أثارت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى قناة «سي.إن.إن» الأمريكية حول مصر مؤخراً ردود أفعال عديدة، وتساؤلات متعددة حول حقيقة الموقف الأمريكي من الأحداث الحالية على الساحة المصرية.
لقد حدد أوباما الموقف الأمريكي على النحو التالي:
- أن قطع المساعدات الأمريكية عن مصر لن يجبر الحكومة الانتقالية المصرية على تغيير مواقفها، بما يعني أن الأمر يحتاج إلى إجراءات أشد قسوة وعنفاً.
- أن استمرار الأوضاع في مصر وفقاً لما هو جارٍ يتعارض مع منظومة القيم الأمريكية وهو يقصد هنا قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
- أن الجيش المصري فوّت الفرصة على إيجاد حل للأزمة الناشبة في مصر، أي إن الجيش هو المسئول وليس جماعة الإخوان عن تطورات الأوضاع والعنف السائد في البلاد حالياًً.
لقد جاءت تصريحات أوباما منافية للواقع، ومتعارضة مع الحقائق السائدة والمعروفة، والهدف هو إشعال الموقف، خاصة بعد نجاح الحكومة المصرية في احتواء الموقف والحد من الاعتصامات والتظاهرات وأعمال العنف التي خططت لها جماعة الإخوان مستندة إلى دعم أمريكي وغربي بلا حدود.
كانت التقارير الدبلوماسية تصل إلى القاهرة خلال الأيام الماضية، مؤكدة أن هناك اجتماعات سرية عُقدت في قبرص وألمانيا لتؤكد أن المخطط بدأ يأخذ خطوات جادة بحضور ممثلين عن أجهزة الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل وألمانيا وتركيا وقطر.
وكانت الخطة تدور حول عدد من النقاط أبرزها:
- تصعيد الموقف الداخلي عبر التظاهرات والاعتصامات وأعمال عنف تؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى حتى يظل الموقف متوتراً وملتهباً، بما يمكّن من تنفيذ المخطط الدولي الذي ترعاه هذه الدول ويؤتي نتائجه.
- أن كسب الوقت في مصر في ضوء استمرار هذه الحالة من شأنه أن يبقي القرار السياسي والاقتصادي المصري في حالة شلل.
- السعي إلى إجهاض التحركات المصرية على الصعيدين العربي والدولي بما يساعد على حصار الدور الدبلوماسي المصري ويجعله عاجزاً عن التأثير في مواقف البلدان الرافضة لتطورات الأوضاع في مصر.
- أن قرار المواجهة الذي اتخذته الإدارة المصرية بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة مؤخراً كان مفاجأة غير متوقعة للدول المشاركة، خاصة أن كافة التقارير السابقة أكدت أن الإدارة المصرية لن تجرؤ على فض الاعتصامين في ضوء المواقف والضغوط الدولية التي كانت تمارَس ضد مصر.
- أن رهان الغرب على مواقف الأقباط المصريين كان رهاناً خاسراً، خاصة أن موقفهم تعارض مع مواقف الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى بتأييدهم للإدارة الانتقالية ورفضهم الرد على الأحداث التي شهدتها البلاد والتى أدت إلى حرق العشرات من الكنائس والأديرة، حيث كانت الدول الغربية تراهن على موقف الأقباط بطلب الحماية، إلا أنه رغم الاتصالات التي جرت معهم، رفضوا بكل قوة الرد على الإجراءات التي اتُخذت ضدهم، وعارضوا أي شكل من أشكال التدخل الخارجي، كما أنهم بدأوا في تحريض الكنائس الأمريكية والغربية على دعم الإدارة الانتقالية في مصر.
- أن لجوء جماعة الإخوان وحلفائها في تصعيد أحداث العنف واستخدام الإرهاب وسيلة ضد المجتمع ومؤسساته المختلفة كان له أبلغ الأثر في تراجع المخططات الدولية، وإرباك حساباتها، حيث بدت التصرفات الإخوانية على الساحة المصرية وكأنها تشبه التصرفات القبلية الهمجية في الهجوم بلا حساب وسوء التخطيط وهو ما أدى إلى إفشال فرص كانت متاحة في ظل حكومة كانت مترددة في اتخاذ القرار في هذا الوقت.
- أن مراجعة الموقف الغربى والأمريكي باتت ضرورة الآن على أن تستند إلى إعادة توحيد وتنسيق المواقف بإشراف موحد.
