصورة فجة ومحبطة قد أعطت انطباعاً عاماً بأن القاعدة في السلوك والتصرف أصبحت خارج إطار الانضباط وبالمخالفة لجميع القوانين والقواعد الأخلاقية والاجتماعية وفي غيبة شبه كاملة لهيبة الدولة وغياب تام لجميع وسائل الردع المادية أو المعنوية للأجهزة المعنية بأمن وأمان المواطنين وانضباط الشارع لكونه مسألة يجب عدم السكوت عليها مهما كانت الأسباب ومهما كان الثمن لأن الدولة يجب ان تكون لها هيبتها وان تكون الأمور تحت السيطرة دائماً وأبداً وتحت أي ظرف كان فنحن في اليمن نتفاخر دائماً بأننا دولة لها وزنها وثقلها وأهميتها ـ دولة المؤسسات والقانون وان بلدنا واحة أمنية عز نظيرها لكن في الآونة الأخيرة بعد ان سمح لهم ان يعبروا عن رأيهم بكل حرية وديمقراطية إلا إنهم وللأسف فهموها خطأ مما أدى إلى تغير الأمور كثيراً وأصبحت الفوضى تعم العديد من المناطق بدون ان نسمع عن أي إجراء صارم من جانب الحكومة.
للأسف الشديد ان تراخي الأجهزة المعنية يولد الفوضى وهذا التراخي مع الأسف موجود وليس له أي مبرر فعندما يعتقل مواطن على خلفية جنائية ـ إجرامية أو تخريبية يتظاهر ذووه أو يختطفون شخصاً أجنبياً أو يفجروا أنبوب النفط لإطلاق سراحه ويغلقون أو يعملون على قطع الطرق، ويمنعون السيارات وينهبونها.
منذ متى كنا نعرف هذا النوع من الممارسات في بلادنا، واين هي وزارة الداخلية وأجهزتها المعنية؟ أليست من مهماتها الاساسية حفظ الأمن والنظام وعدم السماح لأي كان بالتعدي على الممتلكات العامة والخاصة؟ هذه الفوضى يجب ان تتوقف وهذا الاستهتار يجب ايضاً ان يتوقف ويجب ان يعود وطننا كما كان بلداً آمناً ولا نسمح لأي كائن مهما كانت صفته ان يتعدى على أمننا وأمن الوطن .. وبالطبع هناك وقائع واحداث أخرى كثيرة ومتنوعة لكنها لا تقل عما ذكرناه في تأثيرها السلبي على مجريات الحياة اليومية ويجب السعي لوضع حد لما نحن فيه من انفلات وفوضى وغيبة للقانون.
لماذا نصر على الا يتقدم وطننا خطوة إلى الأمام بترك العادات البالية (هجر الابقار وتحكيم قبلي وعدم التقيد بالقوانين النافذة وتزويج القاصرات والفساد والمحسوبية الخ .. الخ). و بعد ان وضعنا قدمنا على الطريق الصحيح وأن نجتمع على كلمة سواء خلف رئيسنا وقائدنا النظيف (أبو جلال) حتى وان اختلفنا معه ونتقي الله في وطننا حتى ولو من أجل ابنائنا حتى لا يلعنونا إذا سرنا في غينا وضلالنا وضيعنا البلاد بهذه الخلافات والمناكفات والمحاصصة الفارغة. التي في معظمها لا تجافي الصحيح وينبغي الا تفسد للود قضية وإلا تشق وحدة المجتمع إذا خلصت النوايا ووضعنا مصلحة الوطن أولاً واخيراً ؟.
ومعذرة هذا هو وطني .. وهذه هي أرضي .. لانه عيب ان نقول: باننا كنا نعيش أيام حكم علي عبدالله صالح في دولة بلا حرية .. والآن بعد ثورة الربيع العربي نعيش حرية بلا دولة وهو أخطر ما نواجهه في هذه المرحلة فلا يوجد أبداً في العالم كله حرية غير مسؤولة مثل التي تحيط بنا .. وقديماً قالوا (أنت حر مالم تضر) وهذه الحرية الكريهة لا تخدم سوى اعدائنا لانها تعني الفوضى التي تضرب اوصال المجتمع وتهدم قيمه ومؤسساته وعقول مواطنيه.
إلى متى هذه الفوضى ؟!
أخبار متعلقة