العملية السياسية في البلاد وصلت الى اهم نقاطها وهي الحوار الوطني الشامل بعد تجاوز العثرات والتحديات التي احاطت بعملية الانتقال السلمي الديمقراطي للسلطة.., وبذلك بدأ اليمنيون بصياغة مفردات مستقبلهم واعادة بناء وطنهم برؤى جديدة وفكر حديث متطور وثقافة بناء الانسان كمرتكز اساس للنهوض .
في هذه الغضون نجد البعض يحاول نشر الفشل وحالة اليأس والاحباط في مؤتمر الحوار وتحويله الى مهزلة وسوق للمزاد والمزايدة على الشباب بقيامهم باستبدال مواقعهم بآخرين كما فعل امين عام الاصلاح”اليدومي” ورئيس فرع حضرموت “باصرة” وحميد الاحمر وغيرهم على الرغم من ادراكهم ان أسماء قوائم المتحاورين صادرة بقرار جمهوري ولايحق لاحد التنازل او التبديل بشخص آخر الا بقرار جمهوري..ومع ذلك مضوا فيما يسمى تنازلاتهم الخداعية ..
المثير في هذا هو استقالة حميد الاحمر لعدم صعود الاسماء التي فرضها على قائمة رئيس الجمهورية لتضمينها قائمته..والتي على رأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني ((المسجل خطر في قائمة الارهاب )) ومن الداعمين لتنظيم القاعدة ،وفقاً لتقارير دولية وتصريحات امريكية .
تناولات صحفية واخبارية سابقة اكدت أن امريكا تعمل وتضغط بذات الاتجاه بعدم مشاركة الزنداني في الحوار لضمان دولة مدنية حديثة وفقاً لتطلعات وآمال الشباب الذين كانوا جذوة التغيير في اليمن ومن ثم مختلف فئات الشعب الذين عبروا عن رغبتهم الجامحة في التغيير وصنع المستقبل المشرق وتجاوز الصراعات السياسية والظروف الاجتماعية والاقتصادية الطاغية التي انتجتها الازمة .فضلاً عن تراكمات الماضي ومخلفاته من المظالم والمطالب الحقوقية التي يقف عليها وامامها اليمنيون اليوم في حوار وطني شفاف ومسؤول ..وهو الامر الذي حد من مطلب حميد الاحمر.. لكنه مازال يضغط لاخراج الحوار عن موضعه بمحاولة جر انسحابات من داخل قاعة الحوار ما سيصعد من مطلبه وفرض تحد امام رئيس الجمهورية لزيادة اعضاء مؤتمر الحوار وتضمنهم اعضاء وقيادات اصلاحية “اخوانية” ..ما سيفتح الباب امام تحديات قادمة قد تقف حاجزاً امام نجاح الحوار وانتهاء مهامه..
انسحابات حزب الاصلاح الديني المتطرف وكما لم تقف عند محسن باصرة الذي برر انسحابه بالسفر خارج البلاد وتنازله لاحد الشباب لتشمل بعد ذلك توكل كرمان وحميد الاحمر واليدومي وآخرين فان هذه المهمة ستتوسع في الايام القادمة وفقاً لمصلحة هذا الحزب وذلك الشخص ، بما يخل من عملية التوازن السياسي التي جمعت الفرقاء للحوار اليوم لكنها انتهازية مفرطة واجندة يعتزم أصحاب”الاسلام السياسي” رفعها في هذه المرحلة وابتزاز رئيس الجمهورية لتمرير خطة السيطرة على الفعاليات ومفاصل الحوار الوطني .. وهذه الحركة تعود بنا الى مرحلة ما بعد 22مايو 1990م حين سيطر الفريق الاسلامي المتطرف لحزب الاصلاح ((الاخوان المسلمين) على تشكيل دولة الوحدة وفقاً لدستورها الذي تزعم الشيخ الزنداني ومشايخ جامعة الايمان عملية صياغته وفرض تعاليمهم فيه.. الامر الذي ادى الى تاطير بعض مكونات المجتمع وبقائها حتى اليوم تحت سيطرة وحكم ((التحليل والتحريم))..