كان هذا هو اللقاء الثالث من سلسلة الاجتماعات التي جرى عقدها في القاعدة البريطانية في قبرص وألمانيا والتى أعقبت نجاح الثورة المصرية.. حيث عقدت الاجتماعات في 2 و8 أغسطس في قبرصو فى 16 أغسطس في ألمانيا.
إن ذلك الأمر أعاد إلى الأذهان طرح السؤال عن حقيقة الارتباك الذي يسود دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، وعما إذا كانت واشنطن عازمة بالفعل على تنفيذ هذا المخطط في ضوء المعارضة الشديدة للعديد من هذه الدوائر وأبرزها:
موقف الخارجية الأمريكية
مع بداية الثورة كانت الخارجية الأمريكية تعظم في تصريحاتها من التحرك الشعبي المصري، وتقلل من الحديث عن «الانقلاب» وذلك في محاولة منها لامتصاص ما يحدث في مصر، إلا أنها وبعد فشل كافة المبعوثين الأمريكيين والغربيين إلى مصر أصبح موقف الخارجية الأمريكية واضحاً ومعلناً ومنسجماً مع الموقف المتطرف لمستشارة الأمن القومي الأمريكي وبدأ «جون كيري» وزير الخارجية وبالتنسيق مع مستشارة الأمن القومي «سوزان رايس» في مطالبة الرئيس أوباما بالبدء في إعلان العقوبات على مصر بدءاً بقطع المعونات والمساعدات وصولاً للتدخل العسكري، وهو موقف لعب فيه الأتراك والقطريون دوراً مهماً علنياً وسرياً بهدف إقناع الإدارة الأمريكية بأن ما حدث في مصر كان «انقلاباً عسكرياً»!!
موقف الـ«سى. آي. إيه»
أما عن موقف وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ «سي. آي. إيه» فقد جاء متفقاً مع موقف الخارجية الأمريكية والأمن القومي فيما يتعلق بوقف المعونات والمساعدات والنشاطات العسكرية المشتركة مع مصر إلا أنه أبدى الحذر من التدخل العسكري الأمريكي ضد مصر بأي شكل من الأشكال، وعدم النظر لموقف مصر بمفردها، بل لدول المنطقة جميعاً والعالم أيضاً، على اعتبار أنه لو حدث أي تدخل عسكري في مصر فإن كافة الأوراق ستتداخل وطبيعة التحالفات ستتغير وستكون المصالح الأمريكية في خطر، ولا بد من إعداد جبهة عالمية واسعة تغطي مثل هذا التدخل لو حصل، وعلى ما يبدو حتى الآن فإن ذلك غير ممكن في مصر، وأنه إذا كانت واشنطن قد نجحت في تشكيل أكبر تحالف عالمي ضد العراق مكّنها من الغزو والتدخل العسكري المباشر، إلا أن واشنطن لن تجد من يقف معها أو يغطيها في أي عدوان على مصر مهما كان نوعه أو شكله.
ثالثا: موقف وزارة الدفاع
أمام هذه الخارطة المعقدة، لجأ الرئيس الأمريكي «أوباما» إلى «البنتاجون» للبحث في إمكانية اتخاذ قرار بالعقوبات المتدرجة والمتصاعدة على مصر والتفكير لاحقاً بشكل من أشكال التدخل العسكري المباشر.
لقد جاء طلب الرئيس أوباما بعد أن فشلت الإدارة الأمريكية في إثناء قيادة الجيش عن موقفها الرافض للتجاوب معها، خاصة بعد أن أدركت إدارة أوباما أن تأثيرها وسيطرتها على القرار المصري آخذة في التلاشي منذ نجاح ثورة 30 يونيو وأنها لا تستطيع فرض هيمنتها على القرار المصري، خاصة أن رئيس الدولة المؤقت ورئيس الحكومة ووزير الدفاع يرفضون جميعاً سياسة الإملاءات الأمريكية، ويقولون: إن مصلحة مصر وشعبها هي الأساس.
لقد بدأت الإدارة الأمريكية تنظر بريبة إلى الموقف العدائي للجيش وقائده العام الفريق أول السيسي تجاه السياسة الأمريكية، بزعم رفض التدخل الأمريكي في الشئون المصرية.
لقد جاء موقف «البنتاجون» على مطلب الرئيس أوباما على الوجه التالى:
- إن كافة أهداف أمريكا ومصالحها في الشرق الأوسط والمنطقة العربية ستكون معرضة للخطر الحقيقي حال إقدام واشنطن على اتخاذ قرار بالتدخل العسكري ضد مصر.
