(يا قضاة يا عرة.. الثورة مستمرة) كان هذا الهتاف واحدا من هذه الهتافات التي أطلقها المشاركون في تظاهرة تطهير القضاء أمام دار القضاء العالي يوم الجمعة الماضي وعبر هذا الهتاف عن تدن غير مسبوق في التعامل من جهة جماعة الإخوان تجاه المؤسسة القضائية المصرية التي نالها أيضا من التهديد والوعيد وسوء الأدب الكثير والكثير أثناء محاصرة مقر المحكمة الدستورية قبل عدة شهور.
لا خلاف على أن المؤسسة القضائية تحتاج مثلها مثل كل مؤسسات الدولة إلى إصلاح جذري يعالج سلبيات يقر بها القضاة أنفسهم وعبر عنها المستشار الغريانى في برقيته الشهيرة التى أرسلها المجلس الأعلى للقضاء إلى البرلمان السابق معاتبا إياه على تجاوز بعض النواب في حق رجال القضاء تحت القبة وجاء فيها (نعلم أن هناك ما يحتاج إلى إصلاح ولكن دعوا القضاة يطهرون أنفسهم بأنفسهم دون تدخل من أحد).
للتاريخ كان المستشار أحمد مكى وزير العدل الحالى يتواصل مع عدد من النواب كنت واحدا منهم أثناء انعقاد البرلمان الماضى لتقديم قانون السلطة القضائية الجديد واشترط توافق جموع القضاة عليه حتى يكون معبرا عن إرادة رجال القضاء ورفض الإخوان فتح النقاش في هذا القانون وقالوا إن الوقت ليس مناسبا لذلك.
ومع تصاعد واستمرار مسلسل البراءات في قضايا محاكمة رموز النظام السابق فوجئنا جميعا بالحديث على أن مجلس الشورى سيناقش مقترح قانون جديد للسلطة القضائية كان من أهم بنوده خفض سن التقاعد للقضاة ما اعتبره نادي القضاة مذبحة جديدة للقضاء يدبرها الإخوان نكاية فيهم بسبب موقفهم المعارض للنظام في قضية النائب العام والإعلان الدستورى المشؤوم.
ثمة ملاحظات على المعركة المحتدمة الآن ينبغى تسجيلها:
أولا: أخطأ المستشار الزند خطأ بالغا حين تحدث في المؤتمر الصحفي لرفض القانون وطالب بتدخل أمريكا في شأن داخلي مصري وهذه سقطة كبرى يجب التراجع عنها فورا حتى لا يكتب التاريخ أن قضاة مصر طالبوا أمريكا بالتدخل في شؤون مصر الداخلية، وليطمئن القضاة أن الشعب المصري يقف بقوة تجاه ي ممارسات أو تجاوزات ضد مؤسسات الدولة.
ثانيا: تخطئ جماعة الإخوان دائما في اختيار معاركها وتوقيتاتها وتتحرك من فشل إلى فشل تكسب به مزيدا من العداء والرفض لممارساتها وتورط الجماعة في أحداث مظاهرة تطهير القضاء سيجعلها تفقد كثيرا من التعاطف تجاه مطالب ثورية لم يعد يثق أحد من الثوار في جدية تبني الإخوان لها بعد أن أصبح هاجس الاستغلال والتوظيف لشعارات وأهداف ثورية من قبل الجماعة مسيطرا على الجميع لما لمسوه الفترة الماضية من ممارسات تؤكد هذا الاعتقاد.
ثالثا: على نادى القضاة إعداد مقترح قانون جديد للسلطة القضائية يكون محل توافق جمهور القضاة ويكون معبرا عن طموح المصريين في بناء مؤسسة قضائية تعلي قيمة استقلال القضاء ونزاهته وإذا لم يفعل القضاة ذلك فلا يلوموا أى طرف بعد ذلك حين ينعقد البرلمان القادم إذا صاغ لهم قانونا لا يرضون عنه.
على مجلس الشورى أن يتوقف عن العبث وخلق معارك لا حاجة لها الآن وعلى القضاة أن يدركوا أن لهم كل تقدير واحترام ولكن لا قداسة لأى شخص أو مؤسسة في مصر بعد الثورة لذا يجب على الكل أن يكون جزءا من صناعة التغيير الذى ينشده المصريون.
(الإخـــــوان) والقضاة.. من خسر المعركة؟
أخبار متعلقة