نعم .. كنا قد كتبنا هنا أو هناك عن اعتقالات شبابنا في عدن وبقية المدن والاحياء عامة .. وطالبنا الشباب وقياداتهم دون سواهم من القيادات (المعتقة) التي نحتفظ لها بتاريخها ونضالها مدى الحياة .. طالبنا الشباب بأن يكون الاعتصام والعصيان متسمين بحضارية المدينة والمدنية، فعدن التي صارت مسرحاً للقتل والتدمير، صارت ايضاً من ناحية معاكسة تواجه كل ذلك بقوة مضاعفة وعناد لا يمكن له إلا إضافة معاناة للمدينة وأهلها وهم حتى الآن معنا، في صفنا يدعمون ويضحون ويقدمون الغالي والنفيس، وليس (الرخيص) حتى ولو ان له قيمة في الأوقات الحالكة والحرجة .. أقول لابد من التحرر من عقدة (جلباب ابي) التي تربينا عليها، وكانت في زمن ما تنفع لكنها بنفعها ذاك قد أدت بنا إلى مهاوي الردى بعاطفة كنا نتغنى بها في دراساتنا ومواقفنا واعمالنا، هي في مراسلاتنا .. وأعني بها (الوحدة) ويا ليتها لم تحدث بهكذا تسرع، لكانت ظلت حلماً كبيراً نتغنى به ويراودنا، لكنه صعب المنال!
أنا حقيقة، عمري (60) سنة، لكن عندي حلم شبابي مازال يراودني، لكنني لا أفرض على الشباب ولا أملي لهم أو عليهم، بل اتفهم نضالاتهم ومطالبهم التي لا بد أن تتفهم هي الاخرى مطالب الناس ومصالحهم وما شجعني على تناول الموضوع هو قراءتي للدعوة المنشورة صباح السبت للناشط الشاب أديب العيسي إلى جانب مجموعة من الناشطين الآخرين بضرورة البحث عن بدائل، وهذا والله اول الغيث لثورة حقيقية استشعرت عذابات الناس ومعاناتهم جراء اغلاق الشوارع واقفال المحال التجارية والصيدليات والمطاعم وحتى المقاهي.
وإن كان ذلك قد اثمر شيئاً في بداياته، إلا أنه كان لابد من تقييم الموضوع بشكل علمي وبدون تجاوز حق الناس في بيوتهم وأحيائهم ومدنهم وشوارعهم، وحتى لو ظللنا فيما كان معمولاً به لكانت المدارس قبل المعاهد والجامعات هي المتضرر، ولكان الجيل الذي ننشد تربيته هو الآخر في قائمة المتضررين وحتماً سيؤثر ذلك على حياته اللاحقة .. ولن يكون تأخير الدرس وفوضى الحركات الطائشة البريئة إلا عاملين لتدهور التحصيل الدراسي العلمي والتربوي .. وساعتها لن يكون لنا جيل نفخر به، بل على العكس .. وأظن بل اعتقد ان ما يجري هو مدفوع الثمن لاظهار عدن وشبابها بهذه الصورة التي ينظر إليها بنوع من الاشمئزاز قياساً ومقارنة بما كانت عليه عدن (على الاقل) في زمن ماضٍ قبلة المدن ومركز الحضارة والهدوء والمدنية والإنسانية والعلم لكن (لكل زمان .. دولة ورجال) كما يقول المثل.
حقيقة أنا أكبرت ما نادى به الشاب وزملاؤه ليس خوفاً من السلطات ولا مداراة لما قد يجري باتفاق مسبق أو ملحق .. بل هي مسؤولية كبيرة ينبغي استشعارها بدون وصاية أو إملاء ليكون الشباب ونحن (الشيوبة) معهم قد خطوا نحو الصح لأن الإنسان مع ناسه وأهله وأمنهم واستقرارهم هو أمنه وأن ما يضره يضرهم والعكس صحيح.
لذلك، الشكر هنا نوجهه لشباب عدن والجنوب لوعيهم الذي بدا يثمر وبدأت الافكار تنظر بعين البصير الحريص على بلده وأهله، بدلاً من تسلم الاوامر، أياً كانت، ليتم تنفيذها على طريقة التدمير ليس إلا!
ونذكر ان الظلم لا يورث إلا ظلماً مضاعفاً ومازلنا نتذكر عبارات رفيقنا المحترم الأستاذ علي سالم البيض الذي كان قد سلم دولة ولكنهم خدعوه وتنكروا له .. فما كان منه إلا ان يردد دائماً وابداً ان الاخوة في صنعاء يسيرون على مبدأ: (أنا ومن بعدي الطوفان)، وصدق الرفيق المناضل البيض فقد جاء الطوفان فعلاً لكن على مدعيه ومؤازريه .. ولا نريد ان يحل بنا أو علينا في هذا الزمن بالذات.
اللهم احفظ الشباب ووعهم الطريق الحق والخير وسدد خطاهم لحماية هذا البلد ـ الجزء الغالي من وطننا الكبير .. ولنسمه ـ الجنوب اليمني ـ أو أي تسمية اخرى .. لا خلاف فيها عند الناس فالمهم الحرية والانعتاق والله من وراء القصد .. وهو المعين
كي لا نخسر الشارع الجنوبي
أخبار متعلقة