وحدد «البنتاجون» هذه المخاطر من حيث الأهمية والترتيب على الوجه التالي:
أولاً : أمن إسرائيل
أكد تقرير «البنتاجون» أن أمن إسرائيل سيكون معرضاً للخطر الحقيقي والعدوان من كافة الجبهات المحيطة بها بدءاً من مصر وسوريا ولبنان وغزة وربما الأردن مستقبلاً، ومن المجموعات «الجهادية» أينما وجدت، وسيكون ذلك بتغطية ودعم عربى شامل، كما أن دول الخليج الرئيسية لا يمكن أن تتعامل مع مصر، كما تعاملت مع العراق وسوريا.
- أما إيران فسوف تستغل هذه الفرصة وتعمل على إشعال المنطقة وفقاً لمصالحها.
وأشار التقرير إلى أن روسيا والصين ستقفان بلا تردد وبكل قوة إلى جانب مصر وتحالفاتها العربية، وسيكون هناك انشقاق في الموقف الأوروبى، وستخسر الولايات المتحدة بعض حلفائها الأوروبيين الرئيسيين.
- وهنا سيكون الجهد الذي حققته الولايات المتحدة في فك عزلة إسرائيل وفرض وجودها في المنطقة عبر اتفاقيات سلام معلنة وسرية مع دول عربية عديدة معرضاً للخطر، وسوف تزداد حدة الصراع في المنطقة ضد إسرائيل، وستعود إسرائيل مجدداً إلى عزلتها في المنطقة وسينظر إليها كدولة محتلة ومعادية ومارقة، كما أن ذلك من شأنه أن يجعل سوريا والعراق والخليج ولبنان وربما إيران وغيرها تقف صفاً واحداًخلف مصر.
ثانياً : عرقلة الوصول الآمن لمصادر الطاقة والنفط
لقد أكد تقرير «البنتاجون» أن الوصول الآمن لكافة مصادر النفط والطاقة سوف يكون ضمن معادلة الخطر لأن كافة حاملات النفط ستكون في مرمى النيران ومن جهات مختلفة وهو أمر من شأنه أن يعوق وصول الطاقة والنفط إلى دول الغرب والولايات المتحدة بشكل آمن.
وإضافة إلى ذلك يرى التقرير أن هناك موقفاً متوقعاً من السعودية ودول الخليج، سوف يجري بمبادرة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز حاكم السعودية سيكون شبيهاً بموقف الملك فيصل في حرب أكتوبر 1973، ولكن هذه المرة بصورة أشمل وأكبر، وذلك بالإعلان عن وقف تصدير البترول وسيكون ذلك لفترة أطول عن تلك الفترة التي جرى بمقتضاها حظر البترول العربي في عام 1973، وأن المتضرر الأكبر هذه المرة ستكون دول أوروبا، وأن إيران ستشارك أيضاً في الحظر مما يجعل أوروبا رهينة للنفط والغاز الروسي.
ثالثاً : مخاطر الملاحة الآمنة في قناة السويس
أشار تقرير «البنتاجون» إلى أن الملاحة الآمنة في قناة السويس أمر مستبعد في ظل هذه الظروف الخطيرة والتداعيات التي ستنجم عن أي عدوان عسكري حيث لا توجد ضمانة لأمن الملاحة والسفن العابرة للقناة مهما تم الحشد من القوات العسكرية لأن الأعمال الإرهابية لا يمكن مواجهتها بزيادة الحشود، بل بالعكس فإن زيادة الحشود العسكرية ستمكن جماعات الإرهاب من توجيه الضربات ونجاحها حيث ستكون القوات الأمريكية أكثر عرضة للاستهداف من خلال عمليات إرهابية انتحارية.
وقال التقرير: «يجب أن نستذكر التاريخ جيداً، عندما دفعنا بأعداد كبيرة من قوات المارينز إلى لبنان في القرن الماضي، وكيف أصبحت هذه القوات أهدافاً للقوى الإرهابية ومدى الخسائر التي لحقت بهذه القوات، مما دعا الإدارة الأمريكية لسحبها وبأسرع وقت ممكن، وكان هذا عنوان هزيمة واضحة للولايات المتحدة».
وأشار التقرير إلى أن أمريكا لن تكون اللاعب الوحيد في المنطقة، ولذلك فإن روسيا والصين وإيران لن تلتزم الصمت في حال سيطرة الولايات المتحدة على قناة السويس، وستتحول الولايات المتحدة من دولة تسعى إلى استقرار المنطقة إلى دولة محتلة ستعاني إزاء ذلك طويلاً، هذا بالإضافة إلى أن الشعب الأمريكي لا يمكن أن يقبل أو يسمح أن تتحول بلاده إلى قوة غازية من أجل مصلحة وحماية الآخرين، خصوصاً أن الرئيس أوباما وصل إلى البيت الأبيض تحت شعار «سحب آخر جندي أمريكي يعمل خارج الولايات المتحدة الأمريكية والابتعاد ما أمكن عن التدخل المباشر في مشكلات العالم عبر خوض الولايات المتحدة حروباً بالوكالة».