ومن ذلك نجدنا اليوم امام مسؤولية اكبر وبالذات بعد صدور مثل تلك المواقف وانكشاف “عورة الخيانة” لمن يدعون الاسلام والتدين.. وهي تلك المواقف الساعية لافشال جهود تشكيل الدولة اليمنية الموحدة القائمة على العدالة والمساواة واستعادة الحقوق وانصاف المظالم ،.. هي المواقف التي تخاف مما ستؤول اليه نقاشات الحوار وجديته .. بدليل ما عبر عنه حزب الرشاد السلفي في كلمته في المؤتمر الذي طالب باضافة مادة في النظام الأساسي لمؤتمر الحوار تتضمن ضرورة توافق مخرجات الحوار مع تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء.
ومثل هذه الرؤى تأتي ضمن جهود عرقلة تشكيل عقد اجتماعي جديد متحرر من كل الافكار والثقافات ورؤى التطرف والايديولوجيات المتعصبة ، وهي المسؤولية التي تفرض على جميع ابناء الوطن وخاصة اعضاء مؤتمر الحوار من التيارات الليبرالية والاشتراكية العلمانية ومنظمات المجتمع المدني المتحررة للانطلاق والمشاركة الفاعلة في تشكيل نظام جديد قائم على حكم الشعب نفسه بنفسه ..نظام قادر على انتاج جيل جديد يمني واعد وحدوي يحافظ على كل مكتسباته وينتصر لحقوقه .. جيل خال من ثقافات الماضي وتحيزاته ..
مؤتمر الحوار لا يزال يعاني من الاختلال في التوازن الذي يصنعه المدعون او الممثلون للمكونات المتحاورة ولايزال غير مكتمل مع غياب بقية فصائل الحراك الذين يعول عليهم تحقيق تلك الطفرة التي ينتظرها اليمنيين سواء في شكل الدولة أم نظامها ودستورها وقوانينها التي ستكون اليمن الجديد ومستقبل 24 مليون شخص .. يعول على تلك الفصائل الى جانب القوى الوطنية والشبابية الفاعلة في تغيير معادلة ومساعي “اخونة الدولة” .. ولعلهم يدركون جيداً ماذا تعني ((اخونة اليمن)) .. ذلك أن مطلب تقرير المصير وفك الارتباط والانفصال وتجزئة وتشرذم اليمن بات ضرباً من الخيال، في ظل الخيارات المتعددة والمقبولة والتي لا يمكن رفضها”أكان ذلك عبر دولة اتحادية ,او نظام فيدرالي او كونفدرالي .او.. أو... الخ.. ورغم ادراكنا ان من حق كل فصيل ان يرى مصلحته ،غير ان الخروج عن الحالة الجمعية او الجماعية دائماً ما يكون مآله الفشل ..خاصة اذا ما ادركنا ان الموقف الدولي الداعم ثابت لمساندة وحدة اليمن وامنه واستقراره.. وقراراته ترفض دعوات التشظي..
علينا ان نجعل من حوارنا وتحاورنا نموذجاً كما جعلنا من ديمقراطيتنا وتجربتنا انموذجاً سلمياً للمنطقة في تداول السلطة واستبدال الحكام وتغيير سدنتهم.. اذا علينا ان نحافظ على هذا التفرد والانجاز.. كما انه ولصناعة الوفاق والاتفاق في ذلك علينا ,كما قال فخامة رئيس الجمهورية . مغادرة الماضي وان يخرجوا من خنادق العصبية والتعصب لرأي او رؤية والتخلص من موروثات الماضي وتعقيداته واساليبه الجامدة والاندماج في خيارات الشعب لتحقيق النهوض للوطن والشعب بمعالجات سليمة وصحيحة تعيد للانسان كرامته وللوطن مكانته بين الدول المتقدمة ..وكفى..!!
* mailto:[email protected]
حتى لا تتأخون الدولة...!!
أخبار متعلقة