قبل عشرة أيام غادر كلية الشرطة بصنعاء طلابها الذين ينتمون للمحافظات الجنوبية، وعددهم يزيد عن مئة طالب، ولم يعودوا إلى الدراسة بعد، وقبلهم ترك نحو 56 طالبا الكلية البحرية بالحديدة وهم جميع القادمين من المحافظات الجنوبية. طلاب الكليتين تركوا الدراسة لأسباب متشابهة تقريبا، وتتمثل في الممارسات العنصرية والمناطقية التي قالوا إن عددا قليلا من الضباط وأعضاء هيئة التدريس يقومون بها لتطفيش الطلاب.
وإلى اليوم لم يعد الطلاب إلى الدراسة، وهذا يعني أن تدريبات ومحاضرات قد فاتتهم وتفوت في كل يوم يبقون فيها خارج الكليتين، ويعني أيضا أن احتجاجاتهم لم تلق الاستجابة المستحقة.. وهم لا يطالبون بمعجزات، بل يربطون عودتهم إلى الدراسة بزوال الأسباب التي دفعتهم لترك الدراسة. أي معاقبة الضباط الذين يمارسون العنصرية والمناطقية وغيرها من أشكال التمييز بحق طلاب المحافظات الجنوبية.
في كلية الشرطة بصنعاء سبب المشكلة ضابطان كانا من بين الذين لجأوا إلى ساحات الغضب أثناء الأزمة السياسية فأعيدوا إلى الكلية، حيث قال الطلاب أن الضابطين يمارسان الانتقام والكراهية والتمييز على المكشوف، هذا ثوري من أصحاب الساحات، وهذا حراكي.. يشغلون الطلاب بالسياسة، وطوابير الجزاء القاسية، ويعيرونهم بالحراك الجنوبي، ويستفزون مشاعرهم من خلال عدم الثقة بهم للقيام بمهام معينة تعتبر «خط أحمر» أمام الجنوبيين!!
وعندما تسجل مثل هذه الممارسات في كلية الشرطة بصنعاء أو البحرية بالحديدة أو في أي مؤسسة وطنية نصبح بإزاء فجيعة وطنية.. وعندما يتم التضحية بكل هذا العدد الكبير من الطلاب في سبيل بقاء ضابط أو ضابطين أو ثلاثة رأس مالهم كله هو الكراهية والنزوع المناطقي والانتقام، واستفزاز المشاعر الوطنية فالفجيعة أكبر.. وقد قيل لي قبل يومين إن هناك لجنة تضم عددا من أعضاء مجلس النواب تتولى تقصي الحقائق، وطلبت من الطلاب في صنعاء العودة إلى الكلية، وقابل المناضل محمد علي أحمد الطلاب الجنوبيين الذين تركوا الكلية البحرية، ووعدهم ببذل مساعيه لحل المشكلة وطلب منهم أيضا العودة إلى الكلية، وحسب علمي أن الطلاب رفضوا العودة في ظل بقاء مسببات تنفيرهم وتطفيشهم.. والحق معهم.
لقد كتبت قبل أيام ما يشبه المناشدة إلى الشدادي نائب رئيس مجلس النواب، وبقية أعضاء الكتل النيابية لمحافظات الضالع وأبين وعدن وغيرها من المحافظات الجنوبية لكي ينظروا في هذه المظلمة، ويطالبوا بلجنة تحقيق محايدة، واتخاذ الإجراءات التي تضمن عودة الطلاب إلى الكلية بدون أذى، وتوفر لهم بيئة مناسبة للدراسة والتدريب.. فخروجهم من الكلية قرار خاطئ، ولكن أجبرتهم عليه تلك الممارسات التي شكوا منها مرارا فلم ينصت إليهم أحد.
من غير المقبول أن يدفع طلاب المحافظات الجنوبية في الكلية البحرية وكلية الشرطة دفعا نحو العودة إلى مناطقهم والتمترس وراء لافتات مناطقية بسبب ضابط أو إثنين أو ثلاثة معتلين أخلاقيا يمارسون المناطقية داخل مؤسسات وطنية..
مظلمة طلابنا في الشرطة والبحرية
أخبار متعلقة