آخر كـلام
جاء بيان مجلس الأمن الدولي الصادر عن اجتماعه الجمعة معبرا بوضوح عن الموقف الدولي من المستجدات التي تشهدها البلاد بفعل قيام ميلشيات الحوثي بالسعي لمحاصرة العاصمة صنعاء وإسقاط حكومة الوفاق الوطني بل كانت لهجة البيان أكثر وضوحا إذ اتهمت الحوثيين صراحة بالعمل على "تقويض المرحلة الإنتقالية السياسية وكذا تقويض أمن اليمن" !! ، أي أن الأمر يتعدى السعي كجماعة تخطط لإسقاط الحكومة بل تقويض أمن اليمن والفرق هنا واضح. الحوثيون يجيدون - كما يعتقد البعض - اختلاق المبررات والذرائع لحروبهم وتمددهم المسلح في شمال الشمال، لكن ذلك لن يستمر طويلا، يحاصرون صنعاء اليوم بذريعة رفضهم تحرير أسعار المشتقات، لكنهم حين أسقطوا عمران بالقوة وأخرجوها من تحت سلطة الدولة لم يكن هناك ثمة جرعة ولا مشتقات نفطية يتذرعون بها. بوصول تحركات وأطماع جماعة الحوثي إلى صنعاء ومحيطها بشكل مستفز، سقطت كل الذرائع الواهية وأدخلت الميلشيات نفسها في ورطة مواجهة واستعداء الجميع، ولم يكن أمامها ند أو خصم غير دولة يقف على رأسها رئيس حظي بشرعية انتخابية وتوافقية هو عبد ربه منصور هادي. الملاحظ في كل بيانات ووثائق المجتمع الدولي تجاه اليمن منذ 2012 أنه يكرر عبارة تنص على أن المجتمع الدولي "يدعم جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي"!!. هذه العبارة لم يكررها المجتمع الدولي من فراغ بل هي نابعة من إدراك وقناعة المجتمع الدولي بأهمية الشرعية القانونية ﻷي نظام وبلد وبالنسبة لحالة اليمن فإن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية - التي صاغها مجلس الأمن - والعملية السياسية التوافقية هي التي منحت النظام السياسي شرعيته ممثلا بالرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني.تنبع أهمية ما يصدر عن مجلس اﻷمن والمجتمع الدولي تجاه اليمن من قرارات من كون هذه الأطراف شاركت في صياغة وتنفيذ الانتقال السياسي الذي شهدته البلاد وبتوافق مختلف الأطراف الحاضرة في المعادلة السياسية اليمنية. صحيح أن جماعة الحوثي لم تكن طرفاً موقعاً على المبادرة الخليجية لكنها اعترفت ضمنا وتصريحا بالآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية واستقبل قادتها وزاروا وتبادلوا المعلومات والتنسيق مع المبعوث الاممي جمال بنعمر وهو نفس الشخص الذي قدم التقرير يوم أمس للمجلس الأممي. وصحيح أيضاً أن جماعة الحوثي كانت الطرف الوحيد الذي رفض التوافق على انتخاب الرئيس هادي في 2012م، لكن موقفها المعارض - ولو أنها معارضة مسلحة - آنذاك لم يرق للتاثير على الانتخابات كما أنها لاحقا أكدت مراراً اعترافها بشرعية رئيس الجمهورية وتعاملت معه كرئيس للبلاد أو لمؤتمر الحوار وما انبثق عنه من قرارات وهيئات، ولا تستطيع تقديم نفسها اليوم كطرف غير معني أو محايد. المجتمع الدولي حين يجدد دعمه لشرعية رئيس الجمهورية فإنه يكتفي بالقول أن هذا موقفنا ويتشكل الموقف الفعلي لحل قضايا اليمن من خلال الواقع العملي الذي تمارسه السلطات اليمنية وحدها كون ذلك يخص اليمنيين دون سواهم مستمدة شرعية تصرفاتها من الشرعية القانونية والتوافقية التي تستند عليها، ومن الشرعية الشعبية المساندة والتي بدأت تتضح عبر مواقف القوى السياسية التي أدانت العنف وتهديد البلاد وأعلنت مساندتها للرئاسة وقرارتها وكذا التحرك الشعبي الواسع الذي شهدته وتشهده المحافظات تلبية لدعوة رئيس الجمهورية إلى الاصطفاف الوطني. . ربط بيان مجلس الأمن الصادر أمس حديثه عن القاعدة والحوثيين كجماعات تهدد البلاد وتخل بأمن اليمن كان واضحاً بل ابتدأ البيان بتناول تهديدات الحوثيين لأمن اليمن، وأفرد لها حيزاً كبيراً كونها الأكثر حضوراً في هذه اللحظة ثم انتقل للحديث عن جماعة القاعدة التي توافق المجتمع الدولي على اعتبارها جماعة ارهابية تهدد الامن والسلم العالمي ومدرجة على قوائم العقوبات والملاحقات، وهذا الربط يكشف خطورة ما تمثله جماعة الحوثي من تهديد وقناعة المجتمع الدولي بضرورة ادراك حجم هذا التهديد. المجتمع الدولي بالطبع يراقب الوضع في اليمن منذ 2011 ويدرك أن الحوار الوطني كان محطة مهمة في تاريخ البلاد ومخرجاتها هي قرارات يجب تنفيذها والتزم الجميع بذلك. ولذا نجد أن مجلس الأمن ركز بدقة على أعمال الحوثيين وممارساتهم التي لم يشملها نقاش مؤتمر الحوار الوطني باعتبارها انقلاباً عليه والتي حددها بالتالي :أ) سحب قواتهم من عمران وإعادة عمران إلى سيطرة الحكومة اليمنية..ب) وقف كافة الاعمال العدائية المسلحة ضد الحكومة اليمنية في الجوف.ت) إزالة كافة المخيمات وتفكيك نقاط التفتيش التي أقاموها في صنعاء وضواحيها .الكرة في ملعب الحوثي وبإمكانه أن يتدارك نفسه، فيما تتوسع مع مرور كل يوم مساحة المساندة والدعم لفخامة رئيس الجمهورية شعبيا ورسميا وإقليميا ودوليا لاتخاذ ما يجب لحماية البلاد ومواجهة التهديدات التي تحاصر المواطنين.