رابعاً : مخاوف من ضياع السوق العربية كسوق مستوردة للسلاح الأمريكي
أشار التقرير الصادر عن «البنتاجون» إلى أهمية المحافظة على الأسواق العربية وأسواق دول منطقة الشرق الأوسط كأكبر مستورد لصفقات السلاح الأمريكي وأن العدوان العسكري على مصر سيهدد هذه الأسواق، وستكون الصناعة العسكرية والصادرات الأمريكية في مهب الريح، خصوصاً أن روسيا والصين أصبحتا مؤهلتين وبشكل كامل لمثل هذه الصفقات وهما ينافسان السلاح الأمريكي بجدية، بل وربما تنضم فرنسا إليهما أيضاً.
أما الهاجس الأكبر الذي رصده تقرير «البنتاجون» فهو هاجس الصين، ذلك أن الصناعة الصينية أصبحت تغزو معظم الأسواق العربية وهناك رواج عالمي لها من حيث قدرتها على المنافسة مع البضائع الأمريكية والأوروبية من حيث الجودة والأسعار.
وقال التقرير «إنه لوحظ خلال السنوات الأخيرة أن معظم «كماليات» الجيوش العربية من ملابس وعتاد بسيط يجري استيراده من الصين عبر تجار محليين يقومون باستيراده، وهذا الموقف تدعمه وتسانده روسيا لأن روسيا تنظر بإيجابية إلى دور اقتصادي صيني مكمل لدورها العسكري والسياسي خاصة في «الباسفيك»، ومع أن دولاً عربية عديدة ومنها دول خليجية بدأت تفكر في عملية تنويع مصادر السلاح، لأنها تعتقد أن إسرائيل تحصل على السلاح الأمريكي المتميز والفعال وتحتكره، بينما تحصل هذه الدول على سلاح متخلف عن ذلك، وحتى وإن حصلوا على سلاح متطور فإنهم يحصلون عليه بعد موافقة إسرائيل بشروط مذلة وبأسعار أعلى تكلفة.
وأشار «البنتاجون» في رده على مطلب أوباما بأنه سيكون هناك أكثر من عشرة ملايين مصري تحت السلاح وأن المجموعات الإرهابية والتنظيمات الإسلامية ستشارك في ضرب الوجود الأمريكي وضرب إسرائيل حتى ولو هلل الإخوان لهذا التدخل.
وأكد التقرير أنه لن يكون هناك حظر للسلاح الأمريكي على مصر، فغالباً ما ستفتح كل دول الخليج مستودعاتها من السلاح الأمريكي لتزويد الجيش المصري به دون استئذان الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال التقرير إن موقف دول الخليج تجاه مصر سيكون موقفاً ثابتاً وصامداً ولن يتغير مهما كانت الضغوط التي ستمارسها الولايات المتحدة، لأن هذه الدول تعتبر مصر القوية هى صمام الأمان الأول لها، بالإضافة إلى ذلك ستخرج سوريا من عزلتها وستقف إلى جانب مصر، وهناك بوادر على التنسيق المصرى السورى، فالجيش المصري يقف ضد أي عدوان على سوريا وهو ضد سقوط الأسد بالقوة، وسوريا تقابله بنفس الموقف، وكل هذا سيعيد العلاقة مع إيران بعد موافقة الدول الخليجية، وسيكون لإيران في ضوء ذلك دور إقليمي بعد أن تنجح في تهدئة مخاوف الخليجيين، خصوصاً أن تركيا وإن علا صوتها حالياً في التحريض ضد مصر إلا أنها لن تجرؤ على المشاركة الفعلية في أي عدوان على مصر، ولن تسمح باستخدام أراضيها وأجوائها لذلك، وستدفع الثمن باهظاً سواء على المستوى الداخلي من خلال انتفاضات شعبية أو من عدوان خارجي عن طريق تحريض الأكراد في سوريا والعراق وإيران ضد تركيا.
وأكد التقرير أن أي شكل من أشكال التدخل الأمريكي في مصر سيغير خارطة المنطقة من جديد، وأن وضعاً من عدم الاستقرار سوف يسود لسنوات طويلة، ولكن في النهاية سوف تصحو المنطقة والعالم، على خارطة تحالفات جديدة تكون أمريكا وإسرائيل أكبر الخاسرين فيها بعد أن يتحقق الاستقرار.
