من منا لا يعرف المقولة الشهيرة (الشرطة في خدمة الشعب) وهي مقولة بلا ريب صحيحة، وتدل على الواجب المناط برجال الشرطة في تأمين الحياة العامة للأفراد والجماعات، وللمرافق العامة والخاصة، ولكن يبقى مفعول هذه العباراة وارد تطبيقه في الظروف الإعتيادية، أما الظرف الاستثنائي الذي يمر بلدنا الحبيب، فإن المقولة يمكن تعديلها الى (الشرطة في حاجة الشعب).
نعم أضحت الشرطة اليمنية في حاجة ماسة إلى مساعدة الشعب اليمني لها، ففي ظل اضطراب الأوضاع واختلاط الحابل بالنابل، لم يعد بمقدور رجال الشرطة إفشال أو إحباط أي جريمة بمفردهم -بالرغم من التجهيزات العسكرية التي يمتلكونها- فلا يمكن على سبيل المثال أن نضع جندياً تحت كل عمود كهرباء لمعرفة من يقوم بقطع التيار -ظلماً وعدواناً على المواطنين- كما لا يمكننا أن نُدخل شرطياً في دماغ كل معتد ينوي تفجير نفسه في مجموعة من الناس الآمنين.
إن ما حدث في مدينة تعز مؤخراً من إقدام أحد المغرر بهم على تفجير نفسه في سوق للخضار-نعم سوق للخضار- يرتاده المساكين الباحثون عن حبة طماطم وإلى جوارها حبيتي بطاطا، وإذا به يسيل دمه ليختلط باحمرار طماطمه بحيث أصبحنا لا نفرق بين الدم والطماطم، كما تحولت حبتا البطاطا الى قنبلتين يحملهما معتوه -لا غفر الله له ولا لمن أرسله- والأدهى أن يلغي المجرم زحمة المكان ورحمة رمضان، ليقتل أبرياء بغير جريرة، سوى أنهم صائمون لله -في حين لم يصم هو حتى عن القتل- يخرجون للأسواق لقضاء حوائجهم وإذا به يقضي على حياتهم.
يسارع البعض الى تحميل الشرطة مسؤولية حفظ الأمن، وهو أمر طبيعي كونهم المكلفين بذلك، ولكن كيف للشرطة اكتشاف كل الجرائم في ظل عدم مساعدة الناس لهم، من خلال الإبلاغ المبكر عن كل مشتبه فيه، فلو أبلغ كل منا عن كل شخص نرتاب فيه، لاستطعنا بحول الله وقدرته إنقاذ العديد من الأرواح البريئة.. أما إذا ما قال كل مواطن: أنا ما لي هذه هي مهمة الشرطة، فسيأتي عليه الدور أو على أحد أفراد أسرته ما لم يبلغ عنه.
الشرطة بحاجة الى الشعب، لأن التكامل بينهما في التبليغ والانقاذ، يعني أن سلامة الوطن ستكون حاضرة في أذهان الجميع.. ولأن الإجرام لا يعرف ديناً ولا مذهباً ولا عائلة، فينبغي كذلك على الأفراد الإبلاغ عن المشتبه بهم، حتى وإن كانوا من أهلهم وذويهم.. فالمجرم الذي أعمى الله بصيرته لا يفرق بين قريب وبعيد، بل ربما يبدأ بأقربائه تقرباً الى شيطانه ليثبت له وفاءه وطاعته له.
لهذا فينبغي أخي المواطن أختي المواطنة المساعدة في حفظ الأمن واستتباب السكينة، ولو كلّف ذلك الإبلاغ عن أقرب الأقربين إليك، فالآمنون المستهدفون هم أقاربك الحقيقيون، أما الجاني -ولو كان من صلبك- ما هو إلا مجرم يستحق العقاب، والعقاب أجدى وأنفع عندما نمنعه من تنفيذ جريمته وتسليمه للجهات الأمنية المسؤولة.
ولك أن تتصور أخي المواطن، كيف يرجى رحمة من يهتك حرمة شهر رمضان، أليس هو شيطان أعظم من شياطين الجن الذين حبسوا طيلة ليالي وأيام هذا الشهر الفضيل؟، ألا يستحق أن تسلمه قبل أن يقوم بمجزرة بحق إخوة لك في الدين واللغة والأرض؟.. الإجابة بكل تأكيد نعم يستحق الإبلاغ عنه ليأخذ عقابه العادل، ولو سلك كل مواطن هذا السلوك لساعد الشعب الشرطة في تأمين حياة إخوتهم الآمنين.
الشرطة في حاجة الشعب
أخبار متعلقة