عشنا وشفنا وتبخرت كل الأحلام وتعطلت لغة الكلام.. وما عاد في إلا الفساد وظلم العباد والضحك على الذقون.. وها نحن في سنة أولى ثورة كما يقولون والأمور تتجه إلى الأسوأ.. ولنتناول في هذا الأسبوع المراكز الصيفية التي استولت عليها وزارة الشباب والرياضة، وعلى حساب التربية والتعليم.. ولو عقدنا مقارنة بسيطة بين الوزارتين لوجدناهما واحدة.. فالتربية هي الشباب وهي الرياضة، ولا يمكن أن نتحدث عن شباب ورياضة بدون التربية والمدرسة والمعلم.. إلخ.
نعم.. وزارة (الشباب والرياضة) فقدت كل مسمياتها ومقومات عملها، ثم حتى لو قيمنا أداء هذه الوزارة فسنجده قد حول الرياضة إلى سياسة وقبيلة وعشيرة ومصالح ولم تجن الرياضة إلا الشتات بين هذا وذاك.. وآخر الضحايا.. المراكز الصيفية التي يسيل لها اللعاب للملايين التي تصرف عليها بحزبية ضيقة وأنانية مفرطة، ونعلم نحن أن هذه المراكز كانت قد أثبتت نجاحاتها منذ ما قبل الوحدة.. وهنا نحن في عدن عملنا بهذا النشاط لأكثر من ثلاثين سنة، لعل القليل منها في زمن التوحد الذي (لهفت) فيه كل الأمور من هنا لتنقل إلى هناك، وضاع النشاط الحقيقي قبل سنوات قليلة عندما تخلت وزارة التربية عن قيادتها للمراكز والمخيمات، مثلما تخلت عن المكسب الكبير وهو (مؤسسة الأثاث والتجهيزات المدرسية بعدن)، بحيث صارت مؤسسة عسكرية، وبدل أن كانت لملايين الأجيال والوطن، صارت لفئة مجهولة الحساب وتستثمر أملاك التربية بتلذذ وعيني عينك، وما خفي كان أعظم.
أقول عندما تخلت التربية عن هذا الحق المصاحب والمكمل لبناء الشخصية في العطل الصيفية، وذلك باستفادة للشباب والرياضة، كانت التضحية كبيرة والهبرة تقصم الظهر، وهكذا ظلت المراكز الصيفية عبارة عن مظاهر وروتين وطمبحة وتلفاز وزيارات للمسؤولين، لكن الحصيلة، لا شيء، والفترة الزمنية تتغير من شهر إلى نصف إلى أسبوع وتلهف الفلوس ويتقاسمها ضعفاء النفوس ويسيطر المركز (الوزارة) على كل شيء.. وحتى المخصصات لا تأتي إلا بالشكا والبكا والنرفزة والصياح واللياح.. وهذا كله يحول العمل إلى غابة ونزاع حيواني ليس إلا.
إن المراكز الصيفية التي هي اليوم شكل لا محتوى، كان الأجدر بها بعد التغير هذه أن تعود قواعدها للتربية لكي تشرع في تنفيذها بما كان سابقاً لتنمي وتغذي العقول وترعى المواهب التي من ضمنها (كرة القدم وشبيهاتها) لكن الأمل تلاشى ولم نجد إلا فساداً مضاعفاً.. وسيطرة تزكم الأنوف من رائحتها الفائحة هنا وهناك.
لقد تحولت الملايين المرصودة للمراكز الصيفية لجيوب الجشعين وجيش ممن يرون أنفسهم أوصياء على الشباب والطلاب وعلى الوطن نفسه، ولو نظرنا إلى الإعلام الذي يهتم بهذه المراكز، فإن (الإعلام التربوي) مغيب تماماً، وتسند المهام للإعلام الرسمي الذي يكتفي بأي مبالغ لقاء التغطيات، لكن الجهة الرئيسية المخولة، مهملة وكأنها ليس لها دور وهذا يعود لعدة أمور من أهمها تساهل القائمين في التربية والشباب ومكاتبها في المحافظات، وقد كنا نظن أن تغييراً سيطرأ، وكله بسبب الفلوس، وعندما تكون الفلوس هي المبتغى، تضيع أية فرص لإحقاق الحقوق وإحراز مكاسب للأجيال.. وهلم جرا.
اليوم لا وجود لمراكز صيفية إلا بشكل انتقائي وبهدوء وسكينة تتم ممارسة بعض النشاطات، لكن المعهود منه في سنوات سالفة قد ضاع وضاع صناعه وسيطر الناس الموالون على كل المواقع.. ومن لديه نقد أو رأي يتم استثناؤه، بل ويعتبرونه معادياً.. حتى لو كان من أقرب الأقربين..!
مراكز صيفية تصرف عليها الملايين، ومرضى السرطان من أحباب الله نبحث لهم عن تبرعات والكهرباء تضاعف الأمراض بل وتساعد على الوفاة.. فلم لا تحول هذه الملايين التي تصرف هدراً على الأصحاء، ليتم رصدها للمرضى المحتاجين، وهل لو أجلنا المراكز الصيفية سنة أو سنتين ستنطبق السماء على الأرض؟!.
نسأل الله العافية للجميع، ونحذر الوزارتين من لغة المظلومين وانتقامهم فلتتجه كل الأنظار لدعم المرضى المحتاجين (سرطان - قلب - سكري .. إلخ).. وهي مهمة رئيس الدولة التوافقي ورئيس حكومة الوفاق..
ورمضان كريم ونسأله اللطف بالعباد.. آمين اللهم آمين.
مراكز صيفية .. يعلم الله !
أخبار متعلقة