وقد أوصى «البنتاجون» في نهاية تقريره بعدم التدخل المباشر في الأزمة المصرية حتى ولو بفرض العقوبات أو الحصار لأن ذلك غير مجدٍ، ويشكل استفزازاً لمصر ودول الخليج، خاصة أن السلاح الأمريكي المنوي منعه عن مصر لم يعد احتكارياً، فبإمكان مصر التزود به من الدول الخليجية العربية، ولقد حصلت السعودية على موافقة الدول العربية الخليجية ومن بينها الإمارات والكويت على تمويل صفقات أسلحة جديدة لمصر من أي مصدر كان، والسعودية قادرة بمفردها على تعويض مصر عن المعونة السنوية الأمريكية التي تقدم لها، وهو ما تضمنه البيان السعودي الأخير الذي مثل انقلاباً في مخططات الغرب والإدارة الأمريكية ضد مصر.
وأشار التقرير إلى أن إلغاء مناورات النجم الساطع مع مصر مؤخراً ليس له أي أثر سلبي على مصر، لأن المستفيد الأول هو الجيش الأمريكي وليس الجيش المصري، ولذا فإن مصر لا تشعر بأي خسارة تذكر من جراء إلغاء هذه المناورات ولكن الخسارة ستكون على الجانب الأمريكي لأنها محاولة تهدف إلى تأزيم وتوتر العلاقات الأمريكية المصرية.
وأشار التقرير إلى أن المصلحة الكبرى للولايات المتحدة تقضي ببقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، إما بالعودة إلى الطريق الديمقراطي عبر خارطة الطريق كما وافقت على ذلك دول أوروبية محورية وإما بدخول الإدارة المصرية الجديدة والجيش المصري حرب استنزاف طويلة مع المنظمات الإرهابية والإخوان والسلفيين حتى تستنفد مصر كل مصادر قوتها، وبالمقابل يتم استنزاف كل القوى الإرهابية في المنطقة وهذا سيشكل خدمة كبيرة لأمريكا وإسرائيل وحلفائهما، حيث ستتحول الدولة الكبرى مصر إلى دولة فاشلة نتيجة هذا الاستنزاف.
ودعم «البنتاجون» تقريراً بتفاصيل المشاورات التي أجراها مع الحكومة الإسرائيلية، حيث قام الجنزال «دمسي» رئيس أركان الجيوش الأمريكية بزيارة إلى إسرائيل أكثر من مرة في الفترة الماضية، كما أن وفوداً عسكرية إسرائيلية عديدة زارت الولايات المتحدة للتشاور في هذا الشأن.
وأن اتصالات عديدة جرت بين وزير الدفاع الأمريكي «هيجل» مع وزير الدفاع الإسرائيلى «موشيه يعلون» وأن موقف «البنتاجون» هذا جاء بالتنسيق والانسجام الكامل مع موقف إسرائيل ليسهل تمريره في الكونجرس الأمريكي في حال طرحه لأن مصلحة وأمن إسرائيل هما المعيار الحاسم لدى الكونجرس الأمريكي.
وتضمن تقرير «البنتاجون» أيضاً إشارة إلى موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقال إنه إلى جانب موقف دولة الإمارات المتشدد سيقلب الأوضاع رأساً على عقب في المنطقة بمجملها، وستكون إيران وروسيا هما المستفيد الأول من ذلك وستسقط للأبد معادلة القوى الوسطية أو المعتدلة المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وأوصى التقرير الرئيس أوباما بأن يحذر الصدام مع قادة الجيش المصرى ومع القيادة السياسية الجديدة في مصر لأن ذلك ستكون له انعكاسات خطيرة على مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
وطالب التقرير بضرورة تعامل الإدارة الأمريكية مع الأمر الواقع في مصر والتركيز على تحقيق المصالحة والمضي في خارطة الطريق، لأن ذلك من شأنه أن يعطى رسالة جيدة لبقية شعوب المنطقة. وأكد التقرير الأمريكي أن المعلومات الواردة من داخل مصر وخارجها تشير إلى سيطرة الإدارة الجديدة على الأوضاع في البلاد، وإلى تراجع الأداء التنظيمي والاحتجاجي لجماعة الإخوان وحلفائها، مما يعزز من الرأي القائل بضرورة تغيير صورة الولايات المتحدة لدى الشعب المصري وشعوب المنطقة من دولة معادية إلى دولة صديقة تحترم خيار الشعب المصري.
أزمة بين أوباما و(البنتاجون) حول خطة غزو مصر
أخبار متعلقة