«حماس انتصرت» هكذا عنونت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مانشيت عريض في صفحتها الأولى من عدد الأربعاء الماضي .ليس هذا فقط بل ان «غيورا آيلند» اللواء المتقاعد في جيش الاحتلال يقول في مقابلة اجرتها معه صحيفة «يديعوت احرنوت» العبرية ان حماس لديها جيش قوي ونوعي وقادر على الانتصار .اسرائيل ثارت براكينها في وجه قيادتها .. وغضبت للانسحاب المعلن ، والهزيمة النكراء للإسرائيليين. وحدوث خسائر كبيرة بشرية ومادية .. بل ان إعلان الحرب مسبقاً على القطاع ؛ كانت خطوة غير مدروسة وغير مضمونة النتائج ؛ وليس لها أي أساس على التعمق اكثر ، وشن هجوم عنيف من مختلف الجوانب على غزة .الهدنة التي حدثت والتي قُدمت على طبق من ذهب لطرف الخصم لغزة .. جاءت كمخرج لإنقاذ الجيش الاسرائيلي من هاوية السقوط. وانهيار البنية الجسدية امام ما يحدث من صمود ، ومقاومة في القطاع .. حتى ان بينيامين نتنياهو خلق مبررات لذلك .. كي يضع لنفسه مخرجاً من النفق الذي تعمَّق وانحدر فيه بأسلوب جيد ومقبول . والرجوع من الحرب على اساس صياغتها بقواعد .. الهدف منها هدم وتحطيم نمط معين من القطاع وهو الانفاق المزروعة تحت الأرض .. وهو ما كذبه معظم الجنرالات والضباط في الجيش والصحافة .. بل ان نسبة 50% من الاسرائيليين يقولون ان حماس انتصرت في المعركة وان اسرائيل لم تحقق أي هدف حسب استطلاع صحيفة عبرية.نتنياهو وبخيبة امل ادرك حتماً انه ليس بإمكانه القضاء على المقاومة في غزة. ولا خيار امامه سوى الانسحاب بأي طريقة في ظل حسابات وخطوات خاطئة غير مدروسة في قرع طبول الحرب أدت الى الفشل ، وتشويه صورة اسرائيل وقيادتها في العالم. وشعر بالخوف والقلق وهو يشاهد آلاف الصواريخ تتساقط مطراً على تل ابيب وضواحيها ، وذهول من صمود المقاومة وثبات رجالها ، ويتألم وهو ينظر الى جنوده وهم يتساقطون كرموش الطير على الأرض .. وينغرس في كاهله الم وهو يلتفت الى سكان اسرائيل وهم نازحون ، تاركين خلفهم منازل خاوية .. فارغة .. قد سكنها الخوف .. وأصابها بعض من شظايا الصواريخ القادمة من القطاع .لقد اثبتت المقاومة وجودها الصارم ، وعزمها الثابت ، وصمودها القوي في أرض المعركة .. دون أي تأثير سياسي رغم العروض الهائلة ، والوفود الدولية المتفاوتة لقبول ذلك .وهذا ما أهَّلها لتأسيس جيش قوي ، وحماية قصوى ، وبنية جسدية ، ورجال أبطال .. جاهزة لمواجهة العدو ، ومقاومته في احلك الظروف . وقادرة على الانتصار متى صح عزمها .غزة انتصرت برجالها ، وجهودها .. بصمودها ، وثباتها .. بهمتها الصلبة ، وقوتها الجبارة .. في دحر العدو . وشل حركته ، وامتصاص امكانياته ، وحرق شباك قوته ، وقص نفوذه واذرعه غزة انتصرت بمفردها .. غزة انتصرت لأنها سلكت طريق المقاومة والصمود دون سواهما . واختارت العبور على جسر الايمان بالله تعالى والثبات بنهجه، والحكم بدستوره ، وقوته المسنودة الى قوة وثبات المقاومة. وشد الجهود ، وتكاتف الابطال .. للوصول الى نقطة النصر. ودحر العدو من أرض الديار .غزة انتصرت للعروبة .. واسترجعت كرامة الانسان المسلوبة ، وقطعت شريط التهاون والانتهاك الانساني المنحدرة ، وحررت أرضها من سلاسل الاحتلال الظلامية المقيدة .غزة انتصرت رغم أنف الجميع ، رغم السكوت المخزي الفظيع، رغم الخذلان العربي المُمِيت ، رغم التحالف مع العدو الخبيث، رغم غفلة النسيان وعدم النظر الى الطفل البريء ، رغم غياب التلاحم الاخوي ؛ ودفن شيء اسمه الضمير .هكذا استطاعت غزة ان تزرع مجد صمودها ، وتخلق شمس حضارتها ، وتُنير مصابيح ضيائها ، وتصنع معجزة عظيمة قلَّ ما وجدت في عالمنا اليوم وحاضرنا المعاصر . واستطاعت ان تُحدث نقلة نوعية في تلمس الواقع .. والتحول من نقطة الدفاع للهجوم .. ومن تلقي ضربات الهزيمة الى تحقيق درجات النصر .لقد جعلت غزة من نفسها قيادة رشيدة ، وإدارة حكيمة ، واتخذت منهما مكانة عالية ، وتحولت الى اسطورة عالمية ، وقوة لا يستهان بها .. اذهلت العالم بصلابتها الفولاذية .أجبرَ رجال المقاومة الجيش الاسرائيلي على الانسحاب والهروب من غزة. وتركوا وراءهم علامات استفهام كثيرة. تبحث عن أجوبة واستفسارات عديدة لا هروب منها .. عن قتل للأبرياء والأطفال ، ودمار وخراب للمباني والأحياء .. دون تحقيق هدف ظاهر على السطح ، وملموس على ارض الواقع. فقط سقوط وجه اسرائيل. وانعكاس سلبيات قوتها الضعيفة التي تتظاهر وتتفاخر بها امام اهالي غزة والضفة الغربية .لقد لقَّنتْ المقاومة في غزة اسرائيل درساً قاسياً لن تنساه ابداً ؛ في الكفاح والصمود .. واثبات هوية العزيمة والإصرار ، وإبراز روح القتال ، وعدم الخضوع لأي مطلب تحت أي ظرف يتسبب بشنق حبل مطلب هام ، وقضية وطنية بحجم امة .ستظل هزيمة وانكسار اسرائيل رغم تجدد القصف على القطاع بعد الهدنة .. لعنة في جبين اسرائيل ، وكابوساً مرعباً سيلاحق السلطة الاسرائيلية فترة طويلة من الزمن .. وسيكون انتصار المقاومة حديث الساعة المتداول بين حين وآخر على لسان الشارع .. وستُحرك عقارب الزمن سلسلة احداث ستبثها الأيام.. وستُخلد في دفتر الذكريات . وستضع توقيعاً خالداً ، ورمزاً بطولياً في ذاكرة التاريخ ؛ وسجل الأبطال !
|
آراء
غزة انتصرت وإسرائيل انكسرت
أخبار متعلقة