ما يدور في اليمن وما هو حاصل في صنعاء من قبل جماعة (الحوثي) من أعمال مرفوضة بغطاء مطلبي جوهر أهدافهِ طائفية ومذهبية.،يضع الكثيرين من أبناء الشعب اليمني هذا الزيف الفاضح وما ترفعه وتروج له جماعة (الحوثي) علناً لن يُقنع العالم اليوم دون التنبه إلى خفاياه وأبعاده ، بعد ان عرف المجتمع الدولي جيداً حقيقة الاوضاع وطبيعة التيارات السياسية وأجنحتها المسلحة في اليمن.فالديمقراطية هي سلوك نقيض لسلوك العنف والاقتتال لدى هذا المكون أو ذاك لسعياً لتحقيق أية أهداف سياسية أو مطامع ومصالح أخرى ، وحين تمارس هذه الجماعة أو أي تيار سياسي آخر القيام بأعمال العنف والإرهاب والاحتماء بالديمقراطية في آن واحد، لإضفاء الشرعية الزائفة على اهدافها الخفية بجر الشارع إلى صفها، فأنها ترتكب جريمة سياسية بحق الشعب ، وهذا ما ينطبق على تصرفات وأعمال جماعة (الحوثي) في صنعاء التي أصبحت تشكل خطراً في كلا الحالتين بانتهاجها العنف أو استغلالها الفضاء الديمقراطي أو الاثنان معاً لتحقيق مكاسب سياسية ومذهبية ظاهرة وباطنه ستكشفها الوقائع عاجلاً أم آجلاً.إن « التعصب « السياسي و المذهبي و القبلي ، وغياب مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة في تعامل اليمنيين مع بعضهم البعض هو من أخطر التحديات التي تواجه اليمن.. ولو عمل اليمنيين بمبدأ « القبول بالآخر « وتمسكوا به كمبدأ لضمان مشاركتهم السياسية في إدارة شؤون بلدهم وضمان التعايش السلمي بين كل الأطياف السياسية والمذهبية والقبلية، والتخلي عن سلوك إقصاء وتهميش الآخر والتسلط العصبوي، تحت معتقدات مذهبية واجتماعية وقبلية غير صحيحة، لأنتجوا بذلك قاعدة متينة وصلبة تؤسس لانطلاقة صحيحة وثابتة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تكاد تكون الانجاز الوحيد والقاسم المشترك لمعظم القوى والتيارات السياسية والدينية والقبلية في الشمال، والممكن اقناع الجنوبيين بالقبول بها، إذا حظوا بالاهتمام والاستماع لملاحظاتهم المشروعة حولها، فغياب مبدأ « عدم القبول بالآخر « هو التحدي الذي لايزال يتسبب في هشاشة تلك التيارات وجعلها تتربص بالآخر عن طريق امساك يدها بالديمقراطية الزائفة وتصدير العنف باليد الأخرى.فارتداء جماعة (الحوثي) فجأةً لثوب الديمقراطية هو أشارة واضحة وإنذار خطير ليس لليمن، بل لدول الخليج التي لم تتنبه إلى مآلات وخطورة الصراع في اليمن، عند توقيع المبادرة الخليجية ، ولم تستشعر الخطر الذي يمكن ان يطولها وعلى رأسها « المملكة العربية السعودية « من استخدام جماعة الحوثي للديمقراطية(الشكلية) في هذه الدولة الفقيرة، وما ستحققه من مكاسب سياسية قد تفوق اضعاف ما حققته عن طريق العنف والقتال.و ما يثير المخاوف من الوضع الراهن في اليمن هو إصرار جماعة (الحوثي) على إبقاء وضعها كمكون جامع بكل اجنحته السياسية والمذهبية والعسكرية، كاستنساخ منقول من نموذج «حزب الله «بلبنان، و يمكن أن تزداد خطورته مستقبلاً لتهديد الأمن المحلي والإقليمي والدولي إذا استمر ينتهج الديمقراطية والعنف معاً ليستخدم كلا ًمنهما متى ما استدعته الظروف، كما هو حاصل حالياً في صنعاء «يد على الحوار وأخرى على الزناد» أو مايمكن أن يطلق عليه ديمقراطية الحوثي بنكهة السلاح . وبصرف النظر عن ما ستسفر عنه الجهود والحوارات بين الدولة وجماعة (الحوثي) التي تستبق جلسة مجلس الأمن الدولي لنزع فتيل التوتر الحاصل في صنعاء، وما ستخرج بهِ من نتائج أو اجراءات رادعة، إلا إن مخاوف المراقبين ستظل قائمة مما سيترتب مستقبلاً من أمتلاك هذه الجماعة «للسلاح» و استمرارها القيام بالكثير من الاعمال والأنشطة المشبوهة للحصول على السلاح، وتكريسها لثقافة العنف في اوساط المجتمع والاحتماء بالديمقراطية والحوار ، والتي لا نستبعد اقدامها على تحويل مليشياتها المسلحة إلى جناح مسلح (خفي) لها مستقبلاً ، كما هو حاصل من المليشيات المحسوبة على بعض التيارات السياسية ، كأدوات ضاغطة، تحركها متى ما رغبت للضغط على الخصوم، بعد بروز بعض المؤشرات التي تعزز خطورة هذه المخاوف على التسوية السياسية برمتها وعلى مستقبل تنفيذ مخرجات الحوار اليمني وعلى الأمن الإقليمي والدولي ، لا سيما بعد إعلان (طهران) موقفها العلني - بأنها تدعم المسارات السياسية في اليمن ووصفها لمظاهرات الحوثيين بالمطالب الشعبية المشروعة، وسيتحول دعمها وتشجيعها لهذه الاعمال لتحقيق الأهداف الظاهرة والخفية بحجة أنها تدعم المطالب المشروعة الى خطر جديد، قد يجعلها مرجعية لها يدها الطولى في شؤون اليمن عبر هذه الجماعة.أخيراً فانهُ من حق جماعة الحوثي أن تحتمي بالديمقراطية وإن تمارسها سلوكًاً وعملاً في كل أنشطتها، لكن ينبغي عليها ان ترضخ لقواعد وأسس الديمقراطية الملزمة بالتعبير السلمي الدائم في نضالها، وان تتحول إلى حزب سياسي وتتخلى عن ثقافتها المذهبية المتطرفة وعن شعاراتها الزائفة، وان تقبل بالتعايش السلمي ، وعدم الاضرار بمصالح الوطن والجيران والشعوب، نتمنى أن لا تصبح الديمقراطية بالدعم (الايراني) جسر عبور آخر لتنشئة قوى مذهبية وإرهابية جديدة متسلحة في الجزيرة العربية. [c1] [email protected] [/c]
|
آراء
الحوثي .. وديمقراطية العنف
أخبار متعلقة