من اللافت للانتباه تلك الحملة الشعواء التي تشنها بعض الصحف والمواقع الإلكترونية المحسوبة على بعض النافذين العسكريين وزعماء القبائل أو رجال الأعمال أو الاتجاهات الدينية المتطرفة ناهيك عن تلك المحسوبة على الجناح المتطرف في حزبه (حزب المؤتمر الشعبي العام).
قرأت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الأخبار والتسريبات والمقالات التي توجه نقدا جارحا للرئيس هادي ليس لأنه قصر في عمله أو أساء إدارة البلاد التي قلت مرارا بأن من ينبري لتبوؤ قيادتها عليه أن يتحلى بإحدى الخاصيتين: إما المغامرة والصلف والعجرفة وعدم الشعور بالمسئولية وإما الروح الفدائية، والرئيس هادي ليس من النوع الأول ـ على الأقل حتى اللحظة ـ أقول إن الذين يهاجمهون الرئيس هادي ليس لأنه مقصر في عمله بل لأنه لم يسر على هواهم ولم ينفذ الأجندة التي يطمحون لتنفيذها، ومن هنا تأتي حكاية تعيين أكثر من ثلاثمائة من أقاربه، أو إنه يتراخى في مواجهة النزعة الانفصالية وما إلى ذلك من الإشارات التي تخفي وراءها الرغبة في ابتزاز الرئيس بهدف تحقيق مآرب شخصية وفئوية وجهوية لمن يمولون تلك المواقع والصحف والمنابر الإعلامية.
أعرف موقعا إلكترونيا ممولا من أحد القادة العسكريين المتنفذين يستكتب فيه المبتدئين وبعض المرتبطين مصلحيا بذلك القائد، وجه قبل أيام نقدا شديدا للرئيس عبدربه منصور هادي لأنه سمح بقيام مهرجان الثلاثين من نوفمبر ومهرجان التصالح والتسامح في عدن، والحجة أن المشاركين فيه يحملون الأعلام (الانفصالية) ويتساءل كاتب المقال عماذا سيفعل الرئيس هادي مع المحتفلين في هذه المهرجانات هل سيواجههم أم يجبرهم على الالتحاق به أو سيلتحق بهم أم سيلتقي بهم عند منتصف الطريق، وهناك قضايا كثيرة يواجه الرئيس هادي بسببها هجمات عديدة تصل بعضها إلى حد التجريح والتشكيك في قدرته على مواجهتها . . .لم يكلف هؤلاء الكتبة أنفسهم بالبحث عن الأسباب التي تجعل مليون مواطن أو أكثر يخرجون للمطالبة بـ«فك الارتباط»،.
ولم يتساءلوا لماذا فقد هؤلاء الأمل في الاستمرار بهذا النوع من الوحدة، وبطبيعة الحال لم يدن هؤلاء السياسات التي مزقت اليمن إلى أكثر من عشرين شطرا من أعمال النهب والسلب والإقصاء والاستحواذ والتهميش وتغذية الفساد ومصادرة المؤسسات والمنشآت وتهريب الممنوعات والاتجار بالسلاح، فهي حق لأصحابها أما عندما يخرج الناس بالملايين للمطالبة بحقوقهم فإن هذا ـ بالنسبة لهؤلاءـ رجس من عمل الشيطان ينبغي التصدي له وسحق أصحابه.
ليس من الصعب ملاحظة أن ما تنشره هذه الصحف والمواقع يعبر عن ضجر الناشرين والممولين من بعض قرارات الرئيس فهي في كثير منها تمس مصالح هؤلاء التي أدمنوها على مدى ثلث قرن، وحتى وإن عبروا عن دعمهم لتلك القرارات أو التزامهم بتنفيذها علانية فقد لا يتورعون عن عرقلتها بل والتصدي لها عندما يتعلق الأمر بتهديد تلك المصالح.
سيكون على الرئيس هادي أن لا يأبه كثيرا للتخرصات وأن يمضي باتجاه التصدي للمعضلات التي ورثها له الفاسدون والمتنفذون المخلوعون ومن لم يخلعوا بعد، وسيكون الشعب معه ومعه المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي، وإذا هناك من اعتبار يجب مراعاته فهو رأي الشعب ومصالحه وصوته المدوي الذي فجر فيه ثورته ضد الطغيان والاستبداد، وإزالة موروث هذا الطغيان في الشمال والجنوب على السواء.
موسم الهجوم على الرئيس هادي
أخبار متعلقة